- الدولة فضلت عدم اعتقالي تفاديا للصدى الإعلامي - جريدة المساء أداة "بروباغاندا" في أيادي المخزن - الماجيدي ليس إلا الذراع المكلف بإسقاط آخر جيوب المقاومة - اغتيال لوجورنال خطة سياسية بحتة - الإنترنت يمثل الأمل الحقيقي لمهنة الصحافة في المغرب قال الصحافي علي عمار ، أحد المساهمين الثلاثة في تأسيس مجلة لوجورنال في حوارنا معه أن الدولة كانت لها نية مبيتة في إعدام لوجورنال، و كشف عن حيثيات إكراهه على المنفى في الديار الاسبانية. وأكد عمار أن " جريدة المساء، بعد أن كانت تعرف بشعبويتها في الماضي، تجاوزت ذلك لتصبح الآن أداة للبروباغاندا في أيادي المخزن" لاسيما بعد التقارب بين المساء ومنير الماجيدي الذي تجلى في صفقة بيع لوسوار وإلغاء الغرامة التي كان رشيد نيني مطالبا بأدائها". في مايلي النص الكامل لحوارنا مع علي عمار. ماهو السبب الذي جعلك تغادر المغرب و تختار المنفى الطوعي؟هل كنت تتعرض إلى مضايقات في المغرب ؟ في بادئ الأمر لا بد من الإشارة أن اختيار المنفى لم يكن طوعيا، بل إن تمديد مسطرة التصفية القضائية ل" لوجورنال" إلى ممتلكاتي الشخصية (رصيدي البنكي ومقاولتي الشخصية) في ظرف ثلاثة أيام فقط، جردني من إمكانية الاستمرار في العيش في المغرب. وبما أنني غير قادر على تسديد المبلغ المدان به، فإنني أصبحت معرضا للعقوبة الحبسية. رغم أن المعنيين بالأمر قد طعنوا في الحكم، إلا أنه جاء بصيغة التنفيذ الفوري. العقوبة الحبسية ليست مشكلة في حد ذاتها، ولكن بقائي في المغرب وحرماني من حريتي كان سيحول بيني وبين حقي في التحدث إلى وسائل الإعلام كي أوضح الطابع السياسي للقضية، وبالتالي الدفاع عن نفسي إزاء دعوى قضائية أبانت عن العديد من الهفوات. أما المضايقات الوحيدة التي تعرضت لها، فقد كانت نتيجة إصداري لكتاب "محمد السادس، سوء الفهم الكبير"، الذي تم منعه في المغرب، ووجدت نفسي من جراء ذلك في وسط زوبعة إعلامية وحملة تدليسية شنتها بعض الصحف المقربة من النظام. هل تم فعلا الحجز على كل ممتلكاتك؟ ولماذا سمحت لك السلطة بمغادرة المغرب علما أنه في حالة الحجز المالي يمنع على الشخص مغادرة البلد؟ لقد تم بالفعل الحجز على كل ما أملك، وأصبحت كل مداخيلي الراهنة والمستقبلية في ذمة الدولة. أما السماح لي بالخروج، فأعتقد أن السلطات قد فضلت أن تتركني أغادر التراب الوطني تفاديا للصدى الإعلامي الذي قد يحدثه اعتقالي. والآن على كل حال، فان عودتي للمغرب ستعرضني للاعتقال في أي وقت أو للمنع من مغادرة التراب الوطني، بما أن النظام لم يتردد في فرض هاته العقوبة في حالات أخرى، كما هو الأمر حاليا مع رسام الكاريكاتير خالد كدار. لماذا اخترت اسبانيا ولم تختر فرنسا رغم أن كتابك "محمد السادس سوء الفهم الكبير" الممنوع في المغرب تم طبعه بفرنسا ووزع بها. كما ورد في احدى الصحف اليومية من ان لك علاقات جيدة بفرنسا؟ توجهي إلى إسبانيا لم يكن انتقائيا، بل الظرفية هي التي فرضت ذلك. عندما تم إطلاق مسطرة التصفية القضائية ضدي، اتضح لي أن صلاحية التأشيرة الأوروبية لمدة ثلاث سنوات التي كانت السلطات الفرنسية قد منحتني إياها قد انتهت، وعليه فقد منحتني القنصلية الإسبانية تأشيرة استعجالية لمدة أربعة أيام كي أغادر المغرب على وجه السرعة. هل فعلا عشت لأيام بدون أوراق اقامة في مدريد؟ بمجرد وصولي إلى إسبانيا، منحتني الحكومة الإسبانية " رخصة إقامة مؤقتة لظروف استثنائية" لمدة ثلاثة أشهر، و هي الوثيقة نفسها التي منحتها لأميناتو حيدر. من ساعدك على الحصول على الإقامة في اسبانيا؟ ساعدني على ذلك الفرع الإسباني لمنظمة مراسلين بلا حدود. هل اختيارك المنفى إلى اسبانيا رفقة بوبكر الجامعي جاء صدفة أم كان تنسيقا بينكما؟ الأمر جاء بمحض الصدفة، ولا مجال للمقارنة بين الحالتين. فأبوبكر لديه إقامة إسبانية بحكم أن زوجته إسبانية وعائلته مستقرة منذ مدة في مدينة مورسيا، أما أنا، فقد اضطررت لمغادرة المغرب حيث كنت أقيم. هل اخترت العيش في اسبانيا أم هي مرحلة مؤقتة ستعود بعدها إلى المغرب؟ إنني أنوي حاليا الاستقرار بفرنسا، فكما أشرت أعلاه، تم نشر كتابي بدار النشر "كالمان ليفي" الفرنسية ولدي علاقات كثيرة هنالك. أما العودة إلى المغرب، فأنا لم أختر أن أغادره يوما، بل اضطررت لذلك، والعودة ليست مطروحة الآن. لنعد الى تفاصيل مجلة لوجورنال المثيرة للجدل ، لماذا تمت متابعتك رفقة بوبكر الجامعي ولم تتم متابعة المساهم الرئيسي فاضل العراقي؟ أولا، تجدر الإشارة إلى أن فاضل العراقي كان المساهم الرئيسي لشركة "ميديا تروس"ت المؤسسة للوجورنال التي تم الحجز عليها قضائيا سنة 2003، ومنذ ذلك الحين، أصبحت الشركة المسيرة للوجورنال هي تريميديا، وفاضل العراقي هو المساهم الوحيد فيها. وبما أن مسطرة التصفية القضائية للأشخاص لا تخصني إلا أنا و أبو بكر الجامعي، فهذا يعني أنها قضية سياسية محضة لأنها لا تستهدف إلا الصحفيين. هل هناك جهات معينة كانت وراء عدم متابعة فاضل العراقي ؟ لست مخولا للإجابة عن هذا السؤال. كل ما أستطيع أن أقوله، أن فاضل العراقي أيضا مهدد في أي وقت بتمديد المسطرة على ممتلكاته الشخصية. جريدة المساء رفقة بعض الصحف الرسمية حاولت أن تجعل من قضية لوجورنال قضية ديون لم تؤدها لخزينة الدولة ماهو تعليقك؟ الجميع يعلم من يقف وراء خطاب مثل هذه الصحف، فجريدة المساء، على سبيل المثال، قد نشرت بعض فقرات الحكم قبل أن يتم النطق به. لا يخفى على متتبعي شأن الصحافة الوطنية أن جريدة المساء، بعد أن كانت تعرف بشعبويتها في الماضي، تجاوزت ذلك لتصبح الآن أداة للبروباغاندا في أيادي المخزن، لا سيما بعد التقارب بينها وبين منير الماجيدي الذي يتجلى في صفقة بيع "لوسوار" وإلغاء الغرامة التي كان رشيد نيني مطالبا بها. أما فيما يتعلق بالديون، فبالفعل، تراكمت على لوجورنال ديون كثيرة لدى الدولة والأبناك. لكن ما يجب الانتباه إليه، أن تلك الديون (الضمان الإجتماعي و الخزينة العامة و مؤسسة وافا باي) تخص شركة ميديا تروست التي كانت مسؤولة عن إدارة لوجورنال منذ تأسيسه في 1997 والتي تمت تصفيتها قضائيا في 2003. و قد تم بيع أصول شركة ميديا تروست في المزاد العلني، مما يعني أن ملفها قد طوي قضائيا. أما شركة تريميديا التي تولت تسيير لوجورنال انطلاقا من 2003، فقد دخلت في مفاوضات مع دائنيها لتسوية وضعيتها، والدليل على ذلك أنها أدت 3 مليون درهم لصندوق الضمان الإجتماعي وإدارة الضرائب سنة 2007، و لك رغم سياسة الخنق المالي الممارسة ضد لوجورنال والمتجلية في الغرامات الخيالية التي نطق بها القضاء ضده ومقاطعة المعلنين الإشهاريين له. الحكم القضائي بإغلاق لوجورنال والذي يستند إلى حجة تداخل الذمم المالية بين شركتي ميديا تروست وتريميديا لا أساس له من الصحة. بل الواقع أنه حكم مفبرك لإيهام الرأي العام بأن لوجورنال شركة مفلسة وأن النظام لا يد له في إغلاقها. والدليل على أن اغتيال لوجورنال خطة سياسية بحتة، أن تلك الصحف التي تحدثت عنها لم تذكر أن صندوق الضمان الإجتماعي لم يطالب بالتصفية القضائية للوجورنال، الأمر الذي وضحه الصندوق في بيانه الصادر بتاريخ 4 فبراير 2010، والذي يؤكد فيه أنه لم يطالب بتصفية تريميديا أو بالحجز على ممتلكاتي وممتلكات بوبكر الجامعي. الحقيقة أن مسطرة الحجز على ممتلكاتنا (و هذا مذكور في الحكم القضائي) جاءت بطلب من شركة وافا باي، وهي فرع لبنك التجاري وافابنك الذي يسيره منير الماجيدي عبر الهولدينغ الملكي سيجير الذي يترأسه. وما ينبغي ذكره هنا أن ميديا تروست كانت تدين لوافا باي بمبلغ 500000 درهم، و أنها محجوز عليها قضائيا، أي أنه لا يحق الحجز على الذمم المالية لمساهميها، و ذلك بعد أزيد من 7 سنوات. هل اغتيال لوجورنال هو إعلان من طرف الدولة عن مرحلة جديدة؟ ما هو مؤكد، أن اغتيال لوجورنال يؤرخ لانتهاء مرحلة معينة. لقد كانت سنة 2009 سنة في غاية القسوة على الصحافة المستقلة، وربما هي السنة الأكثر عنفا في العشرية الأخيرة. وتتزامن هذه الفترة مع واقع سياسي جديد، ربما لم تنجح وسائل الإعلام في تصويره بالشكل المناسب، وهو خطة النظام غير المعلنة لإعادة هيكلة الحقل الإعلامي. تتبلور هذه الخطة في الحرب ضد الصحف القليلة التي تتمتع بمصداقية، و لسيطرة على الحقل الصحفي من خلال شراء شركات التوزيع، وكذا خلق صحف متطفلة ومنعدمة الخط التحريري، لا دور لها إلا التمهيد لنوايا النظام، مثل مجلة أكتيال التي يديرها أحد قدامى موظفي أونا وهو من المقربين من الماجيدي. من ناحية أخرى، لا زالت الدولة لم تمنح رخص إنشاء القنوات التلفزيونية الخاصة، بل ركزت جهودها على إنقاذ قناة ميدي 1 سات الفاشلة كي تصنع منها تلفزيونا للبروباغاندا يدفع ميزانيته المواطن المغربي. أخيرا، ماذا عن مراجعة قانون الصحافة التي كان من المفروض أن تتم منذ سنتين؟ إنه لمن المضحك أن تعلن الحكومة اليوم عن حوار وطني مع الصحافة، هذا يذكرني بالمشروع الذي اقترحه ادريس البصري في 1995. إن الحقبة التي ولد فيها لوجورنال قد ولت، واغتياله اليوم يقهقرنا عشرات السنين إلى الوراء. ولعل النسق السياسي الذي تعرفه البلاد حاليا خير دليل على أننا لازلنا نقبع تحت غياهب أحادية الرأي. كيف ترى تدخل الكاتب الخاص للملك منير الماجيدي في الحقل الإعلامي؟ هل ترى أمامك مجالا واحدا في المغرب لا يخضع للهيمنة الملكية؟ منذ اعتلائه على العرش، لم يترك محمد السادس مجالا واحدا إلا ووضع يده عليه : العمل الخيري، ثم حقوق الإنسان، ثم الاقتصاد والأعمال، مرورا بالديبلوماسية والحقل الديني والثقافة والرياضة وقضية الهويات الثقافية، وبالطبع السياسة. ها قد جاء دور الصحافة المستقلة، التي كانت تمثل قوة للمعارضة وميدانا حرا للحوار المفتوح. منير الماجيدي ليس إلا الذراع المكلف بإسقاط آخر جيوب المقاومة. وأود هنا أن أعبر عن أسفي عندما أرى أن الصحافة المستقلة التي لا تزال على قيد الحياة لا تحلل بالشكل الكافي خطة الإبادة هذه. هل يمكن ان يكون للمغاربة صحيفة مستقلة مثل لوجورنال في المستقبل؟ على عكس ما يتوهمه النظام المغربي، فإن الشعب المغربي لا ينقصه النضج. فكما بزغ لوجورنال في أواخر حكم الحسن الثاني، إنني على يقين أن تجارب أخرى ستظهر، ربما بأشكال أخرى وباستخدام التكنولوجيات الحديثة. وخير مؤشر على ما أقول، هو حيوية الصحافة المواطنة في المغرب التي نلمسها من خلال الشبكات الإجتماعية والمدونات. للأسف، لا يوجد نموذج اقتصادي ناجع إلى حد الآن في المغرب لبزوغ صحافة إلكترونية مستقلة حقيقية. الإنترنت يمثل الأمل الحقيقي لمهنة الصحافة في المغرب. على النظام أن يفهم أنه من المستحيل أن يكبح هذا التطور، وإن كان لا يزال يمارس القمع على المدونين. هناك أخبار حول إقدامك على تأليف كتاب جديد، هل سيكون جريئا مثل "محمد السادس سوء الفهم الكبير"؟ الواقع أنني بصدد التهييء لمشروع كتاب جديد. لا أستطيع أن أفصح الآن عن محتواه لأنني لا زلت في طور مناقشته مع دار النشر. ما يمكنني أن أقوله أن الموضوع يتعلق بمشروعية الملكية المغربية و بعزوفها عن فتح الباب للديموقراطية.