من المتوقع أن تنطلق المناقشة البرلمانية ، على مستوى لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب لمدارسة مشروع قانون رقم 12-15 يتعلق بالوقاية من الصيد غير القانوني وغير المصرح به وغير المنظم والقضاء عليه ويغير ويتمم بموجبه قانون 1973 المتعلق بتنظيم الصيد البحري، بعد المصادقة عليه في مجلس حكومي بتاريخ 28 مارس 2013 وإيداعه بمجلس النواب بتاريخ 22 ماي 2013، وبذلك يدخل النص التشريعي الفريد لقطاع الصيد البحري الوارد في المخطط التشريعي للحكومة مسطرته التشريعية العادية، بعد عبوره مخاض مرحلته التحضيرية والاستشارية منذ دخول القانون الأوربي الذي تم بموجبه المصادقة على المعاهدة الدولية لمحاربة الصيد المحظور ودخول الاتفاقية التي أقرتها منظمة الأغذية والزراعة، التابعة للأمم المتحدة،حيز التنفيذ وانخراط المغرب في تطبيق مقتضياتها وملائمة تشريعه الوطني معها باعتباره مصدرا مهما للإتحاد الأوربي الذي انخرط فيها وفرض إلزامية الإدلاء بشهادة مصدر المصطادات البحرية المغربية. ويمكن اعتبار هذا المشروع أحد أهم المخرجات التي ترتبت عن التشخيص الإستراتيجي لقطاع الصيد البحري ورصد بعض إشكالاته المرتبطة بمجال المراقبة في أفق تحديث و تأهيل المنظومة القانونية الكفيلة بدعم ديمومة ونجاعة وتنافسية ثروتنا السمكية الوطنية والمحافظة عليها . القسم الأول: عرض إجمالي لمقتضيات مشروع قانون محاربة الصيد لمحظور يضع مشروع قانون 12-15 نظام تشريعي لتتبع منتجات الصيد البحري في جميع المراحل ومحاربة الصيد المنافي للسيادة المغربية مع وضع وتعزيز القواعد التشريعية لمحاربة المخالف لقانون الصيد البحري. ويحدد القسم الأول من المشروع الجديد القواعد الملزمة لسفن الصيد الأجنبية لتفريغ منتجاتها البحرية بالموانئ المغربية أو مسافنتها كما يضع شروط احترازية لمنع تسويق منتجات بحرية بالمغرب خارج نطاق الصيد القانوني والمصرح به والمنظم كما يتضمن ستة أبواب تستوعب أربعة وثلاثون مادة ، يمكن إجمال أهم مقتضياتها القانونية في تحديد تعريف قانوني للصيد غير القانوني بما هو صيد بدون ترخيص أو بدون احترام المقتضيات القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل في مجال الصيد البحري وللصيد غير المصرح به بما هو عدم تصريح آو تصريح كاذب بالمصطادات البحرية وللصيد غير المنظم بما هو صيد من طرف سفن بدون علم أو بعلم غير قانوني. ليتم تبعا لذلك منع استيراد وتسويق وتصدير منتجات الصيد البحري المحظور ومنع عمليات المسافنة وتبادل المنتجات البحرية بين السفن في المنطقة الاقتصادية الخالصة وخارج الموانئ ما عدا في حالة القوة القاهرة والخطر الوشيك وكذا تحديد حالات اعتبار سفينة الصيد ممارسة للصيد المحظور ومنها عدم احترام فترات المنع والراحة البيولوجية والصيد بشباك ومعدات ممنوعة وغير قانونية و عرقلة مهام مراقبي ومفتشي الصيد من طرف المجهز أو ممثله أو القبطان أو القائد أو أحد أفراد طاقم السفينة. ويمنح مشروع القانون الجديد سلطة واسعة للعناصر المعنية بالمراقبة والبحث عن المخالفات في مجال الصيد البحري من خلال حقهم في الولوج لكل سفينة أو مؤسسة أو ومحل أو وسيلة نقل والإطلاع على الوثائق المتعلقة بغرض الصيد وتجارته كما خولهم حق الاستعانة مباشرة بالقوة العمومية لتنفيذ مهامهم و حافظ على إمكانية إبرام مصالحة بشأن المخالفات المتعلقة بالصيد البحري.