نفى الدكتور مصطفى بوهندي، أستاذ مقارنة الأديان بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن تكون هناك عصمة للأنبياء، قائلا في تصريحات لجريدة هسبريس الإلكترونية إن "عصمة الأنبياء دعوى لا أساس لها من الصحة، سواء على مستوى النصوص المؤسسة أو على مستوى الواقع"، مضيفا بأنه "لم يحدثنا القرآن الكريم ولا الكتب المقدسة من قبله عن هذا الأمر، وإنما ذكروا لنا مجموعة من أخطائهم أو إمكانية وقوعهم في الخطأ". وتأتي تصريحات بوهندي جوابا على سؤال لهسبريس حول ما كان يقصده من مداخلة له، في الحلقة الأخيرة من برنامج "مباشرة معكم" الذي تبثه القناة الثانية كل أربعاء، حيث قال فيها إنه "لا يتعين الاعتماد فقط على الجوانب الإيجابية للأنبياء، بل هناك أيضا جوانب سلبية لهم وجب التعلم منها"، ضاربا المثل بالنبي موسى، ولكزه رجلا حتى أرداه قتيلا. واستدل بوهندي على عدم عصمة الأنبياء بمثال "عصيان آدم في أكله من الشجرة المحرمة، وخطأ نوح في طلبه المغفرة لأبنه، وخطأ إبراهيم في الاستغفار لأبيه، وإمكانية سقوط يوسف في كيد النساء حتى أنه فضل السجن على البقاء معهن، إذ قال: "وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين"، فصرف الله عنه كيدهن بإدخاله للسجن بضع سنين. وتابع الباحث ذاته بأن "نفس الأمر بالنسبة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كان مثل الناس، وكانت له أخطاء بشرية متعددة، نبه إليها القرآن الكريم ذاته، كما حذره القرآن الكريم من الوقوع في أخرى متعددة" وفق تعبير بوهندي. وأورد صاحب كتاب "أكثر أبو هريرة" بضعة آيات قرآنية تنفي العصمة عن النبي عليه الصلاة والسلام، ومنها: (عفا الله عنك لم أذنت لهم)، (واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك لتفتري علينا غيره)، (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا)، (إذا لأذقناك ضعف الحياة والممات، ولا تجد لك به علينا وكيلا)، والنصوص عديدة. وأوضح بوهندي السياق الذي جاء فيه الحديث عن العصمة، وهو "سياق الجدل المسيحي في طبيعة المسيح، هل هي طبيعة بشرية أم إلهية؟ وكان من أدلة ألوهيته عدم ارتكابه للأخطاء مثل غيره من الأنبياء، ثم انتقل هذا الجدل إلى كتبة الإنجيل والكتاب المقدس عموما، وكانت الدعوى أنهم كانوا مؤيدين بالروح القدس، وهم يكتبون الوحي والأناجيل. ومع مجيء الإسلام كان النقاش المسيحي الإسلامي في ألوهية المسيح وأمه، وكانت عصمتهما من ارتكاب المعاصي واحدة من خصائص تأليههما". واسترسل بوهندي في الشرح: " بعد ذلك أصبح موضوع العصمة موضوع جدل إسلامي إسلامي، وذلك لكون بعض المذاهب قد جعلت العصمة من خصائص أئمتها "الأئمة المعصومون"، وامتد النقاش ليفرق بين الأنبياء وباقي الناس في العصمة، لأن الأنبياء اختارهم الله، والأئمة بشر عاديون، وهو ما سار عليه جمهور من سموا أنفسهم بأهل السنة والجماعة" على حد تعبير المتحدث. وخلص الباحث إلى أنه "استقر في الأذهان عصمة الأنبياء دون باقي البشر، وترتب عن ذلك أخطاء قاتلة، إذ لم يعد الأنبياء بشرا، وأصبحوا في مرتبة بين الآلهة الذين لا يخطئون ومرتبة البشر الخطائين؛ وأصبحوا بذلك غير صالحين للاقتداء والتأسي، وأصبح سهلا على كثير من الناس اعتبار الأنبياء صنفا آخر غير بشري، ولا يمكن اتخاذهم نموذجا أو مثلا"، مشيرا إلى أن "هذا هو حال الغلو في الدين والقول على الأنبياء غير الحق، وهو غلط عظيم" يجزم بوهندي في نهاية حديثه لهسبريس.