تحظى فترة أعياد الميلاد ورأس السنة٬ بمنزلة خاصة في روسيا منذ القدم لما فيها من تبادل للهدايا ولقاء الأقارب. وترافق هذه الأيام إحتفالات شعبية ورسمية واسعة في البيوت والمرافق والساحات وإطلاق نيران المدافع ابتهاجا بقدوم العام الجديد وتبادل الأمنيات كما هو الحال في معظم دول العالم. فمنذ الأول وإلى غاية التاسع من يناير الجاري والمواطن الروسي يستمتع بعطلة رسمية توقف فيها جميع المرافق الادارية والخدماتية٬ حتى الصحف اليومية والمجلات التي تتوقف عن الصدور طيلة هذه الفترة ٬حيث تصبح العاصمة الروسية موسكو خالية من الازدحام اليومي للسيارات ومن الصخب والضجيج . وبالمقابل توفر المدينة التي تزخر بعدد كبير من المنتزهات والفضاءات الجميلة التي تم تزيينها بالألوان الزاهية المعبرة عن الفرحة والبهجة بقدوم العام الجديد٬جميع أنواع الراحة للاستمتاع بجمالية الطبيعة الشتوية ٬ ومن بين هذه المتنزهات فضاء غوركي الذي يعتبر أكبر حديقة في موسكو انشئت منذ حوالي 80 عاما٬ وتحمل إسم الأديب السوفياتي الراحل ماكسيم غوركي لتكون تجسيداً لفكرة العمل الجماعي والاستراحة الصحية ونشر الثقافة والتنوير بين المواطنين. ويوفر "بارك غوركي"٬ خليطا متميزا من تقاليد الاحتفال بهذا العيد ٬ حيث تمتزج التقاليد الروسية المدنية مع المظاهر الأجنبية الجديدة والمعاصرة. ويتضمن هذا المزيج ألعاب الأطفال الصاخبة وتقديم المأكولات والمشروبات الساخنة٬ فضلا عن الفضاء الشاسع للتنزه. ولعل كل إنسان يعيش في مدينة كموسكو يتطلع بين الوهلة والأخرى لأن يكون أقرب إلى الطبيعة والهدوء٬ حيث أصبح متنزه "غوركي" بمثابة الواحة البيضاء في فترة فصل الشتاء التي تشد إليها سكان العاصمة وزوارها خصوصا في عطلة أعياد الميلاد ورأس السنة الجديد٬ حيث يتوافد الروس على هذا الفضاء مع أسرهم للتزلج الذي يدخل في إطار الثقافة الرياضة التي تستمتع بها طيلة فصل الشتاء العائلات الروسية. فالمتنزه الذي يطل على نهر موسكو ويضم حديقة رائعة في أحضانه قد شهد خلال السنوات الأخيرة تغييرات كبيرة أدت إلى تألقه وجعله أكثر حداثة٬ ليصبح بذلك أحد أكثر الأماكن الجميلة بموسكو. فحديقة "غوركي" التي تضم أكبر ساحة للتزلج في روسيا وأوروبا والتي تم فيها توسيع المساحة المخصصة للتزلج وزيادة الممرات الثلجية داخلها٬ أتاحت هذه السنة الفرصة لأكبر عدد من المتزلجين لاستخدام مساحة أكبر لممارسة هواية التزلج٬ حيث تصل المساحة المخصصة للتزلج الى 18 ألف متر مربع. وتعد حديقة "غوركي" المركزية للثقافة والتنزه والتي سميت نسبة إلى الكاتب الروسي الشهير مكسيم غوركي٬ من المعالم السياحية المشهورة في العاصمة الروسية٬ ففي عيد النصر يلتئم فيها شمل قدامى المحاربين٬ وفي الشتاء تصبح مرتعاً للتزلج على الجليد٬ أما في الصيف فلها أجواؤها الخاصة. ويتميز هذا الفضاء الجميل باحتوائه على 60 نوعا من الأشجار حيث تم اختيار تصميم نباتي خاص به بحيث تشغل الاشجار المزهرة كالبنفسج والكستناء الممرات الرئيسية وتبهج الناظر في موسم الربيع ٬أما في الصيف فالزينة هي مسطحات خضراء واسعة وأزهار ملونة مزروعة بأشكال هندسية فريدة. ويعتبر منتزه "غوركي" ٬الذي يتوافد عليه الكبار والصغار من مختلف الأعمار للتمتع خلال هذه الفترة من أجل التزلج والاستمتاع بهدوء الطبيعة٬ من أهم الفضاءات التي تم إنشاءها من أجل نشر الثقافة والتنوير بين المواطنين بحيث لا يزال تمثال الأديب السوفياتي الراحل ماكسيم غوركي ماثلاً وشاهدا على حقبة تاريخية هامة. ❊ و.م.ع