السبت 9 غشت غادرنا شاعر المقاومة محمود درويش إلى دار البقاء ، الخميس 3 يوليوز غادرنا مفكر المقاومة عبد الوهاب المسيري إلى الدار الآخرة .. كم هو صعب أن تفقد الأمة العربية الإسلامية في شهر واحد ، الشاعر و المفكر ، أن تفقد الشاعر محمود درويش الذي نبض قلبه بحب فلسطين ، و أن تفقد المفكر عبد الوهاب المسيري الذي امتلأ فكره بحقيقة تحرير فلسطين ، في شهر واحد يغادرنا الشاعر الذي ألهب المشاعر حماسة بالتعلق و عشق قضية الإنسان الفلسطيني بكلماته المنسابة وصوته الشاعري ، في شهر واحد تركنا المفكر الذي حرر العقول و الأذهان من الأساطير و الخرفات التي علقت بقضية فلسطين .. "" هذا أول إحساس خالجني بعد سماع الخبر ، الساعة تشير إلى الثانية عشر ليلا ، هذا موعد يومي أكون فيه على لقاء مع أعمدة كتاب الرأي في الصحف الخليجية خاصة ، موضوع القراءة طبعا لهذا اليوم " شاعر المقاومة محمود درويش " ، بدأت جولتي بالشرق الأوسط ، ليس غريبا أن تكون في صفحة الرأي أربع مقالات عن " الشاعر " فضلت أن اقرأ في البداية للكاتب الفلسطيني بلال الحسن ، حيث يحكي بلال عن درويس الناثر في مجلة اليوم السابع في باريس ، وكيف أحيي درويش فن الرسائل في الأدب العربي بينه وبين الشاعر الفلسطيني سميح القاسم ، تحدث بلال عن درويش السياسي و درويش شاعر الإنسانية ، و نبه إلى درويش العاشق للمرأة ، تزوج مرتين و في بضعة أشهر انهي زواجه، لكن المرأة لاحقت أعماله بجمالها و سحرها، و من الشرق الأوسط انتقلت إلى القدس العربي ، عبد الباري عطوان يحدثنا عن درويش قائلا أحب العرب و استهل حبه بقصيدة " سجل أنا عربي" ، كما أنه أحب أبناء المغرب العربي الذين بادلوه الحب بحب أسطوري ، زار المغرب و تونس و الجزائر ، ويحكي عطوان أن العسكر كان سببا في عدم زيارته للسعودية حيث دعي درويش للمشاركة في مهرجان الجنادرية الثقافي السنوي في وسط نجد، وعندما سئل عن الجهة المنظمة قالوا له إنها الحرس الوطني، فقال وما علاقة العسكر بالثقافة، ألا توجد رابطة أو نقابة أو هيئة تتولى هذه المهمة غير الحرس الوطني؟ وكانت هذه الكلمات نهاية العرض، و في القدس العربي نقرأ للأديب و الناقد صبحي الحديدي حيث يقول " إن الملحمية الغنائية هي السمة المركزية في مشروع درويش . لقد حاول إطلاق اللغة الشعرية في أفق ملحمي يكون فيه التاريخ مسرحاً لمناطق شعرية فسيحة تتسع لتجوال غير محدود للشعوب والحضارات والثقافات، و إلى الراية القطرية يكتب أحمد ذيبان أنه يصعب التعبير عن الفراغ الهائل الذي تركه أمير شعراء العرب في العصر الحديث، الذي انفرد بقدرته الاستثنائية علي المزج بين شعر الحب والوطن والمقاومة. الوسن يداعب أجفاني ولهيب ضوء الحاسوب يخترق حدقتني، أحس بلجام التعب يوقف مسعى تصفحي للصحف العربية ، قررت ترك ما يقوله الكتاب عن درويش لأتذكر لدرويش قصيدة تؤسرني، حالفني القدر أن سمعتها منه في مسرح محمد الخامس السنة الماضية و التي قال : أحنُّ إلي خبزِ أمي/ وقهوة أمي/ ولمسةِ أمي/ وتكبرُ فيَّ الطفولةُ/ يوماً علي صدرِ يومٍ/ وأعشقُ عمري لأني إذا مِتُّ أخجلُ من دمعِ أمي/ خذيني أمي إذا عدتُ يوماً وشاحاً لهُدبِك/ وغطي عظامي بعشبٍ/ تعمّدَ من طُهْرِ كعبكِ/ وشُدّي وثاقي/ بخصلة شعرٍ/ بخيطٍ يلوِّحُ في ذيلِ ثوبكِ. يا للقدر عظماء القضية يغادروننا الواحد تلو الأخر و في أيام متقاربة ، المسيري مفكر القضية الفلسطينية و الذي عانق هموم الإنسان المسيري ،و درويش شاعر فلسطين الذي غنى للعالم . [email protected]