انهارت عمليا كل مبررات شرعية الحكومة الحالية، التي يقودها حزب العدالة والتنمية، وقد شاءت الصدف أن يتلقى الحزب القائد للأغلبية ضربات متتالية، في نهاية الولاية الانتخابية، لتكون الضربة القاصمة هي ضربة القاسم الانتخابي. إذ سيستحيل على حزب "المصباح"، مهما كانت قوة "خلاياه" و"جمعياته" و"قناديله"، الحصول على أكثر من مقعد في أي دائرة انتخابية، مهما بلغ حجمها، فطريقة القسمة كفيلة بابتلاع فارق الأصوات، مما سيعطي الحق في الفوز لمرشحين غير متوقعين. عن أي أغلبية سيتحدث العثماني بعد أن تحالفت ضده أحزاب الأحرار و"البام" والاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية والاستقلال والحركة الشعبية.. فإذا كانت فصول الدستور، انطلاقا من الفصل 87، تعطي رئيس الحكومة مجموعة من الصلاحيات، بداية بتقديم برنامجه أمام مجلسي البرلمان، والحق في الإشراف والوصاية على المؤسسات والمقاولات العمومية، وصولا إلى التعيين في الوظائف المدنية، وفي الإدارات العمومية، وفي الوظائف السامية في المؤسسات والمقاولات العمومية..، فإن "رئيسا" مثل سعد الدين العثماني لا يعرف من هذه الوثيقة إلا عناوينها، وقد أثبتت التجربة محدودية تحركاته، بل في كثير من الأحيان كان آخر من يعلم، وآخر من يتكلم. وبغض النظر عن الديون والقرارات اللاشعبية، فإن هذه الحكومة لم يعد لها اليوم أي دور عملي، سوى تصريف الكلام، وتقديم نشرات حالة الطقس، في انتظار المعركة الانتخابية، التي ستؤدي حتما إلى مفاجآت كبيرة، قد يكون أبرزها تراجع حزب العدالة والتنمية.. ليس بسبب قوة منافسيه، ولكنه مثل الديك الذي فقد كل ريشه في معارك صغيرة، قبل اليوم الكبير.. والعرب يقولون: "عند الامتحان يعز المرء أو يهان"، فما بالك من سقط في الاختبارات التسخينية الأولية. لا يصح إلا الصحيح، والصحيح هو أن المغاربة صمدوا في وجه وباء "كورونا" بفضل تضامنهم وتآزرهم، والقرارات السيادية الشجاعة، التي وقف وراءها جنود الخفاء، وهم أنفسهم جنود الخفاء الذين يواصلون اليوم معركة الحصول على اللقاح، دون أن يتسابقوا للظهور على شاشات التلفزيون، فمن الوهم الاعتقاد بأن معركة مواجهة "كوفيد- 19" قادتها هذه الحكومة المفككة، المتطاحنة. إن ما بقي الآن هو تصريف الكلام، في انتظار ساعة الحسم، وتبقى الآفة الكبرى، لحزب الأغلبية، هي غياب روح المبادرة، وميله إلى الاختباء وراء القوى الغيبية، وتحويله الإرادة الشعبية إلى رأسمال تجاري يقايض به كل فرصة لممارسة الديمقراطية بحفنة امتيازات وكراسٍ وجاه وهمي..