اهتزّت الساحة السياسية المغربية بتشكيل "الحركة لكل الديمقراطيين" في الفترة التي انقضت منذ الانتخابات البرلمانية في شتنبر 2007، و يرأس الحركة فؤاد عالي الهمة الذي كان يُعتبَر الرقم الثاني في النظام. ويُتوقَّع على نطاق واسع بأن تصبح الحركة التي تعرّف عن نفسها بأنها "مبادرة وطنية منفتحة لجميع الديمقراطيين، بغض النظر عن ولاءاتهم السياسية"، حزباً قبل الانتخابات المحلية سنة 2009. ظهر تحالفان عبر الأحزاب كردة فعل لصعود الحركة، الأول يصطف إلى جانب الهمة والثاني ضده. وعلى الرغم من أن الهمة لا يزال مستقلاً سياسياً، فقد ساعد على تشكيل التحالف الديمقراطي الاجتماعي الذي أعلن عنه في 29 ماي والمؤلّف من أربعة أحزاب ماضي. وكانت خمسة أحزاب متوجّسة من الحركة لكل الديمقراطيين قد اجتمعت في وقت سابق من الأسبوع نفسه وشكّلت معاً ائتلاف اليسار. يحمل تشكيل الحركة مضاعفات مهمة للإصلاح في المملكة مع أنه لم يحظى باهتمام كبير خارج المغرب. وعلى غرار خطاب السناتور باراك أوباما عن "السياسة ما بعد الحزبية" في الولاياتالمتحدة، تطرح الحركة السؤال المباشر حول ما يمكن أن تؤول إليه دعوة واسعة النطاق لتجاوز النظام السياسي الحالي. فتحت شعار "تجديد الجسور بين الشعب والنخب"، دعت حركة لكل الديمقراطيين إلى الإصلاح المؤسسي والدستوري. لكن نُقِل عن الهمة نفسه قوله في مجالس خاصة إن "الإصلاح لن يأتي من مجلس النواب". السؤال المطروح بالنسبة إلى الهمة الميّال إلى الإصلاح هو إذا كان ينبغي على الحركة أن توجّه طاقتها نحو إشراك مجلس النواب وتعزيزه بدلاً من تجاوزه و الاتّكال على صلات الهمة بالقصر. يقدّم الهمة نفسه بأنه رجل من الشعب يستطيع أن يحدث تغييراً. فقد ولد في مراكش لأب يعمل أستاذ مدرسة، واختير الهمة عشوائياً لارتياد الثانوية الملكية في الرباط مع الملك محمد السادس الذي كان أميراً آنذاك. أمضى الهمة الجزء الأكبر من التسعينيات في العمل في حقل السياسة البلدية والمحلية في منطقة الرحامنة الريفية التي هو نائب عنها الآن ويصفها بأنها "مغرب مصغّر". عندما اعتلى محمد السادس العرش عام 1999، عُيِّن الهمة الوزير المنتدب في الداخلية و بات يُلقَّب بحكم علاقاته الوثيقة بالملك ب "نائب الملك" ويُزعم أن مسؤولياته في وزارة الداخلية تضمنت حملة تشويه ضد ابن عم الملك مولاي هشام العلوي الذي طالب حينها علنا بالديمقراطية. ويُتهم الهمة أيضا بتنظيم مظاهرات ضد الصحيفة الأسبوعية “Le Journal Hebdomadaire” وذلك لتناول موضوع الرسومات الكاريكاتيرية الدنمركية عام2006. استقال الهمة من الوزارة في غشت2007 ليترشّح للانتخابات النيابية في سبتمبر/أيلول من العام نفسه. وتبيّن أن الشائعات بأنه سيُعيَّن رئيساً للوزراء بعد الانتخابات غير صحيحة، وتولّى بدلاً من ذلك رئاسة لجنة الشؤون الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية في مجلس النواب. وحشد أيضاً كتلة من 36 نائباً تحت راية "الأصالة والحداثة"، لتصبح نواة الحركة لكل الديمقراطيين والتحالف الديمقراطي الاجتماعي المؤلّف من أربعة أحزاب. ومنذ تشكيلها، تنهمك الحركة في تجنيد أعضاء في صفوفها وتشكيل لجان عمل بهدف إعداد مقترحات للسياسات. وتحاول التعويض عمّا تعتبره فشل النخب الوطنية في إشراك المواطنين والمجتمع الأهلي وتعبئتهم. في الواقع، تحذو الحركة حذو حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي وسّع دائرة التأييد له من خلال السمعة التي اكتسبها لنفسه كحزب مسؤول وغير فاسد. لكن على الرغم من انفتاحها المزعوم، رفضت الحركة لكل الديمقراطيين عقد اجتماعات مع الإسلاميين بما في ذلك حزب العدالة والتنمية. سوف تنجح الحركة في جلب بعضا من الرأي الغاضب والنافر الذي انعكس في نسبة الاقتراع الضئيلة والتي بلغت 37 في المائة والنسبة المرتفعة بطريقة مثيرة للقلق من الأصوات اللاغية في انتخابات 2007. تلقى الانتقادات الشديدة التي يوجّهها الهمة للنخب الوطنية ومجلس النواب أصداء لدى الرأي العام وتساعد صلته بالملك على منح الحركة مصداقية أكبر. ففي المغرب حيث يتّخذ القصر كل القرارات الكبرى ويدير كل الإصلاحات الأساسية، يتأثّر قرب المؤسسات السياسية من الملك على قدرتها لاستقطاب شعبية أكبر فقد أظهر استطلاع آراء أجرته مؤسسة "المغرب 2020" عام 2002، أن 45 في المائة من المجيبين عبروا عن درجة إيجابية من الثقة بالحكومة – المؤلّفة من حوالي 30 وزيراً يتولّى الملك تعيين أصحاب الحقائب الوزارية الأهم من بينهم – مقابل 35 في المائة أعربوا عن ثقتهم بالبرلمان و27 في المائة بالأحزاب السياسية. كما أن الثقة التي يحظى بها الهمة لدى الملك تساعد على جذب شعبية أكبر لان الإصلاحات التي تركّز عليها الحركة ويعطيها المغاربة الأولية، وهي في شكل أساسي إصلاحات اقتصادية، تتفرّع عن الإصلاحات السياسية. في استطلاع آراء وطني أجرته جمعية "2007 دابا" الصيف الماضي، وضع المغربيون "تعزيز الممارسة الديمقراطية" في المرتبة الأخيرة بين 20 أولوية للحكومة الجديدة –اثنان في المائة فقط من المجيبين. ويضل السؤال مطروح هل ستكتفي الحركة بتجديد النظام السياسي ولن تعمد إلى إصلاحه، فالأمر يتوقّف على نظرتها إلى مجلس النواب. كلما تصرّفت الحركة كجمعية تحظى بمباركة ملكية وتصرف النظر عن البرلمان، فهي سوف ترسّخ أكثر فأكثر الوضع القائم. لكن كلما بذلت مجهوداً لبناء حركة شعبية تحضّ مجلس النواب على العمل وتمارس ضغوطاً على الأحزاب السياسية التقليدية القائمة كي تمارس دورها – ولا سيما بينما تتحوّل من حركة إلى حزب سياسي – فيكون اسم الحركة لكل الديمقراطيين على مسمى. أندرو نغ -باحث في برنامج الديمقراطية وسيادة القانون في مركز كارنيغي للسلام الدولي. نشرة الإصلاح العربي يونيو 2008 ""