شهد باب الحد وسط العاصمة الرباط صباح لأحد 31 مارس مسيرة "شعبية" دعت إليها كل من نقابتي الكونفدرلية الديمقراطية للشغل والفدرالية الديمقراطية للشغل، تحت شعار "من أجل الحريات والحقوق كاملة". وقد شارك في هذه المسيرة، بحسب هسبرس، "أكثر من عشرة آلاف شخص، حسب تقديرات بعض المنظمين، فيما حدّد مسؤول أمني لهسبريس عدد المشاركين في ثمانية آلاف مشارك". ومهما كان العدد الحقيقي للمشاركين فقد كان واضح وجود قيادي اليسار في الصفوف المتقدمة ومن بينهم الكاتب الأول لحزب الإتحاد الاشتراكي السيد إدريس لشكر الذي اثر الظهور بلباس "شبه رياضي" شاب مستعد لخوض المباراة من زاوية موقع حزبه في المعارضة. وكان الكاتب الأول لحزب بوعبيد يرفع، إلى جانب رفقائه في اليسار الذين 'تشاركوا' قيادة المسيرة 'الشعبية' رافعين لشعارات 'متطرفة' موجهة إلى الحكومة ورئيسها عبد الإله بنكيران مطالبين إياه بالرحيل على شاكلة 'بن علي إرحل'. وقد دفع واجب المعارضة رفاق لشكر وأمينة منيب على تعميم طلب الرحيل ليشمل كل أعضاء الحكومة مسلحين بشعار الربيع العربي الشهير مع بعض التعديلات: "الشعب يريد إسقاط الحكومة". ويرجع سبب رفع شعار الثورة 'الشعب يريد' من طرف المسيرة 'الشعبية' إلى أن ابنكيران وحكومته، بالرغم من أنهم لم يقضوا إلا حوالي سنة، "ما دار والو ما دار والو..-ولذلك يضيف المحتجون- ابن كيران يمشي بحالو"، بطبيعة الحال مع حكومته. والغريب في الأمر أن هذا 'التقييم' يأتي من طرف من جلسوا على أريكة الحكومة المريحة لحوالي اثنتا عشر سنة ولم يفعلوا شيئا بدليل أن الشعب 'الحقيقي' قال لهم 'ارحلوا' عن طريق صناديق اقتراع 2011 التي لم يطعن فيها أحد لا من اليسار أو من اليمين. وبالتالي فإن إلحاق منظمي المسيرة لكلمة 'الشعبية' لمسيرتهم قد يكون مضللا لأن الشعب الحقيقي ربما يكون له رأي مغاير للمسيرة التي وصفت باسمه ونطقت زورا بلسانه. إن الشعب المغربي بحسب نتائج استطلاع للرأي، أجرته جريدة "ليكونوميست' لا يزال يتق في الحكومة بالرغم من القضايا والقرارات الكثيرة التي اتخذتها والتي لا تصب في مصلحة "شعبيتها" أو حتى "شعبويتها' كما يسميها البعض. ويبدوا أن الإخوة في اليسار إذ وصفوا مسيرتهم 'بالشعبية' قد يكونوا أخطئوا الحساب سواء حساب عدد ممثلي الأمة في البرلمان أو حتى حساب الأرقام في استطلاعات الرأي المنشورة مؤخرا. إن مسيرو المسيرة 'الشعبية'، وفيهم أعضاء في البرلمان، يعلمون جيدا بحكم حضورهم الدوري للبرلمان، أن ثلث مقاعد مجلس النواب، نواب الأمة، يملئها برلمانيو حزب العدالة والتنمية، والذين يبلغ عددهم 107 برلماني وبرلمانية جاءوا عقب انتخابات 2011، الأكثر مصداقية في تاريخ المغرب والتي منحت ثقة الشعب-أو لنقل من أدلى بصوته- في حزب المصباح بقيادة ابن كيران، وهذه التقة، عكس ما يريد أن يروج له منظموا المسيرة، لا زالت إلى حد اليوم. فلقد كشفتْ جريدة "ليكونوميست"، الناطقة بالفرنسية، نتائج استطلاع للرأي أجرته ونشرته مؤخرا، 'أن حكومة عبد الإله بنكيران، لازالت تحتفظ بشعبيتها لدى المغاربة بعد مرور أكثر من 14 شهر على تنصيبها، رغم الأزمات السياسية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد.' أكثر من هذا، وهو ما قد لا يعجب 'الشعب' في مسيرة 'إسقاط الحكومة'، فوفقَ نتائج الاستطلاع المذكور، 'إنَّ 64 بالمائة من العينة المستوجبة قالوا إن "بنكيران يقود الحكومة بشكل جيد"، في حين اعتبر حوالي 58 بالمائة أن رئيس الحكومة "رجل كلمة"، بينما رأى فيها 66 بالمائة من عينة المسح أنه "قريبٌ من المغاربة". وختاما نقول أنه لا يحق أن يمنع أي أحد مهما كان هذا الأحد لأي مسيرة احتجاجية لأي فئة، كبيرة أو صغيرة، بل وحتى مطلب 'إسقاط الحكومة'، بالنسبة لليسار أو السياسيين بصفة عامة، أمر مشروع وهو، أكيد، أمر مقبول لكن فقط من خلال صناديق الاقتراع.