اعتبر البنك الدولي أن المغرب برز كدولة استفادت من أزمة كوفيد – 19 لتحويلها إلى فرصة وإطلاق برنامج طموح للإصلاحات الهيكلية. وأوضح خافيير دياز كاسو، كبير الاقتصاديين في البنك الدولي تقرير حول «إطلاق زخم للإصلاح» يتناول تطورات الأوضاع الاقتصادية أنه «بعد جهوده الأولى للتخفيف من الآثار المباشرة للوباء على الأسر والمقاولات، أطلق المغرب سياسات مختلفة لتصحيح الاختلالات التي طال أمدها والتغلب على بعض العقبات الهيكلية التي حدت من أداء الاقتصاد في الماضي.» ومن بين هذه التدابير التي اتخذها المغرب ذكر التقرير بإنشاء صندوق استثماري استراتيجي (صندوق محمد السادس) لدعم القطاع الخاص. وإصلاح إطار الحماية الاجتماعية لتعزيز رأس المال البشري. وإعادة هيكلة الشبكة الواسعة للمؤسسات العمومية المغربية. بالإضافة إلى ذلك، كشفت الحكومة عن الخطوط العريضة لنموذج جديد يركز على التنمية البشرية والمساواة بين الجنسين، مع إعادة توحيد الجهود لتشجيع ريادة الأعمال الخاصة وتعزيز القدرة التنافسية. وزيادة فرص النمو الاقتصادي. ويعتبر البنك أنه إذا نجح المغرب في تنفيذها، فقد تؤدي هذه الإصلاحات إلى مسار نمو أقوى وأكثر إنصافًا. حيث هناك قنوات مختلفة يمكن من خلالها لهذه الإصلاحات أن تزيد من إمكانات نمو الاقتصاد المغربي وذلك من خلال زيادة المنافسة في السوق، وتعزيز المنافسة وتبسيط دور المؤسسات العمومية في الاقتصاد، ويمكن لعدد متزايد من المؤسسات الخاصة الوصول إلى الأسواق والنمو وخلق فرص الشغل؛ كما يمكن لقطاع خاص أكثر ديناميكية أن يستخدم بشكل أفضل المخزون الكبير من رأس المال المادي المتراكم على مدى العقود الماضية ، وبالتالي زيادة المكاسب من حيث نمو البنية التحتية القائمة، والتي كان أداؤها مخيبا للآمال حتى الآن. ويرى خبير البنك الدولي أن تسريع وتيرة تكوين رأس المال البشري يمكن أن يسمح لمزيد من المواطنين المغاربة بتحقيق إمكاناتهم الإنتاجية، مما سيساعد على رفع مستويات المعيشة وتسريع النمو الاقتصادي. غير أنه على المدى القصير، فإن الانتعاش الاقتصادي قد يكون تدريجيا وغير منتظم. وذلك على الرغم من انتعاش النشاط في النصف الثاني من العام، علما بأن عام 2020 انتهى بتسجيل أكبر ركود اقتصادي على الإطلاق. وتوقع البنك الدولي أن ينتعش نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 4.6٪ في عام 2021، مدعومًا بالأداء الجيد للقطاع الزراعي والانتعاش الجزئي للقطاعين الثانوي والثالثي. في هذا السيناريو الأساسي، لن يعود الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى مستواه السابق للوباء حتى عام 2022 وستكون الخسارة التراكمية للإنتاج الناجمة عن الأزمة كبيرة. بالإضافة إلى ذلك، لا يزال ميزان المخاطر هو الأكثر ترجيحا، نظرا للانتشار العالمي لمتحورات فيروس كورونا الجديدة والأكثر عدوى ، وقيود العرض التي تؤثر على حملة التلقيح في المغرب ومواطن الضعف المالية الكلية الناجمة عن الأزمة. وقد تم تخفيف الأثر الاجتماعي والاقتصادي الكبير والمتفاوت للأزمة جزئيا من خلال برامج التحويلات النقدية الكبيرة التي تم وضعها خلال فترة الحجر الصحي. واعتبر خبير البنك الدولي أنه في المغرب كما في أي مكان آخر، كانت الفئات الأشد فقراً من السكان أكثر تعرضاً للعواقب الصحية والاقتصادية للوباء. ونتيجة لذلك، ازداد معدل انتشار الفقر بعد عدة سنوات من التقدم الاجتماعي المستمر، ولا يُتوقع أن يعود إلى مستويات ما قبل الجائحة حتى عام 2023. ومع ذلك، فإن خصوصية الحالة المغربية تتمثل في أن تدابير التخفيف التي اتخذتها السلطات نجحت في التخفيف من حدة الفقر. وتفادي انخفاض الدخل الذي كان سيعاني منه جزء كبير من أفقر الأسر (الرسمية وغير الرسمية)، وبالتالي منع زيادة أكبر في الفقر.