في مائدة مستديرة احتضنها المعهد العالي للإعلام والاتصال عشية البارحة الأربعاء، وجمعت مجموعة من الباحثين حول موضوع الصحافة المستقلة بالمغرب، أوضح عبد العزيز كوكاس، رئيس تحرير أسبوعية المشعل، أن الكثير من المتابعين للعمل الإعلامي، عندما يذكرون الصحافة المستقلة، يضعون اسم المستقلة بين قوسين، ولا يفعلون الشيء ذاته مع الصحافة الحزبية، رغم أنه لا عيب في أن يدخل الاستثمار مجال الصحافة وفي أن يخلق رجال الأعمال صحفا خاصة بهم، مادام القارئ قادر على التفريق بين صحف جادة وصحف مزورة للحقائق حسب رأيه معطيا المثال بعدد من الصحف التي انقرضت رغم أن مموليها رجال أعمال كبار. وحول مسألة تحكم المعلنين في الخط التحريري، أوضح كوكاس بأنه سبق له أن أجرى تحقيقا حول شركة للاتصالات لما كان صحفيا ب"لوجورنال"، لتقوم هذه الشركة بسحب كل إعلاناتها من جريدة أبوبكر الجامعي، متحدثا أن واجب الصحفي هو الكشف عن الخروقات التي تقوم بها عدد من الشركات المغربية حتى ولو كانت تقدم لجريدته كعكة إعلانية غنية، ليتحدث في جانب آخر عن الخطوط الحمراء التي رأى أنها تتغير بالمغرب نحو الأمام بفسح المجال للصحفي للحديث في أمور كانت ممنوعة إلى عهد قريب كميزانية القصر الملكي، رغم أن الطفرة الإعلامية التي حققها المغرب في نهاية التسعينات وبداية الألفية الثالثة لم تلبث أن تراجعت أمام المحاكمات وإغلاق صنبور الإشهار عن المقاولة الصحفية والتضييق على المدونين. "الشيطان لا يسكن فقط في الدولة، بل يسكن كذلك فينا" يقول كوكاس عن بعض الصحف المغربية التي رأى أنها تنتهك حقوق الإنسان، مستطردا أن هدف الصحافة هو حفظ الكرامة الإنسانية أما القانون والإعلان فهي مجرد أدوات للحياة، "فلا يعقل أن يلبس الصحفي جبة القاضي ويبدأ في التشهير بالناس"، متحدثا عن صحف ترمي المعلنين بالحجارة لتكسب ودهم، وصحف أخرى تنعم بالإشهار رغم أن لا مبيعات لها في السوق. وانتقد ذات الصحفي المشروع الجديد لمدونة الصحافة والنشر، متحدثا عن أن "قطع الأعناق" أفضل من "قطع الأرزاق"، وذلك في إشارة منه للعقوبات المالية الثقيلة التي جاءت في هذه المدونة والتي ستعوض العقوبات السالبة للحرية، لدرجة أن بعض العقوبات ستحكم على المقاولات الإعلامية بالإفلاس النهائي في حال ما قرر القضاء ذلك، مؤكدا أن الصحافة والقضاء يشتركان في إنصاف الحقيقة وتبيانها، ف"هما خلان وليس عدوان حتى يحكم القاضي على الصحفي بالموت البطيء". جدير بالذكر، إلى أن ذات الندوة، عرفت مشاركة الخبير الإعلامي الدولي علي كريمي الذي تحدث عن القوانين الدولية التي تضمن استقلالية الإعلام، وكذلك الصحفي بالإذاعة الوطنية محمد العوني التي أسهب في الحديث عن تبعية قنوات القطب العمومي للدولة، بينما تغيب محمد بلغوات ممثل وزارة الاتصال عن هذا اللقاء وبقي مكانه شاغرا طوال الندوة.