لا ننوي الاغراق في تفاصيل أبعاد الدبلوماسية المغربية، لترسيخ المكانة الدولية للمغرب، كقطب جهوي فاعل في محيطه وفضاءاته، المغاربية والعربية والاسلامية والأرو-متوسطية والافريقية والأمريكية، وذلك ،مما لا يتسع المقام لاستحضاره، حيث الغرض، هو بيان اختلاف الدبلوماسية الملكية مع نظيرتها الحكومية، في موضوع استراتيجي، يتعلق الأمر تحديدا، بموقف حزب العدالة والتنمية الحاكم، من أحداث مصر وعزل رئيسها ، محمد مرسي، من طرف الجيش، بطلب الشعب الثائر عليه. بعث الملك محمد السادس، برقية تهنئة إلى الرئيس المؤقت لجمهورية مصر، عدلي منصور، وهو حقه الدستوري، لادارة السياسة الخارجية للمغرب، بعيدا عن الوزارة الوصية، التي يتحمل مسؤوليتها الوزير الاسلامي سعد الدين العثماني.هذا الأخير الذي تتقادفه الأدوار الحكومية والحزبية المتناقضة. التناقض والتباين بين موقف الحزب، الذي يتزعم مجلسه الوطني سعد الدين العثماني، وموقف وزارته الملتبس. ماذا يعني هذا التصرف الغريب؟ أجوبة كثيرة محتملة، أهمها، أن هناك خللا في تدبير الشأن الدبلوماسي بين ملك المغرب ورئيس وزارة خارجيته وحزبه، في منطقة حساسة وأطراف نافذة، في أحداث مصر.نخص بالذكر منها، المملكة السعودية والامارات والكويت وقطر . اذ، تعد الشراكة الاستثنائية المربحة للطرفين، التي تجمع المغرب ببلدان الخليج، التي أرسى قواعدها الملك محمد السادس، والتي تم في إطارها التوقيع على اتفاقيات ومذكرة تفاهم، تهم هبات لفائدة بلدنا المتأزم، تقدر بملايير الدولارات .وهي مناسبة لاستحضار دعوة مجلس التعاون الخليجي المنعقد بالرياض يوم 10ماي 2011 لكل من المغرب والأردن للإنضمام لعضويته، واعتبارها ،مكسبا للمغرب ودبلوماسيته الملكية الاستباقية . صراع المشروعيات ومواقف دبلوماسية شاذة مفارقة مثيرة تعكس طبيعة السياسة في المغرب، وصراع مشروعياتها ودبلوماسياتها الشاذة، فالحزب الذي ينتمي الدكتور سعد الدين العثماني إلى قيادته، بل ويرأس مجلسه الوطني، أعلن موقفا مخالفا للموقف الذي أعلنه سعد الدين العثماني وزير الخارجية نفسه و الأخطر،مخالف لموقف الملك حسب ما جاء في برقية تهنئة جلالته للرئيس المصري المؤقت،. الثابت والمتغير في الدبلوماسية المغربية هناك العديد من القراءات ، يمكن أن نحلل بها هذه الوضعية الدبلوماسية الشاذة بين الملك والحزب السياسي الحاكم: لقد أوضحت برقية الملك للرئيس المصري المؤقت، بالملموس، أن المؤسسة الملكية تملك زمام القرار الدبلوماسي المغربي، وهذا أمر ثابت، بحكم طبيعة النظام المغربي، حيث يتطلع الملك بالدور التقريري في السياسة الخارجية للدولة وتحديد خياراتها الأساسية والإستراتيجية ، في إطار ما يعرف بالمجال المحفوظ.ولولاه،كانت الكارثة على مستوى علاقات المغرب مع دول الخليج وهباته السخية . مراجعات للحفاظ على أمن واستقرار المغرب من هنا كان السؤال، ماذا اذن، لو نجح الربيع العربي وحركة 20فبراير، في تغيير طبيعة نظام المغرب الى ملكية برلمانية؟ ألم يكن في أقل التقادير، أن المغرب كان سيصبح تحث حكم الدكتورمحمد بديع، مرشد الاخوان المسلمين،بسبب ولاء فرع اخوان المغرب له ،وبالتالي يدخل بلدنا في نفق التوتر ومنطقة الاضطرابات على غرار ما يجري بمصر وتونس وتركيا وليبيا .وليس مستبعدا أن تتطور الأوضاع نحو النمودج السوري، بحكم خصوصيات وطننا وتجاربه التاريخية،خاصة الارهابية الاسلامية منها. *دبلوماسي سابق