كتبت موضوعا تحت عنوان :عشرة أشهر من العمل الحكومي. واليوم رجح عندي أن أكتب مقالا آخر حول العمل الحكومي لأننا في حاجة إلى تسويق هذا العمل إلى أكبر عدد من الناس لكي نتفاعل جميعا ويتم النقاش الفعلي بين كل مكونات المجتمع حول الحراك المجتمعي والذي يشكل العمل الحكومي جزءا مهما منه. ومن أجل فهم ما وقع لا بد من استحضار الأزمة الاقتصادية العالمية والحراك الديمقراطي والسياق العام الذي عاشه المغرب من 20 فبراير إلى الخطاب الملكي ل9 مارس والتصويت على دستور 2011 و انتخابات 25 نوفمبر2011. إن الحكومة أنجزت عملا مثمرا ، إلا أن هناك تحديات كبيرة لكن الأفق واسع ومليء بالأمل. إن محاربة الاستبداد وفتح مجالات الإصلاح حري بأن يفتح شهية الجميع للخوض في هذا الموضوع. حسب تقديري فإن المعادلات الصعبة التي تواجه الحكومة هي التالي: -الإصلاح في إطار الاستقرار. -التوفيق بين الخيارات الاقتصادية والمتطلبات الاجتماعية. -الحفاظ على البنية المالية والاقتصادية من التأثر بالأزمة الاقتصادية. ومن أجل مقاربة الموضوع أعلاه يمكن التركيز على ما يلي: إن أهم قيمة نعتز بها هو أن إرادة الإصلاح مشتركة بين الجميع. أما الاستثناء فلا يقاس عليه.خاصة على مستوى التنزيل الديمقراطي للدستور، والتخليق والحكامة...وبناء المؤسسات التي تشكل الرئة التي يتنفس من خلالها الإصلاح.كما أصبحنا نرى الاهتمام بالسياسة وبالمؤسسات..وهذا مؤشر مهم.والابتعاد عن المحسوبية والزبونية في كثير من القضايا وذلك بفضل نضال الجميع.وهناك حركية داخل الأحزاب السياسية من أجل الحضور الديمقراطي...ولم يبق مستقبلا إلا العمل على الجدية والمشروعية لأن الشعب هو الذي يريد. وقد رفعت الأيادي الخفية التي تشوش على العملية الانتخابية.ولم يبق أمامنا إلا الاختيار الديمقراطي الذي صوتنا عليه جميعا. وكون المحور القيمي هو الأساس فقد انبثقت عنه قيم متعددة يمكن تلخيصها فيما يلي: لقد دعمت الحكومة صندوق التماسك الاجتماعي ب2مليار درهم ونصف. و خصص لصندوق التماسك الاجتماعي 160مليون درهم، والذي ستستفيد منه ابتداءا حوالي 40ألف امرأة.ومن أجل التقليص من الجفاف الذي ساد قبل أمطار الخير تم تخصيص 2 مليار درهم مع رفع الدعم لصندوق التنمية القروية إلى 2 مليار درهم...أما التقاعد لبعض الفئات الذي كان هزيلا جدا فقد رفعته الحكومة إلى 1000درهم. وتم تخصيص 13 مليار درهم للحوار الاجتماعي الذي نتمنى أن يخرج بنتائج ترضي الجميع..وبغية في الرفع من المستوى التعليمي خصص له حوالي 42مليار درهم وتماشيا مع منطق التغطية الصحية فقد رصدت للصحة 12مليار درهم. وفي هذا الإطار تمت عملية التخفيض من ثمن الأدوية بنسب تتراوح بين 50 و80 في المائة. وتطور دعم الأدوية من 600مليون درهم إلى مليار و400مليون درهم. وقد يبلغ عدد المستفيدين أكثر من 8 ملايين مستفيد. وقد حصلوا على البطاقة حوالي 2ملايين. والذين وضعوا ملفاتهم بلغ4 ملايين. ومن أجل مكافحة الفساد وتخليق الحياة العامة وربط الإدارة بالمواطن. فقد تمت إحالة تقارير المجلس الأعلى للحسابات على القضاء. واستقبال الشكايات من قبل مصالح الحكومة.ومواجهة ريع السكن الوظيفي لكل من أنهى خدمته بالقطاع العام. والإعلان عن مجموعة من اللوائح من باب الشفافية والوضوح وإخضاع الكل لاحترام دفتر التحملات...وفي هذا الإطار تم تنظيم المرافق العمومية بناء على الشفافية والمساواة وتحمل المسؤولية. وانطلاق العمل برسم السياسات العمومية بناء على مقتضيات الدستور. وهذا يجرنا للحديث على الشق التشريعي، حيث وضعت الحكومة مخططا للتشريع حتى يكون الجميع على بينة. وقد صادق المجلس الحكومي على حوالي 83نصا قانونيا.من بينها قانون تنظيم هم التعيين في المناصب والذي بدأ يحررها من الزبونية والاحتكار.