مع تخويل مندوب الصيد البحري الذي تحال عليه محاضر المخالفات وجوبا سلطة زجرية فورية تخوله على سبيل المثال توقيف السفينة مؤقتا بالميناء وحجز المنتجات البحرية المحصل عليها موضوع المخالفة أو التي تمت معاينتها وكذا مصادرة الشباك ومعدات الصيد الممنوعة وغير القانونية وإتلافها على نفقة مرتكب المخالفة . كما شرع المشروع لعقوبة مالية جديدة تتراوح بين 2000 درهم و 100 ألف درهم في حالة إثبات مخالفة ممارسة الصيد البحري المتعلقة بممارسة الصيد في المنطقة البحرية الاقتصادية الخالصة الخاضعة لسيادة دولة أجنبية. ومن خلال القسم الثاني من مشروع القانون الجديد تم نسخ ستة فصول من القانون المتعلق بتنظيم الصيد البحري والتشريع لمقتضيات جديدة تتعلق أساسا بممارسة الصيد التجاري بسفينة أو بدون سفينة من طرف شخص طبيعي أو معنوي بهدف الربح من أجل ضمان تتبع مسار منتجات الصيد البحري وفرض تسجيل منتجات الصيد البحري والتصريح بها مع تقنين ممارسة الصيد الترفيهي للتسلية وبدون هدف الحصول على الربح . كما يتضمن مقتضيات قانونية تتميمية جديدة ، يمكن إجمال أهم ما ورد فيها في: اشتراط الحصول على ترخيص مسبق لممارسة الصيد في ما وراء المنطقة البحرية الخالصة وكذا إلزام المؤسسة المكلفة بالبيع الأول برفض بيع منتجات الصيد البحري أو عرضها للبيع في حالة عدم خضوعها للتصريح المطابق أو عدم توفرها على معايير الأحجام التجارية القانونية أو عندما لا تطابق الأصناف المصرح بها الأصناف المعروضة فعليا للبيع أو عندما تكون الأصناف المعروضة للبيع موضوع منع تم نشره بصفة قانونية. بالإضافة إلى التشريع لسجل مصدر المنتجات البحرية والذي تمسكه المؤسسة المشرفة على البيع الأول وبائعي السمك بالجملة ووحدات صناعات الصيد والمصدرين والمستوردين. قبل ترتيب جزاءات قضائية عقابية متعلقة بممارسة الصيد خارج المنطقة الاقتصادية الخالصة أو المسافنة خارج الموانئ المغربية أو عدم التسجيل أو عدم التصريح بالمصطادات البحرية أو في حالة عرض مصطادات للبيع دون فرزها ووزنها أو مخالفة نظام الحصص في حالة العمل به أو المخالفات المتعلقة بمسك سجل مصدر المصطادات البحرية. القسم الثاني: ملاحظات عامة بخصوص مشروع قانون محاربة من الصيد المحظور من خلال وضع مشروع القانون الجديد رقم 12-15 للوقاية من الصيد غير القانوني وغير المصرح به وغير المنظم في السياق الدستوري والسياسي العام يمكن باختصار تبسيطي وضعه كلبنة مهمة ضرورية لمحاربة اقتصاد الريع في قطاع الصيد البحري ووقف نزيف الصيد المحظور المنافي لمصلحة المحافظة على الثروة السمكية والمخل بشروط التنافسية والشفافية والحكامة والمنتج لبعض تجليات الفقر الممكن تسجيله في بعض مظاهر قصور مساهمة قطاع حيوي في التمويل العمومي وتضييع فرص التشغيل البحري وتكافئ الفرص الاستثمارية بقطاع الصيد البحري. كما أنه من باب الموضوعية، التي نحتفظ لكل موقف مساند أو معارض بالتحفظ أو الاعتراض عليها ،من زاويته الخاصة التي يمكن أن نتفهمها على كل حال، أن نسجل ونثمن المجهودات التحضيرية والتحسيسية التي مهدت لتحقق الإنتاج التشريعي لهذا المشروع والذي انطلق منذ لحظة الوعي بضرورة الانسجام والتفاعل مع المستجدات الدولية الواردة في هذا الشأن وخاصة مع دق ناقوس خطر الاستنزاف الذي بات يهدد الثروة السمكية على المستوى العالمي . كما يمكن تسجيل روح المقاربة التشاركية التي صاحبت المشروع من خلال عرضه على استشارة غرف الصيد البحري طبقا للقانون ، دون حاجة إلى الالتفات إلى قياس درجة التفاعل ونوعية ومقاصد المطالب المتعلقة بمواقفها منه ووصولا إلى خطوة نشره الإلكتروني للتعليق والاستشارة العمومية ودون أن ننسى أهمية المرحلة الدستورية المقبلة التي ستترتب عن مناقشته بغرفتي البرلمان بما يحيل مسؤولية نقده وإعنائه على مختلف الفرق والفاعلين الحزبيين والنقابيين. بيد أن التأكيد على أهمية مشروع القانون لا تمنع من إبداء بعض الملاحظات النقدية العامة.