بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الإنخفاض    مؤجلا الجولة 19 من الدوري الاحترافي الأول .. نهضة بركان يسرع خطاه نحو التتويج الأول والرجاء يواصل نزيف النقط    ترويج المخدرات وتنظيم الهجرة غير الشرعية يورطان شخصين بالناظور    رئيس الحكومة يترأس اجتماع اللجنة الوطنية لتتبع ومواكبة إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي    مجلس المستشارين يناقش قانون الإضراب.. مقترحات جديدة من النقابات والحكومة    وقفات بالمدن المغربية تضامنا مع الفلسطينيين ومواطنون يؤدون صلاة الغائب على قادة المقاومة    "اختراق إسرائيلي" يستهدف "واتساب"    "النجم الشعبي" يستحق التنويه..    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    غياب لقاح "المينانجيت" يهدد بحرمان العديد من المغاربة من أداء العمرة    موثقة لعقود "إسكوبار الصحراء" وبعيوي ترتبك أمام محكمة الاستئناف    وفاة الناشط السابق أسامة الخليفي    الملك محمد السادس يعزي ترامب    فتح معبر رفح بين غزة ومصر السبت    122 حالة إصابة بداء الحصبة بالسجون    الدورة السادسة للجنة المشتركة المغربية-اليمنية مناسبة للتأكيد على عمق العلاقات بين البلدين (بوريطة)    يوعابد ل"برلمان.كوم": الحالة الجوية بالمملكة ستعرف تغيرات ملحوظة خلال الأيام المقبلة    مجلس شامي يدعو إلى تحديد المسؤوليات المشتركة في توصيف الجرائم السيبرانية لحماية الطفل    "الكاف" يكشف موعد قرعة ربع نهائي دوري أبطال أفريقيا والكونفدرالية    المهدي بنعطية يعلق على قرار إيقافه لثلاثة أشهر    شبيبة الاتحاد الاشتراكي في فرنسا ترفض استمرار لشكر لولاية رابعة وتتهمه بتسليم الحزب ل"المفسدين"    بوريطة يجدد التأكيد على الموقف الثابت للمملكة في دعمها لمجلس القيادة الرئاسي كسلطة شرعية في الجمهورية اليمنية    جثة سبعينية تستنفر سلطات زايو    صابيري يعود إلى دوري السعودية    توقيع اتفاقيات بين المغرب واليمن    ريال مدريد يواجه مانشستر سيتي    جهود لفك العزلة في إقليم أزيلال    باحثون روس يبتكرون دواء جديدا لعلاج سرطان الجلد بفعالية مضاعفة    الممثلة امال التمار تتعرض لحادث سير وتنقل إلى المستشفى بمراكش    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    استئناف الحسيمة تفتتح السنة القضائية 2025 وتستعرض حصيلة الإنجازات    الفنانة دنيا بطمة تغادر السجن    خروج دنيا بطمة من سجن لوداية    مشاركة وازنة للاعبات المغربيات إلى جانب نخبة من النجمات العالميات في الدورة ال 28 لكأس للا مريم للغولف    الكعبي : لا مستحيل في كرة القدم .. وهدفنا التتويج بالدوري الأوروبي    دنيا بطمة تخرج من سجن الأوداية بعد انتهاء عقوبتها    بعد عام من الإعتقال .. دنيا بطمة تعانق الحرية    "ديب سيك" الصينية في مواجهة قانونية تهدد علامتها التجارية في أميركا    شركة تركية عملاقة تؤسس فرعا بالمغرب لتعزيز تصميم وصناعة الدرونات العسكرية    ترمب يصر على تهجير سكان غزة رغم رفض مصر والأردن    جدل إلغاء عيد الأضحى ينعش تجارة الأكباش بالأسواق الأسبوعية    أخطاء كنجهلوها.. الطريقة الصحيحة لقيادة السيارة في أجواء البرد القارس (فيديو)    المحكمة التجارية بالدار البيضاء تجدد الإذن باستمرار نشاط مصفاة "سامير"    وفود تمثل كبريات الحواضر العربية ستحل بطنجة    الرئيس الانتقالي في سوريا: نعمل على وحدة البلاد وتحقيق السلم الأهلي    أسعار النفط ترتفع إلى أزيد من 76 دولارا للبرميل    توقعات بتصدير المغرب 90 ألف طن من الأفوكادو في 2025    التمرينات الرياضية قبل سن ال50 تعزز صحة الدماغ وتقلل من الزهايمر    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    الفلاحون في جهة طنجة تطوان الحسيمة يستبشرون بالتساقطات المطرية    ارتفاع أسعار الذهب    الدولي المغربي حكيم زياش ينضم رسميا للدحيل القطري    نتفليكس تطرح الموسم الثالث من مسلسل "لعبة الحبار" في 27 يونيو    وفاة الكاتب الصحفي والروائي المصري محمد جبريل    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الدكتور أنور هدام حول الصيف الدموي بالجزائر
نشر في هسبريس يوم 24 - 08 - 2008


الدكتور أنور هدام: ""
أدعو المخلصين إلى حركة تصحيحية في المؤسسة العسكرية وأدعو المسلحين إلى وقف نشاطهم العسكري لمدة ستة أشهر...
