أكد مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة أن المغرب بذل وما يزال جهودا كبيرة في اتجاه ايجاد حل سلمي للنزاع "المزمن" القائم حول الصحراء المغربية، مشددا في مقالة نُشرت أخيرا على موقع CNN الأمريكي ردا على مقالة في موضوع الصحراء لصاحبها Javier Bardem، على أن كل المؤشرات تدل على الجهود الكبيرة المبذولة من طرف المغرب وعلى جميع المستويات الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية. وأبرز الخلفي في مقالته أنه تم تخصيص مليار دولار خلال الفترة ما بين 2004 و2010 للاستثمارات في المشاريع الاقتصادية والاجتماعية بالصحراء، موردا إحصائيات تهم استفادة سكان المنطقة من الماء الشروب والكهرباء والخدمات الاجتماعية الأخرى من صحة وتعليم. وأضاف الخلفي أن سكان الصحراء ممثلون في البرلمان ب52 برلمانيا، وهو ما يسمح حسب وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، بمدارسة وتبني مشاريع التنمية واستثمار الثروات الطبيعية بالمنطقة. وفي الجانب الحقوقي، أوضح الخلفي بعد تأكيده على أن Javier Bardem قدم في مقالته المشار إليها، صورة منحازة للواقع الفعلي في الصحراء وتنكر لجهود المغرب، أن هيأة الإنصاف والمصالحة المحدثة سنة 2004 عالجت ما يناهز 5000 ملف لأشخاص حول انتهاكات الماضي بالصحراء، وأن المجلس الوطني لحقوق الإنسان أنشأ ثلاث لجان جهوية في الصحراء تضم فاعلين صحراويين مغاربة بهدف رصد ومعالجة أوضاع حقوق الإنسان بالمنطقة على غرار اللجان العشر الأخرى المماثلة بباقي جهات المغرب، مشيرا إلى أن الصحراء ليست منطقة مغلقة في وجه الهيئات والوفود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. وفيما يلي ترجمة لمقالة وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة: تقدم مقالة السيد"Javier Bardem " صورة منحازة للواقع الفعلي في الصحراء، صورة تفتقد للتوازن وتتنكر لجهود المغرب لإيجاد حل سياسي دائم لهذا النزاع المزمن، فضلا عن تقديمها لسلسلة من المعطيات غير الصحيحة، وهو ما سنعالجه باقتضاب شديد وذلك في أربع نقط. أولا بخصوص انحيازه وافتقاده للتوازن، يقدم صاحب المقالة صورة غير حقيقية ودعائية عن أوضاع حقوق الإنسان في مخيمات تندوف. وهنا يكفي العودة إلى تقرير منظمة "هيومن رايت ووتش" في دجنبر 2008 والمعنون ب" وضعية حقوق الإنسان بالصحراء الغربية وبمخيمات تندوف للاجئين" والذي تحدث عن معطيات موثقة تهم ممارسة العبودية ومنع المنشقين عن الجبهة من حرية التعبير ومن حق العودة إلى المخيمات، حيث قدمت المنظمة الحقوقية حالة موثقة لذلك. بعد هذا التقرير استمرت الوضعية مع حالات مثل حالة مصطفى ولد سلمى، المسؤول السابق بجبهة البوليزاريو، الذي منع من حق العودة إلى المخيمات بسبب انتقاده لقيادات البوليزاريو ودعمه لمشروع الحكم الذاتي الذي طرحه المغرب، ونشير أيضا إلى حالة الفنان الصحراوي علال ناجم الكارح، الذي تم تهديده بالقتل ومنع من حرية التعبير بسبب انتقاده للجبهة. بل إن صاحب المقال يحيل على تقرير المبعوث الشخصي للأمم المتحدة "كريستوفر روس" وينسب إليه حديثه عن انتهاكات متعددة لحقوق الإنسان في الصحراء، إلا أنه لم يقدم الدليل لإثبات كلامه. وفي الحقيقة فإن تصريحات روس بعد زيارته الأخيرة للمغرب لم تتضمن أيا من تلك الإدعاءات، بحيث أن روس صرح بقوله " أن النزاع ينبغي أن يحل، وأعتقد أن هذا ممكن بشرط وجود إرادة للانخراط في حوار حقيقي وفي التوافق". ويتضح أن السيد "بارديم" غير مطلع بشكل كاف على جهود المغرب التي يبذلها للنهوض بحقوق الإنسان في الصحراء، وأهمها إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة سنة 2004 ، والتي تلقت ما يناهز 5000 ملف لأشخاص حول انتهاكات الماضي بالصحراء، وقد تم في هذا الإطار تخصيص 72 مليون دولار لجبر الضرر، فضلا عن تدشين العديد من برامج الإدماج الاجتماعي للضحايا. وفي سنة 2011 قام المجلس الوطني لحقوق الإنسان بإنشاء ثلاث لجان جهوية في الصحراء تضم فاعلين صحراويين مغاربة بهدف رصد ومعالجة أوضاع حقوق الإنسان بالمنطقة على غرار اللجان العشر الأخرى المماثلة بباقي جهات المغرب، وكان ذلك موضع إشادة من طرف الأممالمتحدة في قرار لمجلس الأمن رقم 1979 المؤرخ في 27 أبريل 2011. كما أن الصحراء