وفي هذا الصدد تثير ضرورة إخراج النصوص التنظيمية الواردة في مشروع القانون رقم 12-15 بتوازي مع نشر القانون بعد المصادقة والإصدار، والتي يصل عددها إلى أزيد من ثمانية وعشرون نصا تنظيما محالا عليها في فحوى المشروع ، حتى لا تعرقل مسيرة الوقاية من الصيد غير القانوني وغير المصرح به وغير المنظم من خلال تأجيل و تعطيل إخراج النصوص التنظيمية، لاسيما أن العديد من المقتضيات الأساسية الجديدة الواردة في المشروع والتي يتعلق أمر تفعيل الوقاية من الصيد المحظور بها موكول للمجال التنظيمي والنصوص الإجرائية .ولعل كثير من مقتضيات التشريع في قطاع الصيد البحري وغيره بقيت في نطاق النص المكتوب تتخفى ورائها ممارسات ريعية ومصلحية ضيقة بدعم من كوابح غياب النصوص التنظيمية التطبيقية أو ممارسة الضفط المصلحي للتحكم في حيثيات ومضامين فحواها ومغزاها. ورغم أهمية إبراز مقتضيات تشريعية للوقاية من الصيد غير القانوني وغير المصرح به وغير المنظم وفرض تتبع مسار المنتجات البحرية من خلال قانون مستقل. لا بد من إثارة إشكالية شكلية وجوهرية مرتبط بتزكية هذه المقاربة المتبعة لتشتت المنظومة القانونية لتنظيم الصيد البحري من خلال تناثر الفصول وبعض المقتضيات وتعقد الإحالات على مقتضيات والإحالة على الإحالات والحال أن ما يمكن أن نسميه بالحكامة القانونية تقتضي إعمال جهد تشريعي تقني لوضع نظام قانوني تشريعي متناسق وفي هذا الصدد يمكن اقتراح إعادة البناء القانوني لمشروع القانون رقم 12-15 وجعله مغيرا لقانون 1973المتعلق بالصيد البحري، لا سيما وأن القسم الثاني من المشروع تضمن على سبيل المثال نسخ ستة فصول وإضافة أربعة عشرة فصلا تتميميا للقانون المذكور، بحيث نصبح أمام قانون جديد جامع لتنظيم الصيد البحري يسهل الرجوع والاستناد عليه في نطاق السلاسة والتناسق والتناغم القانوني. ومن زاوية التأكيد على أن العنصر البشري المعني بممارسة مهام التفتيش والمراقبة للصيد المحظور يعد أهم عناصر تحقيق نجاعة محاربة الصيد المحظور. يتعين الإنكباب على وضع نظام أساسي لهيئة مفتشي الصيد البحري يعالج إشكالية التنسيق والتشتت المقترنة بعدد وتداخل الأجهزة والعناصر المعنية بالمراقبة ويحدد الشروط المهنية والعلمية والتجارب العملية المطلوبة لممارسة مهام المراقبة في مجال الصيد البحري ويضمن المنح والتعويضات المادية المناسبة لتحفيز هذه الفئة على ممارسة مهامها وتحصين ألية البحث عن المخالفات وإعداد المحاضر من إغراءات الرشاوي والخضوع لمنطق الضغط الإداري والتعليمات التي لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن تحجب المسؤوليات الجسيمة لمراقبي ومفتشي الصيد البحري والتي يتعين أن تصاحبها جزاءات عقابية مناسبة لدرجتها في حالة ثبوت علاقة التهريب والصيد المحظور بتواطئها ومسؤوليتها الإدارية التقصيرية . ومن المعلوم أن قضية الصيد العشوائي والمحظور تثير تمظهرات وتجليات خطيرة تهدد استدامة الثروة السمكية الوطنية وتقوض المجهودات التي تبذل لحماية وتهيئة المصاييد البحرية مع تكريس حالات الاستنزاف والريع السمكي والاقتصادي وزيادة فجوة تفويت فرص التنمية الاجتماعية والاقتصادية والخسارة التي تتكبدها محفظة المالية العمومية الناجم عن ضياع استخلاص الحق الضريبي الوطني الطبيعي المقابل لاستغلال المقدرات البحرية البيولوجية . دون أن ننسى الآثار السلبية لهذا النوع من الصيد على البيئة البحرية وواقع ومستقبل الأمن