ويطلق العنان للفعاليات أن تبسط كفاءتها أثناء الترشيح للمناصب. إضافة إلى إصدار الحكومة ل3000 قرار حكومي من أجل النظر في قضايا مستعجلة. مع التنسيق مع هيآت المنافسة والنزاهة. وتشجيعا لأداء الضرائب تم الإعفاء من الديون المترتبة عن التأخير والتي قدرت ب36مليون درهم. وإنعاشا للعقار تم رصد 6مليار درهم، وفرض ضريبة على الأراضي التي تعدت 5 سنوات .والأراضي التي أدمجت في المدار الحضري. وقد وضعت الحكومة آليات بغية محاربة الفساد وذلك من خلال: الشفافية وتكافؤ الفرص وربط المسؤولية بالمحاسبة والامتياز بالاستحقاق. ومن الأمثلة على ذلك اقتطاع أيام الإضراب ورد الأراضي غير المستثمرة إلى حظيرة الدولة ثم التوظيف عن طريق المباراة... ودعما للتمدرس فإن برنامج تيسير أضاف 1000طفل بمعدل 460 أسرة:700ألف مستفيد والتفكير مستقبلا في التنسيق مع كل المصالح المركزية والمحلية من أجل التوزيع العادل للمساعدات. وتم دعم صندوق التنمية القروية بمليار درهم سنة 2012 ومليارين درهم 2013، لكن المشكل المطروح هو صندوق المقاصة الذي انطلق من 4مليار درهم إلى 52 مليار درهم وهذا من الإصلاحات الجوهرية المعتكفة عليها الحكومة، إضافة إلى صندوق التقاعد، والنظام الضريبي... ومن القضايا الاستراتيجية كذلك العمل على إخراج البنوك التشاركية خلال سنة 2013 وإحالتها على البرلمان. وقد استفاد الطلبة من هذا الإصلاح وإن كان قليلا على أمل تطويره في المستقبل وذلك بزيادة 200 درهم لطلبة الإجازة و300 درهم لطلبة الماستر.مع تخصيص 50 ألف منحة للتدريب قصد التهيئ للعمل... كل هذا يتم متوازيا مع ترشيد النفقات العمومية والتي وفرت لمالية الدولة5مليار درهم..ومحاربة للموظفين الأشباح تم اعتماد المراقبة الالكترونية وتهيئ تقرير سنوي في الموضوع والتبليغ بهم واتخاذ إجراءات تأديبية في حق الحالات المتورطة.... ومزيدا من الشفافية تم الإعلان عن 400 مباراة وتم توخي الشفافية على قدر المتاح وتشكيل لجنة للمتابعة. والاهتمام بالتعليم والصحة....ومحاربة للرشوة انطلق المشروع بالتدرج انطلاقا من اللوحات الاشهارية...والدفاع عن المبلغين .. ومن الناحية الاقتصادية فقد اتخذت إجراءات مهمة نذكر منها :تبني لجنة الاستثمار مشاريع قدرت ب38 مليار درهم وإعطاء الحق في 20 في المائة للمقاولات الوطنية المتوسطة والصغرى..والرفع من نسبة الاستثمارات الخارجية إلى 19 في المائة. والإعفاء من عقوبة التأخير في السداد. وتشجيع المقاولات غير المهيكلة للالتحاق بغير المهيكل. وتبني مراسيم مهمة تتعلق بالصفقات العمومية والشراكة بين القطاع الخاص والعام والحماية التجارية غير الجمركية...والسعي إلى التحكم في العجز..مع ترشيد النفقات العمومية ..وتشجيع الاستثمار ووضع لجنة خاصة تهتم بحل كل المشاكل العالقة...مما شجع المستثمرين الدوليين والمغاربة على فتح وتطوير المجال الاستثماري...أما المؤسسات العمومية فنذكر على سبيل المثال لا الحصر المكتب الشريف للفوسفاط الذي بلغ رقم معاملاته 56مليار درهم سنة 2011 وتخصيص 120مليار درهم إلى حدود 2020..... وتسعى الحكومة إلى تهيئ مرسوم يسهل على الموظفين الاستفادة من السكن الوظيفي الذي يستغلونه...كما وضعت خطة لتطوير البحث العلمي..انطلاقا من الهيكلة والتعزيز والتحفيز والتعبئة والشراكة والحكامة والدعم ولذلك تم الرفع من الميزانية بنسبة 10 في المئة... كما تعمل الحكومة على بسط الحكامة القضائية وذلك من خلال تعميم التكنولوجية والرفع من جودة البنيات التحتية للمحاكم والمرافق العمومية بغية إحداث التناغم بين الشكل والمضمون الذي يسعى الحوار الوطني حول إصلاح العدالة أن يحققه اعتمادا على مقاربة تشاركية...كما نستحضر التطور الذي عرفته الدبلوماسية المغربية. نخلص مما سبق أن هذه محطات مساهمة منا في تسويق العمل الحكومي . وللإشارة فإن الحكومة عازمة على توثيق كل أعمالها. وهذا عمل سيفتح نقاشا جديا داخل المجتمع تفعيلا للديمقراطية. وتبقى هذه وجهة نظر قد تتدافع مع رؤى أخرى وهذا هو عمق التداول الديمقراطي. المهم أن نضع قاطرة الإصلاح على سكة واقعية ومثينة.....