أكدت المطربة الشعبية المغربية، الحاجة الحمداوية، أن العطاء الفني المتجدد لا يرتبط بالسن، مهما تقدم الفنان في العمر. فهذه الفنانة التي ظهرت في عقد الخمسينيات من القرن الماضي، واشتهرت بأدائها للتراث الشعبي، أثبتت أخيرا لجمهور مهرجان الموسيقى الروحية في مدينة فاس، أنها ما زالت قادرة على الوقوف فوق الخشبة، وترديد قطع موسيقية تسكن في بال الأجيال المتعاقبة في المغرب. "" وأنشدت "الحمداوية" في السهرة الفنية التي أحيتها في ساحة بوجلود، مجموعة من تلك الأغاني التي بدت من خلال صوتها، وكأنها سجلت بالأمس القريب فقط، مشحونة بدفء صوتها الذي لم تزده السنون إلا بهاء وجمالا، مما جعل الحاضرين يندمجون معها في الغناء، كأنهم مجموعة إضافية لأصوات "الكورال" لفرقة الأوركسترا الموسيقية، التي صاحبتها بالعزف والإنشاد بمنتهى التناغم. وتعتبر الحاجة الحمداوية من أقدم الفنانات المغربيات في مجال فن "العيطة""،إذ ارتبطت به منذ ظهورها على الساحة الفنية، في وقت كان المجتمع المغربي المحافظ، ينظر فيه إلى الفن بنوع من التحفظ والحذر. وإذا كانت الحاجة الحمداوية قد عاشت المجد الذهبي للأغنية المغربية في عقود الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، فإنها تعرضت في إحدى مراحل مسيرتها الفنية لتعثرات وظروف صحية ومادية مؤلمة جعلتها في فترة من الفترات، تعرف أسوأ أيام حياتها، وعاجزة عن تلبية أبسط حاجياتها اليومية مثل الدواء والسكن وغيرهما، قبل أن تنهض من جديد، مثل طائر الفنيق الذي يبعث من رماده، بعد أن التفتت إليها جهات عليا نافذة في الدولة، وأولتها العناية اللازمة التي تستحقها كواحدة من الرعيل الأول للفن الشعبي.