لأول مرة يبدي محمد اليازغي، وزير الدولة، رأيه بخصوص حزب الأصالة والمعاصرة ومؤسسه فؤاد عالي الهمة، وعلاقة هذا الأخير بالملك. يتحدث الكاتب الأول السابق لحزب الاتحاد الاشتراكي، في هذا الحوار الذي خص به «المساء»، عن القطب الليبرالي الموحد المنشود، وأخطاء قيادة حزبه وملامح اختناق الانتقال الديمقراطي بالمغرب، كما يعرج على أداء حكومة عباس الفاسي، وإمكانية حدوث تعديل حكومي. - راجت في الأيام الأخيرة أخبار حول إمكانية إخراج الاتحاد الاشتراكي من الحكومة وتعويضه بالأصالة والمعاصرة في تعديل وزاري جوهري وشيك، ما تعليقك؟ > كما تعلمون أن حكومة عباس الفاسي تحظى بثقة الملك، ولحد اليوم لم يظهر في الأفق أي ملتمس رقابة ضدها في مجلس النواب ولا المسطرة الأخرى المعقدة للتنبيه لمجلس المستشارين، إذن الحكومة قائمة عمليا إلى غاية سنة 2012 والتعديل الحكومي يبقى شيئا عاديا إذا حصل. لكن لا يخفى على أحد أن الظروف التي شارك فيها الاتحاد الاشتراكي في أكتوبر سنة 2007، كانت واضحة. صحيح أن النتائج التي حصدها الحزب في الانتخابات التشريعية سنة 2007 لم ترق الاتحاديين، وعندما عين الملك عباس الفاسي وزيرا أول وكلفه بتشكيل الحكومة، عمل ذلك في إطار المنهجية الديمقراطية التي كنا نطالب بها، وكان ذلك من الأسباب الأولى التي جعلت المجلس الوطني للاتحاد المنعقد في 27 شتنبر قبل سنتين يقرر التصويت لفائدة المشاركة في الحكومة بحوالي 215 صوتا من أعضاء برلمان الحزب، وعارضها ثلاثة أعضاء فقط من المجلس. بعد تشكيل الحكومة في 15 أكتوبر 2007، حصلت أزمة داخل قيادة الاتحاد الاشتراكي لا سبيل للرجوع إلى أسبابها الحقيقية. واعتبر البعض أن صيغة مواجهة الأزمة بحذف منصب الكاتب الأول ونائبه ستشكل رجة كبرى تفسح المجال للاتحاد للرجوع إلى مكانته التي يعتبرها مكانته الحقيقية في الساحة السياسية، لكن الرجة لم تحصل وبالعكس كنا أمام وضعية تدفع الاتحاد إلى الدخول في نفق لن يستطيع الخروج منه. - في نظركم أين تتجلى ملامح فشل الرجة السياسية التي طالب بها البعض؟ > لم يظهر عند الرأي العام الوطني أن الرجوع إلى صيغة القيادة الجماعية، التي كانت منذ تأسيس الاتحاد الوطني لحل أزمة قيادة الحزب، يشكل بالفعل انطلاقة جديدة. وبقي الرأي العام متفرجا، بل مشككا في ما أصاب قيادة الحزب بعد أزمة الرجة السياسية التي نادى بها البعض. بعد ذلك نجح الاتحاد في جمع مؤتمره الوطني ولو على مرحلتين، وشخصيا ساهمت في أن ينجح المؤتمر، خصوصا باعتماد مسطرة ديمقراطية في انتخاب الكاتب الأول والمكتب السياسي والمجلس الوطني وإعلان عدم ترشحي للكتابة الأولى. وهذا جعل الحزب يسترجع مكانته ويستبشر الرأي العام بأن هذا الحزب سينطلق من جديد، والامتحان كان هو الإعداد لانتخابات 2009. لا ننسى أن ما قرره المؤتمر الأخير للحزب هو أن مشاركة الاتحاد في الحكومة يجب أن تكون في أفق إصلاحات سياسية ودستورية، وكلف القيادة الحزبية بالحوار مع الحلفاء للتوجه نحو الإصلاح، وما هو مطروح اليوم هو أن الاتحاد قدم مقترح الإصلاحات الدستورية والسياسية بمفرده للملك دون إقناع حلفائه، فعليه اليوم أن يعود إلى حلفائه في حزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية للحوار من أجل تقديم جماعي لمذكرة إصلاحات سياسية ودستورية مشتركة في أفق ما سماه المؤتمر بالملكية البرلمانية. - في هذا الإطار، إنْ رفع الاتحاد مذكرته الدستورية إلى الملك، ما جدوى العودة إلى الحلفاء في الكتلة الديمقراطية من أجل التحاور من جديد بعد اتخاذ القرار بشكل فردي؟ > لأن الأمر يتعلق بتوجيهات المؤتمر ومن الحكمة تعبئة كل أعضاء الكتلة الديمقراطية لدعم مشروع الإصلاح الدستوري والمؤسساتي بل يجب في مرحلة لاحقة تعبئة كل القوى الديمقراطية والحداثية. في الوقت الراهن يبدو أنه من مصلحة الاتحاد والبلاد ألا يكون الحزب وحده المطالب بالإصلاحات الدستورية والسياسية... - هل ارتكبت القيادة الحالية خطأ عند التفكير في المبادرة بشكل منفرد؟ > أنا لا أقوم بتقييم المبادرة السابقة لأن الأمر مضى. - يقوم الملك، حسب الأعراف، حين توصله بمذكرة إصلاحات سياسية من حزب معين بالرد بشكل مباشر أو بطرق أخرى عملية، وهو ما لم يحدث في حالة حزب الاتحاد الاشتراكي؟ > خلال سنة 1992 كان هناك رد عملي على مذكرة الكتلة، التي تقرر عدم نشرها والملك أخذ مبادرة طرح تعديلات على الدستور وعرضها على الاستفتاء وهو ما سيتجدد في استفتاء 1996 على تعديلات إضافية. في مغرب اليوم كما الأمس القاعدة هي أنه لا يمكن أن تتم إصلاحات سياسية ودستورية إلا بتوافق بين المؤسسة الملكية والقوى الديمقراطية. وبطبيعة الحال للملك صلاحيات بأن يتخذ ما يراه مناسبا. - قيام حزب معين برفع مذكرة إصلاحات دستورية لابد أن يكون مستندا على قاعدة شعبية واسعة ضاغطة، وهو ما ليس متوفرا في الاتحاد الاشتراكي في الوقت الراهن، ما تعليقك؟ > لنتفاهم، حزب ديمقراطي يمكن أن يحظى بأصوات كبيرة ويمكن أن يفقدها، نحن نرى أن الحزب الاشتراكي الإسباني بقي مدة طويلة في الحكم بقاعدة واسعة، ثم فقد ناخبين كثر وانتخبت حكومة يمينية بقيادة أثنار ثم رجع الحزب الاشتراكي بالأغلبية بعد العمليات الإرهابية لسنة 2004. نرى أيضا تجربة الحزب الاشتراكي الفرنسي لم يسترجع بعد ما كان له من مجد منذ انتخاب فرانسوا ميتران مرتين، الإشكال الخطير الذي نأسف له في المغرب هو ما حصل في انتخابات 2007 من ضعف كبير للمشاركة السياسية في الاقتراع، وليس حجم السند الشعبي للاتحاد، وضعف المشاركة الشعبية أمر يهم الدولة والأحزاب والنقابات والمجتمع المدني أيضا، لأن الأمر يتعلق بظاهرة خطيرة. أما تقديم مذكرة لأحزاب الكتلة الديمقراطية لفتح آفاق جديدة أمام المغرب فهو واجب وطني لا يمكن التهرب منه. - في انتخابات بعض مجالس الجهات والجماعات المحلية لوحظ تنسيق بين الاتحاد والعدالة والتنمية، هل هو تقارب استراتيجي؟ > تركت القيادة الحالية للاتحاد الحرية للفروع والأقاليم لضبط تحالفاتها في انتخابات مكاتب المجالس، هذه التحالفات كانت متعددة ومتنوعة وليست فقط مع العدالة والتنمية، بل حتى الأصالة والمعاصرة تحالف الاتحاد معها في مدينة المحمدية، وكان التحالف في مكاتب مجالس أخرى مع أحزاب الأغلبية أيضا. لكن التحالفات المحلية وقعت في المجالس التي من مصلحة حزب العدالة والتنمية أن تقوم فيها هذه التحالفات، لأن الاتحاد يشكل فيها الحلقة الضعيفة، لذلك فأنا أعتقد بأن هذا التحالف المحلي لن يصمد لأن فلسفة الإخوان المسلمين كما تجلت منذ سنوات في السودان ومصر والأردن وغزة ومنها «يشرب» إخواننا في العدالة والتنمية استراتيجيتهم وتاكتيكاتهم ستؤدي إلى انهيار هذا التحالف الذي لن يصمد إلى غاية انتخابات 2014 على أقصى أفق. أما على المستوى الوطني، فإنني كاشتراكي أعتبر أن المشروع المجتمعي لحزبي يتناقض مطلقا مع مشروع مجتمع حزب العدالة والتنمية، والتحالف بين الحزبين أمر غير طبيعي، وكأنك تتصور أن الحزب الاشتراكي الفرنسي يتحالف مع جان ماري لوبين. - هناك تأخير في تنظيم المجلس الوطني؟ > هناك توصية من المؤتمر تقضي بتنظيم ندوة وطنية حول التنظيم. ويجب تواصل القنوات مع الشباب المغربي والنساء، عن طريق الشبيبة الاتحادية والقطاع النسائي بعد إعداد مؤتمراتها وبدون هذين القطاعين يستحيل على حزب حداثي أن يقوم بدوره لقيام قطب اشتراكي ديمقراطي. - من المرتقب أن يناقش المجلس الوطني مسألة البقاء أوالخروج من الحكومة... > المجلس الوطني هو أعلى هيئة تقريرية في الاتحاد بين مؤتمرين، لا يمكن أن يحصر المكتب السياسي أشغاله في نقطة واحدة... - لكن هناك أصوات من داخل المكتب السياسي تطالب بذلك... > حرية الرأي مكفولة لكل الاتحاديين، سواء كانوا أعضاء في المكتب السياسي أو المجلس الوطني أو التنظيمات القاعدية، لكن من هو في الجهاز التنفيذي للحزب يجب أن يقرر في تاريخ المجلس الوطني ويعد جدول أعمال في مستوى ما هو مطروح على البلاد وعلى الاتحاد من قضايا أساسية. - آخر محطة انتخابية كانت هي دعم أحزاب من الأغلبية لرئيس حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، ما تعليقكم؟ > أنا كيساري لا يخيفني أن يولد حزب جديد اسمه الأصالة والمعاصرة، لأنني اعتبر أن هذا الحزب قام على نقطتين، أو على الأقل أن المؤسسين يعتبرون أن من واجبهم جمع الليبراليين في قطب واحد سواء أصحاب الليبرالية المتوحشة أو أصحاب الليبرالية الاجتماعية، قطب واحد يجمع كل الليبراليين لدعم التوجه الذي يسير فيه المغرب، وهو توجه الدمقرطة والحداثة والانفتاح والنقطة الثانية هي مواجهة التطرف والإسلام السياسي. هذه العملية لم تمر بمرونة، لأنه أولا المعنيين الليبراليين ليسوا جميعا متفقين على أن يكونوا في قطب واحد، لذلك وقع الترحال لمن هو مع القطب الواحد ارتحل من الحزب المنخرط فيه إلى حزب الأصالة والمعاصرة ولو أن ذلك مخالف لقانون الأحزاب لكنه تم عمليا. ثم وقعت انتفاضة لزعماء ثلاثة أحزاب من الخمسة الذين شكلوا النواة الأولى، وبالطبع لما استمرت العملية على هذا المنوال وقع الاستقطاب، لكن داخل الأحزاب، على الأقل هناك حزبان في الأغلبية هما الحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار، بقي ضمنهما أعضاء هم في الحقيقة مع القطب الواحد، لكنهم بقوا داخل حزبهم الذي هو نفسه يدافع عن الليبرالية. لذلك لاحظنا أن مستشارين لم ينضبطوا لقرار قيادتهم وصوتوا على مرشح المعارضة. - هل تُدرجون ما يقع الآن داخل حزب الأحرار في هذا السياق؟ > داخل التجمع هناك أنصار لتشكيل القطب الليبرالي الموحد وهناك من يريدون الاستمرار في حزبهم في إطار التعددية الحزبية... - في رأيكم الأقطاب مهمة بالنسبة إلى ديمقراطية ناشئة؟ > نعم، ولكن تشكيل هذه الأقطاب يجب أن يكون بطرق الحوار والنقاش والإقناع وليس بطرق أخرى وتجنب تسلل المفسدين، لأنه في الانتخابات الأخيرة وقعت انزلاقات خطيرة، فبعض رجال السلطة ولو بدون تعليمات مركزية كانوا بجانب حزب معين، وأحيانا أعدوا له المرشحين والمرشحات، وسهروا على أن تكون النتائج لصالحهم... - لكن كانت هناك إشارات من المركز كإقالة منير الشرايبي، والي مراكش، بتلك الطريقة... > أعتقد أن قرار وزارة الداخلية إقالة منير الشرايبي لم يكن مناسبا في ذلك الوقت، فحتى لو كانت هناك مآخذ عليه، كان يجب انتظار أن تنتهي كل الاستحقاقات الانتخابية قبل إقالته، لأن ذلك قد يؤثر على رجال السلطة خصوصا ذوي النفوس الضعيفة. رجال السلطة دخلوا منذ سنة 2002 في مرحلة الحياد في الانتخابات، وهو أمر مطلوب ناضلت الأحزاب الديمقراطية من أجله سنين عديدة، ماعدا بعض الاستثناءات التي اتخذت وزارة الداخلية إجراءات ضدها. - عباس الفاسي، رئيس الأغلبية، دعم مرشح المعارضة لمجلس المستشارين، حسب تصريح للشيخ بيد الله، ما تعليقك؟ > عباس الفاسي لم يدعم بيد الله، ولو قرر ذلك لما حصل المعطي بنقدور على 111 صوتا في الدور الأول، وهي أصوات مستشاري الاستقلال والاتحاد وجزء من الأحرار وجزء من الحركة الشعبية. وما حصل أن بيد الله اتصل بزعماء الأحزاب يخبرهم أنه سيترشح، ورد عليه عباس الفاسي بالقول «إنك أول من أخبرني بتقديم ترشيحه»، وهذا ليس دعما، لكن هناك عدم انضباط عدد من المستشارين، فذلك مرتبط بأسباب متعلقة بالقطب الموحد لليبراليين وأسباب أخرى تهم العلاقات مع المرشحين. أنا كيساري لا يهمني قيام قطب وحيد للبراليين، ولا أعتبر نفسي معنيا بذلك، ما يهمني هو أن يقوم حزبي بالمبادرة الضرورية لقيام القطب الاشتراكي الديمقراطي. - تستبعدون الإطاحة بالحكومة لأن فؤاد عالي الهمة، مؤسس حزب الأصالة والمعاصرة، صديق للملك وبالتالي لا يمكنه إدخال المغرب في نفق سياسي مسدود؟ > أولا، أريد أن أقول إن فؤاد عالي الهمة كان صديقا لولي العهد، وليس وحده، بل هو وزملاؤه في المعهد المولوي أصدقاء لولي العهد. لما بايعنا محمد السادس للتربع على عرش أسلافه أصبح ملكا للمغرب، وبالتالي أصبح أبا لكل المغاربة، لا صديق له، وأصبح حكما فوق الأحزاب والتيارات لا يحتاج إلى حزب يسانده لأنه ليس رئيسا منتخبا، ولذلك لا يحق أبدا لأحد أن يستظل بظله. - بعد إلحاق امحند العنصر بالحكومة وتوليه مهمة وزير الدولة طُرح إشكال تواجد وزيرين للدولة في حكومة واحدة، واُعتبر الأمر على أنها حقيبة تقدم للحساب العددي فقط، ما تعليقكم؟ > ليست المرة الأولى التي تعرف فيها حكومة مغربية وزيري دولة بما فيها حكومة التناوب التي كان فيها وزيرا دولة. ومسألة كونها رقما ليس إلا، غير صحيح، لأن وزير دولة في النظام المغربي هو بمثابة نائب الوزير الأول، رغم أن الإعلام والصحافة تقول ما تريده حول وزارة الدولة لكنها ليست الحقيقة السياسية والدستورية. - ترى بعض القيادات من داخل الاتحاد أن البرنامج الحكومي لا يطبق... > في الواقع البرنامج الحكومي على سكته الصحيحة ويطبق على أرض الواقع، رغم أن هناك نقطة أساسية منه تجد الحكومة صعوبة في تنفيذها وهي تلك المتعلقة بالتشغيل. لأن هذا البرنامج ينص على أن يفوق معدل التنمية 6 في المائة لنصل إلى 7 في المائة سنة 2012، لكن مع الأزمة الاقتصادية لن يتحقق هذا بالكامل وهو ما دفع إلى أن تلتزم الحكومة بخلق 250 ألف منصب شغل جديد. أما باقي البرنامج فهو يسير وفق ما تم التخطيط له، وتعزز ببرامج ومخططات قطاعية أخرى ينص عليها البرنامج رغم أنها لم تحمل نفس الاسم كاستراتيجية المغرب الفلاحي التي سميت في