جلست صبيحة يوم السبت 23 غشت 2008 برفقة أحد الأصدقاء في أحد مقاهي الرباط نحتسي قهوتنا الصباحية ونقرأ آخر المستجدات على صفحات الجرائد، وقد كان من بين أهم الأخبار التي تجذب الاهتمام والنقاش في تلك الجرائد هي أحداث سيدي افني التي تكررت في صيغة معدلة أيام 18 و19 و20 غشت الجاري. وقد انصبت دردشتنا حول طبيعة تلك الأحداث وهل هي أحداث ظرفية محصورة في الزمان والمكان وأن طبيعتها تبقى خاصة بالمنطقة بحيث لا يمكنها أن تتكرر في مناطق أخرى أم أن هذه الأحداث تدخل ضمن سلسلة طويلة من الأحداث الأخرى التي تحتمل الكثير من القراءات والتحليلات وتطرح العديد من التنبؤات. "" وقد كان صديقي يلح كثيرا على إدخال المسألة الحقوقية في النقاش، فمن وجهة نظره أن هناك ترابط وثيق بين الحقوق والحريات المدنية والسياسية ومنها على الخصوص حرية التعبير والاحتجاج والحق في حرمة المنازل وفي السلامة الجسدية والتي تم انتهاكها بوحشية في سيدي افني عبر انتهاك حرمات المنازل والضرب المبرح والاغتصاب والاعتقالات العشوائية ومحاكمة الصحافيين والحقوقيين عبر استعمال القضاء وبين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تنتهك منذ سنوات من طرف الدولة منذ مصادقتها على العهد الدولي الخاص بهذه الحقوق سنة 1979 وذلك في مختلف المجالات أبرزها البطالة والفقر والتهميش الاقتصادي لمناطق شاسعة من البلاد وتدهور التعليم والصحة والتشغيل والأجور والغلاء الذي يهدد الحياة الكريمة للمواطنين. وقد خلص صديقي إلى أن الحكومات التي تنتهك بشكل وحشي الحقوق المدنية والسياسية لإخراس فاضحي انتهاكاتها للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية كما حدث طيلة عقود الستينات والسبعينات والثمانينات والتسعينات وفي العقد الأول من الألفية الثالثة هي حكومات غير ديمقراطية وغير شعبية، وأن انتهاكاتها تلك تكون في خدمة الطبقة الحاكمة وحدها والذين يتمثلون في المتحكمين في وسائل الإنتاج وفي القدرات الاقتصادية للبلاد من شركات مخزنية أخطبوطية وعائلات محدودة الأصابع تتربع على عرشها العائلات الفاسية ومسنودة من طرف شركات متعددة الاستيطان ويتحكمون في دواليب السياسة والإدارة والأمن والعسكر. وقد أشار صديقي إلى أن مقاطعة أزيد من 83 % من المغاربة للانتخابات التشريعية ل 7 شتنبر 2007 يؤكد على تزايد الهوة الفاصلة بين الحكام والمحكومين في بلادنا إلى درجة أنه لو أتيحت الفرصة أمام جميع المحكومين للخروج نهائيا إلى الخارج والحصول على جنسيات أخرى، كما فعل العداء رشيد رمزي العداء الأولمبي الحاصل على الميدالية الذهبية في بيكين لفائدة دولة البحرين، فلن يتوانى أحد عن ذلك ولن تعتر الحكومة على شعب تحكمه وتجعله يقبل يدها وتكسر عظامه عندما يطالبها بحقوقه، فالجميع سيغادر إلى الخارج بما فيهم عناصر قوات التدخل السريع الذين يأمرهم الجنرال العنيكري لجلد المواطنين لأنهم يضلون مجرد مرتزقة لا يمكنهم عصيان الأوامر العليا الموجهة لهم باستعمال التقنيات التي تدربوا عليها لأنهم لا يفكرون ويخافون في حالة عصيانهم للأوامر أن يزج بهم في السجن ويحرموا من العمل والدخل القار في وقت تفاحشت فيه البطالة. لذلك يخلص صديقي إلى أن الحكومات المغربية المتعاقبة لا تمثل الجماهير الشعبية ولا علاقة لها به بل هي مفروضة على هذه الجماهير عبر تزوير دستوري للإرادة الجماعية لأن الدستور لا يعترف بأن الشعب هو مصدر السلطات لذلك تصبح الحكومات مسلطة على الشعب وفي خدمة المافيات الرأسمالية الحاكمة. أما الشعب فيبقى محروما من حكومات تمثله فعلا وتسهر على ارتقائه سياسيا واقتصاديا واجتماعية. إلى هنا طلبت من صديقي أن يغير الحديث نظرا لأن هذه الأشياء أصبحت من البديهيات، وأن هذه البلاد لا أحد يحبها حيث أن الحكام يستغلونها شر استغلال ويدوسون على كرامة جماهيرها بدون أي اعتبار للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب، بينما أغلبية المحكومين يتحينون فقط الفرص للهروب بعيدا من حكام هذه البلاد الذين يسحقون يوميا كرامتهم. وفي ظل مثل هذه الوضعية فإن التناقضات مرشحة للمزيد من الاحت..