نظم بيت الشعر بالمغرب الجمعة الاخير ، بالمكتبة الوطنية للمملكة بالرباط أمسية شعرية وثقافية في ذكرى مرور سنة على رحيل الشاعر العربي محمود درويش الذي وصفه رئيس البيت، نجيب خداري، بالبهاء الذي «يهزم كل أشكال الغياب». «إن درويش أكبر من أن نفكر في تبرير الاحتفاء به، ذلك لأن حضوره المستمر في المشهد الشعري العربي والعالمي يفرض ذاته» يضيف خداري في كلمة في هذه الأمسية التي حضرها وزير الثقافة بنسالم حميش وسفير دولة فلسطين أحمد صبح ، فضلا عن شخصيات سياسية وفكرية وثقافية من بينها الأستاذ أبو بكر القادري الرئيس الأسبق للجمعيةالمغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، ومحمد بوستة الأمين العام السابق لحزب الاستقلال، والمفكر والأديب عبد الكريم غلاب. و»إذ نستدعي بلا تحفظ»، يقول رئيس بيت الشعر، «أنواع المديح العالي كلها، في رصد عمق حضور هذا الغائب الجميل فينا نتذكر، كذلك أنه كان صديقا كبيرا للمغرب والمغاربة، منحنا كثيرا من محبته وانتباهه الإنساني والإبداعي الرائع». وكان محمود درويش . يبرز خداري، «يعتبر مسرح محمد الخامس مختبرا أولا لقصائده الجديدة ، هو الذي كان مهووسا بالبحث عن العلاقة بين الصوت والقلب، بين الإلقاء والشعر بين الشعر والنشيد..كما أن محمود درويش عضو هيئة الشرف في بيت الشعر المغربي، رافق تأسيسه وتابع تجربته وبتعاطف وتعاون ودعم». واعتبر خداري أن التنسيق مع سفارة دولة فلسطين في الاحتفاء بهذه الذكرى يأتي «تقديرا منا للرمزية النضالية التي يمثلها احتضان بلادنا لهذه السفارة بالذات ، ولأنها كانت باستمرار شريكا في استحضار الأفق الشعري الفلسطيني». من جهته، قال سفير دولة فلسطين بالرباط أحمد صبح، إنه «يكاد يرى روح درويش تنحني بحيائه المعهود ليشكر هذا التكريم» ، مضيفا أن الراحل «حاضر فينا بصرخته (سجل أنا عربي)» . وبعد أن استعرض المسارات الشعرية والحياتية للشاعر، أبرز الديبلوماسي الفلسطيني أن محمود درويش حمل معه دائما فلسطين، فقد «كتب إعلان استقلالنا ولم يتردد في انتقاد وضعنا الذاتي كما كتب عن الانشقاق الفلسطيني الداخلي». وبعد أن ذكر غلاب بأن أول ندوة شعرية عقدها الراحل بالمغرب كانت في مقر اتحاد كتاب المغرب سنة1972 ، قال إن «محمود درويش في قلب كل مغربي، قلبه العامر فيه مكان للمغرب والمغاربة»، مضيفا أنه في ذلك اليوم «عرفنا أن فلسطين ولدت شاعرا عظيما كما ولدت أبطالا عظاما». من جانب آخر، شدد غلاب على أن درويش»كان عامرا بكل مفاهيم الحياة والوطنية والنضالية ...كان يناضل بقلمه وشعره ، ولم يكن (درويشا) في الحقيقة، لأنه كان غنيا بالمغاني الكبيرة غنيا بالشعر وبالقيم وبالمفاهيم الجديدة « ، معتبرا محمود «قمة الحداثة في الشعر العربي ، وفي مقدمة الحداثيين بل وشاعر ما بعد الحداثة». الباحث عبد الله ساعف، قدم دراسة حول درويش تناول فيها « علاقة الشعر والسياسة في مسار حياة درويش» متتبعا هذه العلاقة في ثلاثة مستويات أولاها «مستوى الرفض» (الدواوين الأولى...) ، ومستوى « الرفض إلى بروز شعر المقاومة» ثم مستوى ما بعد هزيمة1967... وتليت خلال الأمسية أيضا قصيدة مهداة إلى محمود درويش «شاعرا وإنسانا» بعث بها الشاعر العراقي سعدي يوسف مشاركة منه في هذا الاحتفاء. يقول في مقطع منها «أبدا لم أراهن على أحد. يستطيع كتابة ما أتمنى. سواك» و»ها أنذا. قد خسرت الرهان. لأن نداء الأعالي. تولاك. واختار لي. أرخبيلا من الشعر. إرثا».»فبورك من عاش شعرا.ومات فداء له». وقدمت في هذه الأمسية، التي أثثتها قراءات شعرية من ديوان محمود درويش بصوتي الشاعرتين عائشة البصري ومجيدة بنكيران ومعزوفة فنية وموسيقية من أداء الفنان رشيد برومي، أيضا شهادات لكل من نبيل منصر، ويوسف ناوري وعبد الدين حمروش .