تصنف ظاهرتا الفقر والبطالة ضمن أهم المشاكل التي يعاني منها المغرب ،والتي عكفت الحكومات المتعاقبة خلال العقدين الماضيين على تطبيق العديد من الخطط والاستراتيجيات لمحاربة هاتين الظاهرتين. ورغم الأهمية التي يكتسبها العمل على تقليص حجم هاتين الظاهرتين ، إلا أن الجهات الفاعلة في هذا المجال تغاضت عن إيجاد قاعدة بيانات شاملة حول الفقر والفقراء ، وارتضت العمل على تحقيق غايتها بناء على معلومات غير وافية كافية لإحراز تقدم ملحوظ في عملها. فتدفق المعلومات وانتقالها وتبادلها أمر في غاية الأهمية ،يساهم في إزالة معيقات ومشاكل ويحول دون الوقوع في أخطاء جديدة أو تكرار أخرى قديمة تقلل من اثر السياسات الهادفة إلى التخفيف من حجم الظاهرة في المغرب. فقاعدة البيانات المطلوب لإحداث نقلة نوعية في تقليص عدد الفقراء والعاطلين عن العمل يحتاج إلى الربط بين بيانات جميع الجهات والوزارات والمؤسسات المعنية مع جهة واحدة تعني بهاتين المعضلتين تكون لها صلاحيات قانونية بالحصول على المعلومات التي تراها ضرورية من أي جهة كانت. وتشمل قاعدة البيانات أيضا دائرة الترخيص والأحوال المدنية حتى يتسنى للفاعلين في هذا الشأن الوصول للفقراء لا انتظار مطالبتهم للمساعدة حيث توفر قاعدة المعلومات سبيلا وضع خطط شمولية تبنى على أساس علمي ومدروس. وأدى تبعثر البيانات لدى الجهات التي تعمل في مكافحة الفقر والبطالة إلى غياب التنسيق بينها وضياع الجهود المبذولة وعدم الوصول للفقراء الحقيقيين بل اقتصار التركيز على أولئك الذين يشعرون في الفقر. بالرغم من الاهتمام الذي تلقاه ظاهرتا الفقر والبطالة إلا أن النتائج المتحققة لحصر حجم هاتين الظاهرتين بقيت دون مستوى الطموح وظلت قضيتا"الفقر والبطالة" تتقدمان اولويات المغاربة بعيدا عن الشعور بتحقيق نتائج ايجابية في هذا المجال. وعقد غياب قاعدة البيانات المسالة من حيث عدم الحصول على التغذية الراجعة أو النتائج الحقيقة للسياسات التي امتدت لسنوات دون أن يلحظ الفقراء تغييرا في مستوى حياتهم. ومن العوامل التي ساقت أيضا إلى نتائج غير ملموسة في مكافحة الفقر عدم توفر البيانات حول الفقراء فالفقير الذي يقطن في ابعد رقعة عن مركز صنع القرار لا بد انه يراجع مركزا صحيا أو له ابنا سجل في المدرسة فهذه المعلومات وان بدت عديمة الأهمية إلا أنها تعد دلالات يمكن البناء عليها. وبما أن سياسة مكافحة الفقر تواجه صعوبات عملية كفقدان التنسيق بين المؤسساتوفقا لتقارير رسمية فان الحاجة باتت ماسة إلى توفير معلومات أدق تؤدي إلى استهداف الفقراء مباشرة وتقلل من المركزية في اتخاذ القرارات وصياغة البرامج وتخصيص الموارد للمؤسسات العاملة في مجال مكافحة الفقر. ولزيادة قدرات المؤسسات العاملة على مكافحة الفقر ووضع نظام لمراقبة وتقييم أداء هذه المؤسسات واستراتيجياتها وبرامجها فمن الأفضل العمل على توفير المعلومات الدقيقة والشاملة حول أوضاع الفقراء (الصحية والتعليمية و المعونة) خصوصا الموجودين في المناطق الاكثرفقرا. ومن الممكن أن يساهم تجميع البيانات وربطها في ولادة إطار مؤسسي واحد يوزع المهام بشكل فعال ومتكامل ويحدد الأهداف ويجمع الخبرات والمعلومات والإعداد لاستراتيجية واقعية لمكافحة الفقر حيث أن تفصيل البيانات للحصول على شرح دقيق للوضع الاقتصادي الاجتماعي للفقراء يعد احد التحديات التي تعيق إيجاد الإطار المؤسسي الموحد . و يبقى صعبا تحديد أهداف كمية واضحة لمعدلات الفقر خلال السنوات القادمة لعدم توفر تحليلات معرفة الأسباب الحقيقية لظاهرة الفقر وكيفية معالجتها بشمولية مما يدعو إلى عمل دراسات لتحديد الخصائص الاقتصادية والاجتماعية والديمغرافية للفقراء وأماكن تواجدهم. ومن الأمور الواجب توفير معلومات عنها ضمن القاعدة تقييم لآثار الإقراض القروض وحجمها لتشمل جميع الجهات المانحة وتحديد الشروط الجغرافية والفوائد والضمانات ومعايير الإقراض وأسلوب منح القروض. وبما أن معالجة الفقر تحتاج إلى عمل كثير وتحقيق العديد من الأمور التي تتجاوز توفير فرص عمل إلى توفير حزمة من الحاجات ومنها إقامة البنى التحتية وتقديم الخدمات الصحية والتعليمية ومعاهد التكوين وخدمات تمويل الإقراض وتنمية مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات والتعاونيات وبناء الإسكان وتحفيز القطاع الخاص إلى جانب تقديم الخدمات الاجتماعية لذوي الاحتياجات الخاصة والنساء بالإضافة إلى تقديم المعونة الوطنية. وتسهم قاعدة البيانات في تركيز وقياس حجم المشاريع والانشطة الموجهة للفقراء حسب احتياجاتهم لتسليحهم بالقوة والمعرفة بالأنشطة التنموية المدرة للدخل وتطوير مفاهيم العمل التعاوني إلى جانب تشجيع المبادرات الخاصة بالقطاع الخاص. *الرئيس المؤسس لفضاء الحياة للتأهيل الاجتماعي