كثر التهجم على التصوف الإسلامي، وكثرت معه الأكاذيب والافتراءات، إما عن حقد متأصل للإسلام كما حدث مع عملاء الصليبية الماكرة والاستعمار ومعهم طبعا بعض المستشرقين، لما عرفوا فيه من الحق، وأنه روح الإسلام وقلبه النابض، ولما كان للصوفي من دور في الوقوف أمام المستعمر والفساد والفتن .. فيدعون مرة أنه مقتبس من اليهودية، ومرة أنه رهبنة نصرانية، أو له أصولا بوذية، ويتهمون رجاله بعقائد مكفرة وأفكار منحرفة ضالة كالقول بالحلول، والإلحاد، ووحدة الوجود، ووحدة الأديان، وغير ذلك.. وهؤلاء، لا ضرر من انتقادهم لأنهم مكشوفون،ومقيدون بفكرانيات معروفة، ولهم مآرب خبيثة، فرق تسد.. لكننا نعتب كل العتاب على جماعة يدعون الإسلام، وينتقدون روح الإسلام بأدوات فاسدة، مضللة، .. وأسباب هده الأحكام كثيرة يلخصها عبد القادر عيسى في قسمين : أ قسم أخذوا فكرتهم عن التصوف من خلال أعمال وسلوك بعض الدخلاء والمنحرفين من أدعياء التصوف؛ دون أن يفرقوا بين التصوف الحقيقي الناصع، وبين بعض الوقائع المشوهة التي تصدر عن الدخلاء على الصوفية والتي لا تمت إلى الإسلام بصلة. والسادة الصوفية الصادقين العارفين، لا المشعوذين، متمسكون بالكتاب والسنة .. وسئل أبو يزيد البسطامي رحمه الله تعالى عن الصوفي فقال :' هو الذي يأخذ كتاب الله بيمينه وسنة رسوله بشماله، وينظر بإحدى عينيه إلى الجنة، وبالأخرى إلى النار، ويأتزر بالدنيا، ويرتدي بالآخرة، ويلبي من بينهما للمولى : لبيك اللهم لبيك'. ب وقسم خدعوا بما وجدوه من كتب السادة الصوفية من أمور مدسوسة أو مسائل دخيلة؛ فأخذوها عل أنها حقائق ثابتة، دون تحقيق أو تثبيت، أو إنهم أخذوا الكلام الثابت في كتب الصوفية ففهموه على غير مراده، حسب فهمهم السطحي وعلمهم المحدود، وأهوائهم الخاصة، دون أن يرجعوا إلى كلام الصوفية الواضح الذي لا يحيد عن لب الشريعة، والذي يعطي الضوء الناصع والنور الكاشف لتأويل هذا الكلام المتشابه. ج- وقسم أخير يصفهم عبد القادر عيسى بالمخدوعون والمغشوشون، وهم الذين أخذوا ثقافتهم عن المستشرقين أو عن «علماء» متشددون .. وإلى هؤلاء إشارة للتأمل في قول الإمام مالك رحمه الله تعالى: ' من تفقه ولم يتصوف فقد تفسق، ومن تصوف ومن يتفقه فقد تزندق، ومن جمع بينهما فقد تحقق'..