في هذا الحوار الذي خصنا به الدكتور أنور هدام، النائب المنتخب عن الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة، في برلمان ديسمبر 1991 المنقلب عليه من طرف الجنرالات، وأحد أبرز الأصوات المعارضة للنظام الحاكم في الجزائر، يتحدث بجرأة عن التطورات الأخيرة التي يعرفها المشهد الأمني الجزائري، والمتصاعد بوتيرة تنذر بالخطر، بعد عودة التفجيرات وسقوط ضحايا بصفة يومية... وبصراحته المعهودة كان لنا معه هذا الحوار الذي يحمل الكثير بين ثناياه وسطوره...
- ما هو انطباعك حول هذا الصيف الدموي في الجزائر؟
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، و بعد، إنه لوضع محزن للغاية خاصة و أن وتيرة الانفجارات التي تطال الأبرياء في تصاعد مرعب: الأمس في مدينة "يسر" و اليوم ب "البويرة" لا حول و لا قوة إلا بالله. أولا، إنني أندد مرة أخرى بمثل هذه الأعمال الإجرامية والتي كثيرا ما تطال الأبرياء، كما أتوجه بالتعازي الخالصة لأهالي الضحايا. ثانيا أرى انه على جميع أهل القبلة، سواء أكانوا في السلطة أم في المعارضة، رفض بكل صدق و دون أي تردد بكل عمل إجرامي يطال الأبرياء مهما كانت الجهة التي تقف ورائه، أكانت هُويتها معروفة أم مجهولة كما هو شأن مخططي هذه العمليات الأخيرة. وأشير هنا أن التنديد هذا لا يعني على الإطلاق تزكية، بأي شكل أو آخر، النظام "المخابراتي" (المعروف حاليا ب DRS) المهيمن على بلدنا الغالي الجزائر. إنما هو تنديد مبدئي نابع من فهمنا لديننا الحنيف و مقاصده الشرعية الذي يعتبر سفك دم النفس البريئة من أكبر الكبائر. و مع إنني أقر بشرعية ممارسة حق الدفاع عن النفس في وجه النظام المصادر للشرعية الشعبية والدستورية، إلا إنني كنت دوما ولا زلت أندد بجميع الأعمال الإجرامية التي تطال الأبرياء رغم الدعاية المغرضة التي شنتها بعض الأقلام المأجورة من قبل DRS. كفى بلدنا و شعبنا دما، لا بد من السعي الجاد لتوفير الظروف الضرورية لإيجاد إرادة وطنية لجعل حد للمأساة الوطنية.