ما بعد «المغرب الأخضر»، وهو مخطط أعده القطاع وانطلق من الدراسة التي قام بها الحبيب المالكي لما كان مسؤولا عن الفلاحة وهي استراتيجية 2020، ورغم أن وزارة الفلاحة استعانت بمكتب أجنبي للدراسات «ماكينزي»، فإن غالبية الأطر العليا بهذا الأخير من أصول مغربية وبالتالي اشتغلوا مع وطنهم. ومخطط «إقلاع» منصوص عليه في البرنامج الحكومي، كما هو الشأن بالنسبة إلى البرنامج الاستعجالي في التعليم والتكوين والمخطط السياحي 2020 أيضا، وذلك المتعلق بالطاقة. صحيح أن القطاعات هي التي أعدت كل هذه المخططات لأنها تتوفر على أطر ذات كفاءة عالية، لكن الملك قرر دعم الحكومة في ما يخص هذه المخططات وترأس اجتماعات رسمية للإشراف على الاتفاقيات التي أبرمت بين الدولة والمؤسسات العمومية والأبناك والقطاع الخاص. - كسؤال أخير، في نظرك هل هناك اختناق للانتقال الديمقراطي في المغرب؟ > الانتقال الديمقراطي في اليونان وإسبانيا والشيلي والبرتغال جاء بعد انهيار نظام سياسي وقيام نظام سياسي جديد مكانه. في المغرب وقع الانتقال الديمقراطي في إطار النظام السياسي نفسه وبالتالي هناك خصوصيات للتجربة المغربية حتى لا نقارن مع تلك البلدان. نحن قمنا بالتوافق مع المرحوم الحسن الثاني كقوى ديمقراطية، لذلك هذه الولادة تعتبر مغايرة لباقي الانتقالات الديمقراطية. في رأيي الشخصي الانتقال الديمقراطي في المغرب يسير ببطء وسلبية هذا البطء لا يخفى على أحد، ثم إن ما جرى في الانتخابات لسنتي 2007 و2009، من انزلاقات واستعمال للمال يهدد هذا الانتقال الديمقراطي بالاختناق، وهذا الاختناق هو الذي وقف عنده المؤتمر الوطني الثامن للاتحاد، وأكد أن استمرار الإصلاحات هو الطريق الأسلم لتفادي الاختناق، وجعل السياسة شأنا مشتركا لكل المواطنين. تعديل حكومي وارد قبل 2012 - ألن يعطل انتخاب رئيس حزب معارض على رأس الغرفة الثانية مشاريع الحكومة وقد يطيح بها يوما ما؟ > الرئيس لا يمكن أن يدخل المجلس بأكمله في المعارضة لأنه بحكم الدستور رئيس لجميع المستشارين... - لكن حزبه قد يوجه المستشارين الذين صوتوا للرئيس؟ > لماذا؟ ليعارض كل شيء، هذا لا يمكن. فالدستور يحدد دوره والنظام الداخلي لمجلس المستشارين يضبط تسيير المجلس وأعماله. - لكنه اختار موقع المعارضة بخروجه من الحكومة؟ اختار المعارضة في إطار حزبه كأمين عام، أما اليوم فهو رئيس لمجلس المستشارين. إذا أراد بالفعل أن يدفع في اتجاه آخر فعليه أن يتبع المسطرة المعقدة التي تجعل المجلس ينبه الحكومة. - لكنها تبقى فرضية قائمة؟ > نعم، ويخولها الدستور بكل مكونات مجلس المستشارين. - إذن أصبح طرح تعديل وزاري موسع ضروريا لتقوية الحكومة التي أضحت ضعيفة... > وكما قلت فإن تغيير الحكومة لا يمكن إلا إذا فقدت ثقة الملك، أو إذا صوت مجلس النواب على ملتمس الرقابة ضدها، وهما حالتان غير متوفرتين، لأن الملك جدد ثقته في الحكومة، وفي التعديل الأخير تم إلحاق الحركة الشعبية لتقوية الحكومة التي تتوفر الآن على أغلبية. يمكن للوزير الأول أن يقترح على الملك تعديل حكومته إذا تطلب الأمر ذلك، كما أن للملك سلطة المبادرة لإجراء تعديل وهذا شيء مألوف في البلاد الديمقراطية. - ألا تتوقعون تعديلا وزاريا قبل 2012؟ > لا يمكن أن نذهب إلى حدود سنة 2012، ولكن في الأفق القريب ليس هناك ملامح تعديل حكومي.