صمت مع السعودية شهر رمضان 2001 ، و كان سبب صيامي تأثري البالغ بخال لي " سلفي " التدين، حيث ارتضى منذ سنوات الصيام مع السعودية معتقدا أنه يوحد الصيام مع جماعة المسلمين ، و الحقيقة أن كل ما في الأمر أن الإنسان المسلم مشدود إلى تلك الرحاب المقدسة في مكةالمكرمة، وأن كل ما هو آت من هذه البقاع تتلقاه القلوب و العقول بالقبول و خصوصا ما له علاقة التدين ، فلا يصح عند مثل هذه العقول مخالفة تدين السعوديين في شيء و لو كان هذا التدين له علاقة بالعادات و الأعراف فقط ، و أما ما له ارتباط بالفروع الفقهية المتعلقة بالصلاة و صيام و ما إلى غير ذلك ، فهذا لا يجوز بحال أن تأخذ بغير الآراء الفقهية للعالمين الجليلين ابن باز و العثيمين رحمهما الله، اللذان لهما الأثر البالغ في توجيه تدين الناس، خصوصا المقبيلن بحماسة على التدين ، إذ يشتغل دهنهم بالبحث عن أسئلة تواجههم في الحين ، كالأسئلة المتعلقة بالإسبال و اللحية و النقاب و التصوير ، فيجدون بالقرب من مسجد حيهم فتاوى في هكذا أسئلة ، مما يعزز حضور علماء السعودية لدى عقول الشباب، فيحضون بالاحترام و التقدير و التعظيم لقربهم من همومهم التدينية ، وينعكس ذلك بالسلب على علماء المغرب ، فيسلبهم هؤلاء الشباب الثقة في علمهم و في كل ما يصدر عنهم و يصفونهم بالاقتراب من نعمة السلطان، أما الانفتاح على الشباب و الناس بالأشرطة السمعية و الأشرطة المضغوطة و كتيبات الجيب المخصصة للفتوى فهذا في حكم الناذر بل المعدوم ، لكن في المقابل عملت السعودية على تصدير فتوى علمائها لتشمل كافة المعمور بلدانا إسلامية و غير إسلامية ، و وظفت جميع الوسائط التواصلية التي تقدم الخدمة السهلة القريبة . "" هذا في ما مضى ، و لك الآن أن تكتب في خانة البحث من غوغل " أحكام الصلاة " وسيفاجؤك غوغل بالكم الهائل لأحكام الصلاة على المذهب الحنبلي ، و كأن الشيخ غوغل حنبلي المذهب، و هذا مرده طبعا إلى الرعاية السامية للمملكة السعودية ، عكس ما نعيشه في المغرب ؛ المغاربة يعرفون العشارات من العلماء المشارقة ، لكن المشارقة لا يعرفون من يتلقد منصب رئيس المجلس الأعلى العلمي و لا الأمين العام للرابطة المحمدية ، فضلا عن علمائنا المتناثرين في المدن و القرى، وقدر لي ان حضرت لقاء خاصا مع الدكتور طارق السويدان وناقش هذه المساءلة وصرح أن المشارقة لا يعرفون علماء المغرب، وأرجع ذلك إلى أن الإعلام له دور كبير في التعريف و تقريب الناس من علمائهم . أتذكر كل هذا، لأخلص أن الشباب بصفة عامة و لو كان تدينه مرتبك ، يحب أن يسمع للعالم و خصوصا في بعض القضايا الفقهية الشائكة ، فإن كان علماء المغرب و دعاته لا يسمع لهم ركزا في مثل هذه القضايا، و علماء السعودية و المشارقة منهم يفيضون بالأراء و التوجيهات الفقهية و التربوية ، فإن صورة العالم و كل ما له علاقة بالدين و التدين خصوصا المرتبط بالسياسة الدينية الرسمية ، يفتقد الهيبة و الثقة و الاطمئنان له ، ولحد الساعة المغاربة لا زالوا يشكون في مسألة ثبوت الهلال لصيام رمضان ولا يحسون بالاطمئنان، مع العلم أن الدراسات العلمية تؤكد أن المغرب في منطقة تؤهله للرؤية الجيدة للهلال ، فالمغربي لا يستسيغ صيام ليبيا قبله بيومين، وصيام بعض الدول الإسلامية قبله بيوم ، و تكون النتيجة كما يتصورها أنه أفطر يومين دون أن يجد جوابا شافيا و مقنعا لا من علمائه و لا من وزارة الأوقاف ، و ليتحرر من وخز الضميري الديني يقرر الصيام مع السعودية باعتبارها أرض الحرم و المسجد النبوي و لا يأتي منها إلا الخير ، وإن صامت ليبيا بأربعة أيام قبله لأن على رأسها معمر القذافي ملك الملوك! صمت مع السعودية موحدا الصيام كما اعتقد ، لأني امتلأت في ما سبق بهكذا خواطر ، لكن كانت المفاجأة التي لن أنساها.. حل يوم اليعد ... في الصباح أفطرت على حليب و تمر ، و مكث في منزلي أشهد صلاة العيدين في السعودية على التلفاز ... أسرتي صائمة، و أهل الحي صائمون .. يا له من شعور صعب جدا ، عيدي انقلب إلى حزن و تألم ، و هنا أدركت الأبعاد الاجتماعية لرمضان و العيد تنعكس على أدنى نواة اجتماعية و هي الأسرة ، ما أجمل الإفطار يوم العيد مع أسرتك ، ثم تخرج للمصلى مع جماهير الناس ... طبعا أنا صائم مع بلدي هذا الشهر ، وأنت أيها المغربي المقيم في المغرب صائم مع بلدك ، أليس كذلك؟ مع السلامة [email protected]