تذهب بعض الأطراف إلى تصوير ما يحدث من تدهور لوجود صراع بين أجنحة داخل جهاز الحكم، خاصة أن البلد مقبلة على استحقاقات كبيرة وعلى بعد أشهر معدودة من انتخابات رئاسية لا تزال ملامحها مجهولة، فما تعليقكم على ذلك؟
بالفعل يمكننا القول أن عودة التفجيرات في هذا الوقت بالذات مردها الاستحقاقات الرئاسية حيث مختلف الفرق المكونة للسلطة الفعلية الحالية تعمل على ترتيب "الأوراق" تخدم مصالح الفرقة الخاصة لكن بالتأكيد دون تجاوز الخطوط الحمراء المتفق عليها فيما بينها. النظام القائم في البلاد وصل إلى طريق مسدود: ما العمل عند انتهاء مهمة الرئيس بوتفليقة الدستورية؟ هل الحل في تمديد عهدته؟ طيب، لكن ما العمل بعد رحيله؟ فالبقاء لله عز و جل. كل هذا يعود إلى غياب ثقافة التعددية الحقيقية و احترام القانون و تحكيم بدله قانون الغاب.
كما تتساءل أطراف أخرى عن استهداف أهالي منطقة القبائل بشكل خاص، ماهي الأسباب حسب رأيكم ؟
هناك عدة احتمالات: قد يعود السبب إلى وجود في المنطقة ( des elements manipulables) مسلحين من السهل توظيفها من قبل العناصر المجرمة من داخل DRS، العناصر نفسها التي ضلت تقوض مساعي المصالحة الوطنية. كما قد يندرج اختيار المنطقة في إطار الحملات الخطيرة لضرب وحدة الشعب الجزائري عربا و أمازيغ. منطقة القبائل هي القلب النابض للجزائر والدليل الحي لذلك الانصهار التاريخي الذي تم منذ فجر الإسلام بين السكان الأصليين الأمازيغ الأحرار و بين الفاتحين المسلمين من جزيرة العرب... الانصهار النموذجي الذي تولد عنه جيل جديد جعل من الأندلس في أوروبا الظلماء واحة للحضارة و العلم و التعايش و التنوع و التسامح.
ما معنى لجوء السلطات الى بث رسالة خطية نسبت لحسان حطاب، يطالب من خلالها بإلقاء السلاح، من أجل العودة للبيوت، وهو شخصيا لا يعرف لحد الساعة مصيره، فكيف تعلقون على هذا المسعى الجديد في اللعب بورقة حطاب؟
إنه هروب إلى الأمام. ليس لدينا وسيلة من التأكد من صحة مصدر الرسالة نظرا لاختفاء الرجل.و يبقى السؤال مطروحا: من الذي يختبئ حسان حطاب وممن، و هو من مؤيدي المصالحة الوطنية ؟
- بماذا تفسر عجز النظام في مواجهة هذه التفجيرات التي مع مرور الوقت بدأ التنظيم يثبت مدى دقته في تحديد أهدافه؟
لا أرى تفسيرا آخرا سوى غياب إرادة سياسية من داخل المؤسسة العسكرية لجعل حد لمأساة الشعب:
فمع العدد الهائل من المسئولين الذين تعاقبوا على مختلف مؤسسات الدولة من رؤساء الدولة و رؤساء الحكومة و وزراء، لا يزال نفس الأشخاص منذ التسعينيات على رأس المؤسسات المكلفة بالحفاظ على أمن المواطنين: منذ سبتمبر 1990 والجنرال "توفيق" على رأس DRS ، و منذ 1995 و نفس الضباط على رأس الشرطة "التونسي" و الدرك "بوسطيلة". إذا، " الخبرة موجودة. لكن ربما المشكلة هي بالذات ما يعبر عنه المثل: " حاميها حراميها".
بكل صراحة، نحن نعتقد أنه يُراد من خلال هذه العمليات إقحام الجزائر في الحرب التي تقودها الإدارة الأمريكية الحالية على ما يسمى ب "القاعدة" أو الإرهاب و تحويل هكذا مجرمين ارتكبوا جرائم بشعة في حق شعبنا إلى "أبطالا" و "خبراء" لدى إدارة بوش في حربهم على ما يسمى الإرهاب، الحرب القذرة المخالفة للقانون الدولي. لكن و لله الحمد هذه الإدارة تعد أيامها الأخيرة مما قد يفتح لبلدنا آفاقا جديدة إن وجدت إرادة وطنية للتغيير.
