قال البنك الدولي في تقرير حديث له، صدر الأسبوع الجاري، إن المغرب استفاد من أزمة فيروس كورونا المستجد من خلال تحويلها إلى فرصة لإطلاق برنامج طموح للإصلاحات التحولية. وذكر البنك، في التقرير نصف السنوي لمتابعة الوضعية الاقتصادية للمغرب بعنوان: "خلق زخم للإصلاح"، أنه بعد قيام المغرب بالجهود الأولى للتخفيف من الآثار المباشرة للوباء على الأسر والشركات، سارع إلى إطلاق سياسات لتصحيح التفاوتات والتغلب على بعض العقبات الهيكلية التي حدت من أداء الاقتصاد الوطني في الماضي. ويقوم برنامج الإصلاح الذي اعتمده المغرب على ركائز عدة، تتمثل في إنشاء صندوق استثمار استراتيجي باسم محمد السادس لدعم القطاع الخاص، وإصلاح إطار الحماية الاجتماعية لتعزيز رأس المال البشري، وإعادة هيكلة المؤسسات والمقاولات العمومية. كما تم الإعلان عن نموذج تنموي جديد يركز على التنمية البشري والمساواة بين الجنسين، وتشجيع ريادة الأعمال الخاصة وتحفيز التنافسية. وقال خبراء البنك الدولي في التقرير: "إذا نجح المغرب في تنفيذ هذا البرنامج، سيدخل مسار نمو أقوى وأكثر إنصافا، وهناك قنوات مختلفة يمكن من خلالها للإصلاحات أن تزيد من إمكانيات النمو الاقتصادي، على رأسها زيادة التنافسية في السوق، وعقلنة دور المقاولات العمومية في الاقتصاد، وإتاحة الفرصة للمقاولات الخاصة للوصول إلى الأسواق وتحقيق النمو وخلق فرص العمل". وجاء في التقرير أن القطاع الخاص في المملكة يمكن أن يستفيد بشكل أكبر من المخزون الكبير من رأس المال المادي المتراكم على مدى العقود الماضية، وبالتالي زيادة مكاسب النمو في البنية التحتية القائمة. وركز البنك الدولي في تحليله للوضعية الاقتصادية في المغرب، على أهمية تسريع وتيرة تكوين رأس المال البشري للسماح لمزيد من المواطنين المغاربة بتحقيق إمكانياتهم الإنتاجية، وبالتالي رفع مستويات المعيشة وتسريع النمو الاقتصادي. ووفق تحليل البنك الدولي، ف "على المدى القصير، قد يكون الانتعاش الاقتصادي تدريجيا وغير منتظم، وعلى الرغم من انتعاش النشاط الاقتصادي المرتقب في الفصل الثاني من السنة الجارية، فإن سنة 2020 انتهت على وقع أكبر ركود اقتصادي على الإطلاق". وتوقعت المؤسسة المالية الدولية أن ينمو إجمالي الناتج المحلي بالمغرب بنسبة 4,6 في المائة خلال السنة الجارية، مدعوما بالأداء الجيد للقطاع الفلاحي والانتعاش الجزئي للقطاعين الثاني والثالث. وأوضح خبراء البنك الدولي أنه "في هذا السيناريو المرجعي، لن يعود نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى مستواه قبل وباء كورونا حتى عام سنة 2022". ووقف التقرير على تخفيف الأثر الاجتماعي والاقتصادي للأزمة بشكل جزئي من خلال الدعم المالي الذي قدمته للسلطات للأسر في فترة الحجر الصحي العام الماضي. ورغم ذلك، ازداد معدل انتشار الفقر بعد عدة سنوات من التقدم الاجتماعي المستمرة، ولا يتوقع أن يعود إلى مستويات ما قبل الجائحة إلا في سنة 2023. ولاحظ التقرير أن "من خصوصيات الحالة المغربية، أن تدابير التخفيف من آثار أزمة كورونا التي اتخذتها السلطات نجحت في امتصاص الانخفاض الذي كان يهدد مداخيل جزء كبير من الأسر الفقيرة، وبالتالي تم تجنب حدوث زيادة كبيرة في نسبة الفقر". ودعا البنك الدولي المغرب إلى معالجة التحديات طويلة الأمد التي يتميز بها سوق الشغل، والتي تتمثل في قدرته غير الكافية على خلق وظائف جديدة حتى في ظل النمو الاقتصادي، إضافة إلى ضعف النشاط، خاصة بين الشباب والإناث، والانخفاض غير الكافي للأنشطة غير المهيكلة.