الغذائي المقترن بالقيمة البروتينية والفيتامينية التي توفرها المنتجات السمكية. مما يدفعنا إلى التأكيد على ربط نجاعة السياسات العمومية بقطاع الصيد البحري وحصيلة برامج ومشاريع السلطات العمومية في مجال المحافظة على الثروة السمكية بمعادلة احتساب قيمتها العملية بمستوى درجة النجاح في ورش الوقاية من الصيد المحظور والعشوائي وهو ما يقترن بدرجة أعلى بوجود إرادة سياسية حقيقية لمحاربة لوبيات ومصالح استنزاف الثروة السمكية والاغتناء غير المشروع على حساب ثروة الشعب السمكية تحت ظلال منظومة قانونية وتنظيمية يساعد في كثير من الحالات توظيف مقتضياتها وإجراءاتها لتكريس صيد بحري جرمي . ودون أن ننسى الإشارة الجوهرية إلى مركزية مسؤولية العنصر البشري المعني بالمراقبة والوقاية من السلوكات التدميرية للثروة السمكية التي تفوح من بعض أخطر حالاتها رائحة استغلال النفوذ واستغلال العلاقات الملتبسة مع الإدارة وجيوب مقاومة إصلاح قطاع الصيد البحري والتي أصبحت لها مصالح رشوية واقتصادية تحجبها عن الفعل الرقابي الوطني النبيل بما هو رسالة وظيفية يتعين أن تساعد بحق للتصدي بحزم لكل المخالفات المتعلقة بالصيد المحظور ، لا أن تتحول إلى أداة سلطوية لممارسة الابتزاز الاقتصادي ولو على حساب الاغتصاب البيولوجي للثروة السمكية وتدمير البيئة البحرية . وهنا يحق أن نقرر أولا أن فضاء "الإجرام البحري" في حق الثروة السمكية وممارسة الصيد غير القانوني وغير المصرح به وغير المنظم إنما يتجلى أولا وقبل كل شيء على مستوى المصاييد البحرية . فكيف السبيل إلى تحقيق التموقع القانوني العملي لعناصر المراقبة المدنية وأطر الصيد البحري المؤهلة لذلك للقيام بمهام البحث والتقصي والوقوف الميداني البحري على فضاء الاستنزاف السمكي وحقيقة وسائل وشباك الصيد البحري الممنوعة أليس من مسؤولية الدولة توفير الوسائل البشرية و اللوجيستيكة الضرورية لذلك بما لا يمنع من الاستعانة بعناصر غير مدنية في هذا السياق. وإذا تجاوزنا إثارة إشكالية مسؤولية مراقبة ومحاربة الصيد المحظور على مستوى البحر بالمصاييد التي ربما تتحول إلى مسرح جريمة ضد الموارد السمكية بعيدا عن أعين مراقبة ربما تكون نائمة أو غائبة أو مغيبة نصل إلى منطلق التشريع الجديد للتصريح الإجباري بالمصطادات البحرية وتقنين شهادة مصدر الأسماك في مسار تتبعها للمحافظة على جودتها وقانونيتها لنثير الإشكاليات العملية التي فتحت هامش المتاجرة بالتصريحات وتدليس الحقيقة بين حصيلة المنتجات المصطادة وأصنافها والمعلومات المصرح بها والممسوكة بوثائق إثبات مصدرها. مما يعني ضرورة إعادة ملائمة مشروع قانون الوقاية من الصيد المحظور مع القاعدة الدستورية الصلبة المتمثلة في ربط المسؤولية بالمحاسبة، لاسيما إذا سلمنا بان جميع حلقات المراقبة موكولة لأجهزة عمومية أو تحت وصاية عمومية دون أن ننسى التنبيه إلى أهمية إعادة النظر في الجزاءات العقابية تبعا للحالات المتعددة لممارسة الصيد غير القانوني وغير المصرح به وغير المنظم. خاصة أن المقتضيات الجزائية لا تناسب درجة الفعل المرتكب في سياق الوقاية من الصيد المحظور كما أن نظام المصالحة قد لا يحفز على الوقاية المطلوبة من هذا النشاط لعوامل اقتصادية حسابية متعلقة في غالب الأحيان بالعلاقة الرياضية بين كلفة التعويض المادي الناجم عن الإمكانية الغالب في الانحياز التصالحي لعقوبة الحد الأدنى والقيمة المالية الربحية التي يتم جنيها من الممارسة المقصودة للصيد المحظور واستنزاف الثروة السمكية . * باحث في قانون الصيد البحري والعلوم السياسية [email protected]