ليست منطقة مغلقة في وجه الهيئات والوفود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، حيث زارت المنطقة في الآونة الأخيرة 22 بعثة أجنبية، آخرها وفد صحفي من تأطير المنظمة الدولية لنساء الإعلام IWMF ، وقبلها كانت زيارة المقرر الأممي الخاص بالتعذيب " Juan Mendez " والذي صرح بأن ثقافة حقوق الإنسان تتعزز في المغرب إلا أنها تحتاج إلى مزيد من العمل لترسيخها. ثانيا، إن جهل السيد "بارديم" لمعطيات بديهية ومعروفة لدى الجميع شيء مثير للاستغراب، حيث أشار في مقالته إلى أن عدد سكان مخيمات تندوف يقدر ب300 ألف نسمة، وهذا يناقض تقديرات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لسنة 2005، التي قامت بتقليص عدد الساكنة بالمخيمات من 158 ألف نسمة إلى 90 ألف شخص". وفي السياق ذاته يشار إلى أن المفوض السامي لشؤون اللاجئين كان قد دعا مرارا الجزائر والبوليزاريو إلى إجراء إحصاء دقيق لساكنة المخيمات، ولغاية اليوم ما زال الرفض يواجه طلب المفوضية العليا للاجئين بإجراء إحصاء دقيق، كما أكد على ذلك قرار مجلس الأمن 2044 المؤرخ في 24 أبريل 2012 حول نزاع الصحراء . وبحسب عرض لنائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية" Gordan Gray" أمام اللجنة الفرعية لإفريقيا بالكونغريس الأمريكي في 17 نونبر 2005، فإن "هناك تقارير ذات مصداقية تؤكد على أن جبهة البوليزاريو قامت ببيع جزء من المساعدات الدولية الغذائية المخصصة للاجئين في السوق السوداء". ثالثا، ادعى كاتب المقالة، بدون تقديم أية أدلة، بأن منطقة الصحراء تعيش في الظلام، وأن السكان تم منعهم بالقوة للتخلي عن ثرواتهم، وأن إسبانيا لها الدور الإداري بالصحراء. وهذا غير صحيح. فإسبانيا حين استعمرت المنطقة في نهاية القرن التاسع عشر كانت الصحراء تحت السيادة المغربية،كما قام سكان المنطقة بمقاومة المستعمر الاسباني إلى حدود 1934، وهناك عدة تقارير للأمين العام للأمم المتحدة تبرز أن المغرب يمثل السلطة الإدارية في المنطقة، وعلى سبيل المثال التقرير المقدم لمجلس الأمن بتاريخ 23 ماي 2003 حول نزاع الصحراء. أما بخصوص التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة، فيشار إلى أنها تسجل مؤشرات عالية في التنمية البشرية مقارنة مع العديد من الجهات المغرب الأخرى، كما أن هناك آليات ديموقراطية محلية إلى جانب تواجد 52 منتخب صحراوي في البرلمان المغربي، ومن خلال هذه الآليات الديمقراطية تتم مدارسة وتبني مشاريع التنمية واستثمار الثروات الطبيعية بالمنطقة. وخلال الفترة الممتدة مابين 2004 و2010 تم تخصيص مليار دولار للاستثمارات في المشاريع الاقتصادية والاجتماعية بالمنطقة، كما أن 95 في المائة و93 في المائة من الأسر في الصحراء يتوفرون على التوالي على خدمات الماء الصالح للشرب وشبكة الكهرباء. والمنطقة أيضا تتوفر على 5 مستشفيات عمومية و37 مركز صحي و139 مؤسسة تعليمية. أيضا تم تخصيص 455 مليون درهم للاستثمار في مجال التنمية البشرية همت أساسا إنشاء 844 مشروعا خلال الفترة الممتدة مابين 2005 و2011. إضافة إلى ذلك المجهود التنموي يسجل انخفاض معدل الفقر بالمنطقة من 29,4 في المائة في سنة 1975 إلى 6.2 في المائة حاليا، والخلاصة أن المداخيل المحققة من ثروات المنطقة تقل بكثير عن المجهود الاستثماري للدولة بالمنطقة ذاتها، بل إن الدوافع الرئيسية وراء إبقاء منجم "فوس بوكراع" للفوسفاط مشغلا تعود لأسباب اجتماعية أكثر منها اقتصادية. حيث يشغل 1900 عامل، كما أن الشركة المستثمرة قامت مؤخرا باستثمار أزيد من 325 مليون دولار من أجل استمرار دوران المنجم، بالإضافة إلى استثمار 4.5 مليون دولار لدعم المشاريع الاجتماعية بالمنطقة. رابعا، إن جهود المغرب لحل النزاع كانت محط تقدير، وعبر عن ذلك مجلس الأمن للأمم المتحدة بوضوح في عدة قرارات، لاسيما قرارات مجلس الأمن 1754 و 1783 ثم 1813، والتي عبرت عن الترحيب بالجهود الجادة وذات المصداقية للمغرب للدفع قدما بمسلسل الحل للنزاع، وهي قرارات تلت تقديم المغرب لمشروعه القاضي بمنح الحكم الذاتي للصحراء كحل سياسي للنزاع يتم اعتماده عن طريق الاستفتاء. وهذا التوجه يعكس رؤية إستراتيجية للمغرب في صيانة الاستقرار في منطقة الصحراء والساحل وتعزيز فرص الاندماج المغاربي.