وعلى أية حال تبقى الأجوبة على مثل أسئلتكم هذه مع أهميتها مجرد تخمينات، و أرى أن الخوض فيها بإسهاب والجدل حولها قد ينسينا جوهر المسألة وهو: ما هو السبيل الأسلم لطي صفحة الماضي طيا عادلة وفتح صفحة جديدة يساهم في كتابتها و تنمية بلدنا جميع أبناء و بنات الجزائر الحبيبة.
طبعا انتم طرحتم السؤال الذي نخمن فيه ويفرضه الواقع، فما هي الحلول الضرورية والعاجلة الآن لإيقاف طوفان الدم؟
إن العمود الفقري للنظام السياسي في الجزائر هي المؤسسة العسكرية. هذه المؤسسة، بإيعاز من أطراف داخلية و خارجية (قد يتم الخوض في هذا الموضوع بتفاصيله فيما بعد) أقدمت على جريمة 11 جانفي النكراء و صادرت حق الشعب في تقرير مصيره، فأدخلت البلاد في حمام من الدماء و الدموع. إننا كنا من الذين وقفوا منذ الوهلة الأولى ضد الانقلاب على خيار الشعب و نتحمل مسؤولية ذلك. لكن لم نجعل في الحسبان ما كانت تدخره بعض العناصر المجرمة داخل المؤسسة من أحقاد على الشعب الجزائري المسلم. و قد تجلى ذلك الحقد في الميدان بعد الكلمة المشهورة للمجرم رضا مالك الوزير الأول سابقا " يجب أن ينتقل الإرهاب إلى المعسكر الثاني" فكانت كالإنذار بانطلاق مسلسل الإرهاب ضد الشعب لا زال بلدنا يعاني منه إلى اليوم من خلال هذه الإنفجارات البشعة. لذلك منذ عقد من الزمن و بعد تلك المجازر البشعة التي ارتكبت في حق القرى والأحياء الشعبية، قمنا بالدعوة إلى وقف الاقتتال و التركيز على الحل السلمي للمعضلة الجزائرية. لكن تلك الدعوات لم تجدي.
لذلك اليوم، إنني من خلال هذا المنبر، أتحمل مسؤولية توجيه نداءين من أجل جعل حد للمأساة الجزائرية:
النداء الأول موجه إلى جميع المجموعات المسلحة من أجل الإعلان من طرف واحد وقف أنشطتها العسكرية لمدة ستة أشهر،
و في نفس الوقت أوجه نداء إلى المخلصين لدينهم وشعبهم من داخل القوات العسكرية والأمنية و المخابراتية الجزائرية إلى تحمل مسؤولياتهم أمام الله ثم أمام الشعب والتاريخ والقيام هكذا بحركة تصحيحية داخل المؤسسة العسكرية و تحمل مسؤولية البلاد، والتعهد من أجل:
أ) ضمد الجراح المأساة الوطنية من خلال الكشف عن جميع الجرائم التي تُرتكب في حق شعبنا منذ جريمة 11 جانفي النكراء: فسياسة " عفا الله عما سلف" أي سياسة " الحصانة أوImpunity لم و لن تجدي في حالات حدوث جرائم ضد الإنسانية كما هو الشأن بالنسبة للجزائر: إن معرفة الحقيقة هو الحل الوحيد لجعل حد لمثل هذه الجرائم البشعة وأشدد هنا أن الهدف ليس من أجل الانتقام و لكن لضمان عدم تكرار المأساة.
ب) استئناف المسار الديمقراطي واستعادة السيادة الوطنية للشعب وهكذا فتح المجال لجميع أبناء و بنات شعبنا من اجل المساهمة في تنمية اقتصادية حقيقية.
جزائرنا وشعبنا في حاجة ماسة إلى إيجاد إرادة سياسية من داخل المؤسسة العسكرية والساحة السياسية من أجل الإقبال على هكذا حركة شجاعة لجعل حد لنزيف الدم الجزائري وخيراته ومن أجل الحفاظ على أمنه القومي و مصالحه الإستراتيجية.
و السلام عليكم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.