البارحة ؛ مسجد حينا تزيي بلباسه الجديد ، زرابي حمراء، نقوش بديعة ، وكأن لسان حاله يقول : ها أنا لك أيها الزائر المصلي ، تهيأت لك بأبهى حلة و أجمل منظر ، فهل أنت مستعد لتكون من روادي طيلة هذا الشهر الفضيل ؟ "" مسجد حينا يعلم أن الصائمين يجتهدون في البحث عن المسجد الجميل ذا الزرابي المزركشة و الرائحة الطيبة و الفضاء الفسيح، كما أنهم يكونوا اشد بحثا عن إمام التراويح صاحب الصوت الشجي الندي الذي يدخل الخشوع على القلوب ، فتدمع العيون و تلين الأرواح ، كل هذا يعلمه مسجد حينا ، ولهذا الغرض ؛ يستعد لاستقبال التائبين الصائمين الركع السجود. كل واحد منا له قصص يتذكرها عن علاقته بالمساجد التي صلى فيها صلاة التراويح خلال شهر رمضان ، يتذكر آية أبكته ، وركعة أخجلته ، وسجدة قربته ، كما أنه يتذكر ليلة السابع و العشرين و ختم القرآن، العين أذرفت بسخاء دموع التوبة و الأوبة إلى الله ، يتذكر نحيب المصلين و دقات قلوبهم التي تكاد ان تنفلت من بين ضلوعهم ، و أمام باب المسجد يتذكر الألوف المؤلفة المنتشرة بالقرب من رحابه ، الذكور و الإناث ، الشيوخ و الأطفال ، الشباب و الكهول ، كل هذا نتذكره عند دخول شهر المغفرة و التوبة شهر رمضان .. أتذكر إمام حومتنا القديمة الملقب العلوي ، ذا البشرة السمراء ، و الوجه الحيي ، و الجلباب المتواضع، أتناول وجبة الفطور وبعدها مباشرة أسرع الخطا إلى المسجد ، هذا المسجد الذي لا يتسع إلا لخمسين مصليا في كل طابق من طوابقه الثلاثة ، إن أطلقت العنان للسانك لتتلذذ " بالحريرة" يكون مصيرك الذهاب للبحث عن الصلاة في مسجد آخر، و لهذا كنت مدركا لهذا المصير طيلة الشهر ، أما الذي جعلني أكون متحمسا و من أوائل زوار المسجد بالرغم من ضيقه الشديد ، هو صوت الإمام الرخيم و ذاكرته الحادة، تسمع للشيخ العلوي و كأنك تقرأ القرآن ببصرك لا تسمعه بأذنك ، يصور لك المشاهد صورة صورة ، كما أنك تظن أن العلوي يقرا القرآن من المصحف و ليس من ذاكرته ، بحق كانت أجواء رائعة ، و الأروع أن تسمع القرآن من هذا الشيخ مرتين و تختمه معه مرتين ، فيطبع قلبك بالقرآن ، و تحيا في رحاب الله... إلى هنا ؛ في اي المساجد ساصلي هذه السنة ؟ و من هو القارئ الذي سأستمع له خلال شهر ر مضان الأبرك ؟ أسأل الله أن يوفقني للصلاة في مسجد حينا الذي يقرب منزلنا بخطوات معدودة، وأن يبعد عني كل سفر يحول بيني وبين المسجد .. وأنت أيها القارئ، هل تفكر في المسجد الذي ستصلي فيه تراويح رمضان؟ مع السلامة