بعد تحولها من قناة نشيطة إلى تلفزة بدون جمهور الدوزيم بين ثغرة 20 مليار والموظفين الأشباح نجح فيصل العرايشي(الصورة)، الرئيس المدير العام للقطب العمومي، في خلق حدث الأسبوع الماضي، سواء من حيث التوقيت أو الوجه الذي أعلن تعيينه على رأس قناة عين السبع، فمن حيث التوقيت اختار العرايشي الوقت الميت ليعلن نهاية فترة مصطفى بنعلي، وذلك على عكس التوقعات التي ظلت تخمن موعد إقالة بنعلي منذ عدة أشهر، ومن حيث الوجه بعد اختيار سليم الشيخ، المدير السابق للوكالة المستقلة للإشهار، بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، عوض سميرة سيطايل المرشحة الأولى للمنصب الجديد، لكن باستثناء ذلك تظل قناة عين السبع إلى جانب باقة القنوات التي ظهرت إلى الوجود مؤخرا )الرياضية، الرابعة، المغربية ومحمد السادس للقرآن) تثير سخط المشاهد المغربي، الذي يمول هذه القنوات من جيبه ويلجأ للفضائيات لتلبية حاجياته، في الورقة التالية نحاول الاقتراب مما أنجزه مصطفى بنعلي والأخطاء التي وقع فيها، وما يراهن عليه فيصل العرايشي، مع محاولة لرسم صورة تقريبية لسليم الشيخ. من دوزيم انترناسيونال.. إلى تلفزة "بدون جمهور" عين فيصل العرايشي، المدير العام لشركة (صورياد دوزيم) الأسبوع الماضي سليم الشيخ مديرا عاما للقناة الثانية دوزيم، خلفا لمصطفى بنعلي، كما تم تعيين سميرة سيطايل، نائبة للمدير العام الجديد، مكلفة بالأخبار والبرامج الإخبارية، مما يفرض إعادة ترتيب حكاية «الدوزيم» التي احتفلت شهر مارس الماضي بالذكرى التاسعة عشرة لانطلاقها. "" مرت القناة بثلاث مراحل رئيسية، ففي المرحلة الأولى كان البث المرموز المؤدى عنه، ثم مرحلة البث المجاني المفتوح فمرحلة التبعية للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وخلال هذه المراحل تدرجت القناة من تلفزة «نشيطة» وقريبة من اهتمامات المواطن إلى تلفزة «بدون جمهور» لا تختلف في شئ عن أختها «القناة الأولى» أو«الإثم»، كما يحلو للمغاربة وصفها، وخلال هذه المراحل ساهم تحول الشركة من قناة خاصة (دوزيم انترناسيوتال) تراهن على تقديم منتوج بإمكانه استقطاب، ليس فقط المشاهد المغربي ولكن أيضا مشاهدي شمال افريقيا، إلى قناة 72 بالمائة من أسهمها في ملكية الدولة (المرحلة الثانية) ثم إلى قناة تابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، ساهمت هذه المراحل –ربما- في تحولها إلى تلفزة "بدون جمهور" ولكن أيضا إلى ضيعة خاصة، بل أكثر من ذلك أضحى المغاربة يتابعون صراعات مونية التازي (مديرة التسويق)، التي تقف إلى جانب بنعلي ضد سميرة سيطايل ومليكة ملاك وخديجة بنمالك، وقبل ذلك صراعات نور الدين الصايل ونادية لارغيت ضد باقي العاملين ، وأيضا ضد مصطفى بنعلي عوض متابعة إنتاج تلفزي يحترم ذكاء وطموحات المغاربة. فهل بإمكان سليم الشيخ قلب المعادلة وتصحيح الأوضاع داخل القناة التي تسير بسرعة قياسية نحو المنحدر؟ ثغرة 20 مليار سنتيم "من الصعب التكهن بما ستؤول إليه الأمور مستقبلا، مادام سليم الشيخ لم يعلن بعد نواياه"، يقول مصدر من داخل القناة، قبل أن يستدرك:"إن ذلك يرتبط بالأولويات التي رتبها مع فيصل العرايشي المدير العام، مع ملاحظة أساسية وهي أن تفضيل سليم الشيخ الملم بعالم المال والأعمال، على سميرة سيطايل، المشهود لها بالكفاءة الصحفية، يعني أن العرايشي يبحث عن المدير الذي بإمكانه إعادة ترتيب البيت الداخلي، خاصة على المستوى المالي، وأيضا التركيز على التسيير الجماعي، بالإضافة إلى إعادة نسج العلاقات بين الشغيلة والإدارة من جديد بسبب سوء التسيير الذي طبع مرحلة تولي مصطفى بنعلي لإدارة القناة الثانية، حيث انتهى الافتحاص المالي الذي خضعت له القناة خلال السنة الجارية إلى وجود ثغرة مالية تقارب 20 مليار سنتيم، لكن هذا السبب ليس الوحيد الذي قد يكون دفع في اتجاه إقالة بنعلي وتنصيب سليم الشيخ بدلا منه. من يحكم القناة؟ فشغيلة القناة لا تتردد في اتهام الإدارة السابقة ب«مباشرة نمط تسيير فرداني يهمش أطر القناة وكفاءاتها، ويرفض مبدأ الشراكة معهم، كما يستند إلى فتاوى مكاتب الاستشارات الأجنبية»، كما لاتتردد نقابة المستخدمين في انتقاد «غياب هيكلة تنظيمية مثلما هو معمول به في الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية»، حيث تتركز السلطة بالقناة الثانية في مديريتين فقط بدل ست أو ثماني مديريات كما كان الأمر عليه في السابق». مع العلم أن زملاءهم بالقناة الأولى يمنون النفس بتركيز السلطة بالقناة الأولى في مديرية واحدة أو مديريتين لتفادي تضارب مصادر القرار، والذي يؤدي بالضرورة إلى تباطؤ الأداء وتراجع المردودية. وفضلا عن ذلك يرى المتتبعون أن إقدام بنعلي، بعد تعيينه مديرا للقناة، على ترسيم عدد من المتعاونين، مما أصبح معه عدد المستخدمين يفوق 750 مستخدما، ما بين تقنيين وصحافيين وإداريين يؤشر على وجود اختلال رئيسي في تدبير القناة. مع العلم أن عدد المستخدمين في بعض القنوات التلفزيونية أقل بكثير من العدد المذكور، وذلك اعتمادا على ترشيد تدبير الموارد المالية والبشرية، بما يرفع من المردودية ويقلص النفقات والأعباء الإدارية. الأشباح بعين السبع "إن زيادة عدد المستخدمين بالقناة لا تشكل الاستثناء، فجميع الإدارات المغربية تعاني نفس المشكل، ولا يمكن لأي مدير كيف ما كانت سلطته الوقوف في وجه التوظيفات المشبوهة و"الموظفين الأشباح" لأن المسؤولن النافذين في الدولة هم المسؤولون الحقيقيون عن هذه التوظيفات"، يقول أحد العاملين في القناة الثانية وواحد من المدافعين عن حصيلة بنعلي، لكنه يبرر رفضه الكشف عن هويته بالقول :"لست في حاجة إلى الدخول في المزيد من الصراعات..فالاشتغال في القناة الثانية يشبه "الحمام"، نفس الرجل قال ل"المشعل:" لا يمكن لأي أحد التشكيك في الكفاءة المهنية لمصطفى بنعلي، خاصة على المستوى التقني واقتناء البرامج"، ثم لا يجب أن ننسى، يضيف نفس المتحدث، أن بنعلي نجح في تشييد أكبر أستوديو في إفريقيا بكلفة 7 مليون درهم، كما يرجع له الفضل في ظهور العديد من البرامج الناجحة، والتي تلقى متابعة قياسية من طرف جمهور الشباب مثل "استوديو دوزيم" و"مواهب في تجويد القرآن" و"شالنجر"، لكن الجميع يتفق على أن مصفى بنعلي وإن فشل في الحفاظ على توازن ثلاثية «الإخبار، التثقيف والترفيه»، وأن الترفيه هو عنوان مرحلة بنعلي على رأس القناة بفعل إصراره على كسر مفهوم الشبكة البرامجية، إلا أنه تمكن من تحقيق موارد مالية مهمة للقناة. الدور الحقيقي بصرف النظر عن الوجه الذي يوجد على رأس القناة، هل الصايل أو بنعلي أو سليم الشيخ، يظل السؤال الذي يطرحه المتتبعون، بعيدا عن البرامج الحوارية التي تبرمجها القناة هو هل يوجد بين هؤلاء المدير القادر على الدفع بالقناة في اتجاه أن تلعب الدور الحقيقي المفروض أن تلعبه وسائل الإعلام المسموعة والمرئية في مجتمع متخلف مثل مجتمعنا؟