يبدو أن مكتب مجلس النواب قد ضاق ذرعا بالسلوكات الحاطة بالعمل البرلماني لنواب الأمة داخل المؤسسة التشريعية، لذلك سارع إلى تحيين نظامه الداخلي لمنع مثل هذه التصرفات التي تضر بالعمل البرلماني. هذا وخلصت اللجنة المكلفة بإعداد النظام الداخلي للمجلس خلال اللقاء الذي عقد عشية أمس الثلاثاء بمجلس النواب إلى منع البرلمانيين من بعض التصرفات كاستخدام بالأجهزة الإلكترونية، بعد حادثة لعب الأوراق خلال التصويت على مشروع قانون المالية لسنة 2013، والتي سجلتها القناة الثانية ولقيت استهجانا كبيرا لدى المواطنين، لاعتبارها استهتارا بالعمل النيابي، وكذلك قراءة الصحف وإجراء المكالمات الهاتفية داخل قبة الجلسات، وهي سلوكات اعتاد المتتبع العادي لجلسات الغرفة الأولى أن يشاهدها. التهديد والكلام النابي والقذف، كان جزءا من النقاش الذي اتفق أعضاء اللجنة، التي ترأسها رئيس المجلس كريم غلاب على منعه داخل المؤسسة التشريعية، حيث جاء في مسودة النظام تجريم كل ما من شأنه المس بالحياة الخاصة لوقف ما شهده المجلس في الأونة الأخيرة من اتهامات مباشرة بالقتل وكلام وصف بالنابي بين نواب الأمة. وفضلا عن الإجراءات التي نص عليها الدستور من إجبارية التصريح بالممتلكات وتجريم الترحال السياسي عن طريق استبدال الحزب في الولاية التشريعية، فإن مسودة النظام الداخلي الجديد والتي لازالت بعض النقاط عالقة فيها، شددت على ضرورة حضور نواب الأمة وعدم السماح لهم بالغيابات إلا في الظروف القاهرة مع تأكيد تبرير الغياب. وفي هذا السياق فإن المسودة أكدت على مبدأ الاقتناع من تعويضات النواب المتغيبين دون سبب، وذلك بعد نشر أسمائهم على موقع المجلس والجريدة الرسمية بعد تلاوتها مباشرة مع بداية الجلسة التي تلي الغياب. من جهة ثانية يرتقب أن تكون النقاط محط الخلاف، هي محور اللقاءات القادمة للجنة والتي تهم بالخصوص حقوق المعارضة الدستورية والجلسة الشهرية لرئيس الحكومة. هذا ويأتي مراجعة النظام الداخلي للمجلس تطبيقا للمادة 185 من النظام الداخلي للمجلس والتي تؤكد أنه "للنواب حق اقتراح تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب، تودع مقترحات تعديل النظام الداخلي بمكتب المجلس، وتحال على لجنة النظام الداخلي، وتدرس ويصوت عليها، وفق المسطرة التشريعية المنصوص عليها في هذا النظام الداخلي". وتسمى اللجنة الموكول لها تعديل النظام بلجنة النظام الداخلي وتتألف من رئيس المجلس وأعضاء المكتب ورؤساء اللجان الدائمة ورؤساء الفرق والمجموعات النيابية، حيث تباشر أعمالها وفق الضوابط المقررة لأعمال اللجان في هذا النظام. وبعد موافقة مجلس النواب على التعديلات الواردة على النظام الداخلي، يحيلها رئيس المجلس إلى المحكمة الدستورية، لتبت في مطابقتها لأحكام الدستور، طبقا لمقتضيات الفصلين التاسع والستين والثاني والثلاثين بعد المائة من الدستور، حيث ينشر هذا النظام الداخلي بعد البت في شأنه من لدن المحكمة الدستورية في الجريدة الرسمية، ويثبت مع هذا النشر نص وتاريخ المقرر الصادر عن المحكمة الدستورية القاضي بالتصريح بمطابقته للدستور.