على بُعْد شهر من المؤتمر الدولي حول مناهضة عقوبة الإعدام الذي سينعقد في العاصمة الاسبانية مدريد ما بين ال12 وال15 يونيو القادم، نظّم الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام صباح اليوم بالرباط جمعه العام، تحت شعار "الحق في الحياة مِلْك للإنسانية، وذلك بحضور سفير المفوضية الأوربية لحقوق الإنسان بالرباط، وسفراء كل من فرنسا والنرويج والسويد، وعدد من الفاعلين السياسيين والحقوقيين. وقال محمد النشناش، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان في الكلمة الافتتاحية لأشغال الجمع العامّ، إنّ الدستور المغربي الجديد كرّس في الفصل ال20 مبدأ الحق في الحياة كأوّل حقّ من حقوق الإنسان، "لكن مع الأسف رغم تقدم المغرب في مجال حقوق الإنسان على عدة واجهات، إلا أنه لم يوقف أحكام عقوبة الإعدام". واعتبر النشناش توقيف تنفيذ عقوبة الإعدام منذ سنة 1993، شيئا إيجابيا، غير أنه استدرك أنّ ذلك لا يكفي، "لأنّ الحكم، وإن كان موقوف التنفيذ، إلا أنّه سيظل مسلّطا على رقاب المحكومين به، وهو ما يشكل عذابا إضافيا لهم، وعقوبة وتعذيبا نفسيا مستمرّا". وأضاف أنّ الوقت قد حان لتتحمّل الدولة مسؤوليتها، وتعلّق رسميا تنفيذ عقوبة الإعدام، كمرحلة أولى قبل إلغائها بصفة نهائية. في غضون ذلك، قال النشناش في تصريح لهسبريس، إنّ موقف المغرب من عقوبة الإعدام يتّسم بعدد من التناقضات، ففي الوقت الذي ينصّ الدستور على مبدأ الحق في الحياة، فإنّ القانون الجنائي ما زال يتضمّن فصولا تنصّ على الحكم بالإعدام، كما أنّ المغرب ما زال يمتنع عن التصويت في الأممالمتحدة، معتبرا ذلك تناقضا مع الموقف الداخلي. ونبّه المتحدث ذاته إلى أنّ عدم إلغاء المغرب لعقوبة الإعدام، سيكون له تأثير سلبي على سعيه إلى الانضمام إلى مجلس إلى اللجنة الدولية لحقوق الإنسان، وهو المنصب الذي سيترشح إليه خلال سنة 2014، "لذلك نحن بحاجة إلى قرار سياسي لإلغاء هذه العقوبة، وعدم الحكم بها، أيّا كانت الجريمة المرتكبة، لأنّ الحق في الحياة يجب أن يكون حقّا شاملا، وتستبدل عقوبة الاعدام بعقوبات بديلة، تحترم الحقّ في الحياة، وتفيد المجتمع". وبخصوص الجهة التي يجب عليها أن تبادر إلى اتخاذ قرار إلغاء عقوبة الإعدام، وما إن كانت الحكومة قادرة على اتخاذ قرار من هذا القبيل، قال منسق الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، النقيب عبد الرحيم الجامعي، إن الحكومة "لا تستطيع أن تحرّك ساكنا بخصوص هذا الموضوع، كما لم تحرّكه الحكومات السابقة". وأضاف "إذا جاءهم أمر من الملك بوقف أحكام عقوبة الإعدام فإنهم سيوقفونها، وسيجدون لذلك مبرّرات، ولن يكون هناك مبرر لا عقائدي ولا شرعي ولا خصوصية مغربية، بل سنجد من يعلن أن عقوبة الإعدام انتهت بمبررات الحداثة والديمقراطية وتنزيل مقتضيات الدستور". إلى ذلك، أوضح الجامعي، ردّا على معارضي إلغاء عقوبة الإعدام من منطق ديني، أنّ القرآن لم يرِدْ فيه نصّ متعلق بعقوبة الإعدام، "ثم إن القانون الجنائي المغربي لا يستمدّ شرعيته من القرآن، بل من القانون الوضعي، لذلك نحن نطالب بإلغاء العقوبة من القانون الجنائي المغربي، فنحن لا نريد أن نُعدّل القرآن، بل نريد تعديل القانون الجنائي الوضعيّ، الذي تطبقه المحاكم وتصدر باسمه الأحكام". في ذات الإطار، عبّر الجامعي، في كلمته أثناء افتتاح الجمع العام للائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الاعدام عن أسفه لعدم تصويت المغرب، للمرة الرابعة، على توصية الأممالمتحدة، خلال شهر دجنبر من السنة الماضية، بإلغاء عقوبة الإعدام، التي وصفها بأنها "من أبشع العقوبات في العالم، لكونها تناهض الحق في الحياة، الذي تنصّ عليه كل المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، كما أنها تعارض توصيات هيأة الانصاف والمصالحة". بخصوص البدائل التي يقترحها الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، قال الجامعي إنّ المطلوب أولا هو أن تُلغى العقوبة من القانون الجنائي، "وبعد ذلك سيكون نقاش حول العقوبات البديلة، التي يمكن أن تعوّض عقوبة الإعدام". الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، محمد الصبار، قال في كلمته بالمناسبة، إن المرجعية الدولية لحقوق الإنسان حسمت في موضوع إلغاء عقوبة الإعدام بصفة نهائية، مضيفا أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان منخرط في منحى إيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام، التي وصفها ب"العقوبة المشينة والوحشية"، بشكل نهائي.