بعد أيام سيحل فصل الصيف بحرارته ونشاطه وسهراته الصاخبة . فصل الصيف في المغرب لديه ارتباط وثيق بالأعراس وحفلات الخطوبة ، كثير من الخطاب سيتبادلون الخواتم الذهبية هذا الصيف ، في انتظار أن يعقدوا القران الرسمي في الصيف القادم ، وفي المقابل هناك عرسان وعرائس سيدخلون يدا في يد إلى أقفاصهم الذهبية بعد أيام . أستطيع أن أقول بأن جميع هؤلاء قد يكونون الآن هازين الهم لحاجة وحدة : إنها ليلة الدخلة المرعبة ! "" الأمر لا يدعو إلى الاستغراب ، فليلة الدخلة عندنا هي أهم وأعظم ركن في الزواج ، هذا بالنسبة لأصحاب العقليات المتخلفة بطبيعة الحال ! يمكن أن يكون حفل الزفاف ناجحا من جميع النواحي ، ولكن إذا حدث خلل في اللحظة التي يلتقي فيها العروس مع عروسته على سرير النوم في أول لقاء بينهما ، فإن كل شيء يصير مضروبا في الصفر ! السؤال الذي يطرح نفسه هنا بإلحاح شديد هو : لماذا تحظى ليلة الدخلة عندنا بكل هذا الاهتمام الزائد عن الحد ؟ بطبيعة الحال كل واحد منا يعرف الجواب ، ولا أحد يخفى عليه أن الناس تهتم بهذه الليلة على اعتبار أنها اللحظة التي يحصل فيها الجميع على إجابة واضحة عن سؤالهم الجوهري : واش العروسة عندها الكارانطي ولا لا ؟! لذلك يتتبع الجميع أحداث هذه الليلة بكل تفاصيلها وجزئياتها الدقيقة ، ولا يهنأ بال المدعوين إلا عندما يتوصلون بخبر النتيجة النهائية لأول معركة بين العروسين . وإذا كنا نعتقد أن الهنود أغبياء لكونهم يقدسون البقرة ، فنحن أيضا أغبياء لأننا نقدس البكارة ! البكارة ليست من شروط الزواج من الناحية الدينية ، ولكن الأعراف التي ورثناها عن أجداد أجدادنا منذ قديم الزمان لم تجعل منها شرطا فحسب ، بل جعلت منها أهم وأعظم ركن من أركان الزواج ! ورغم كل هذا الانفتاح الظاهري الذي نراه في المجتمع المغربي ، إلا أن العقليات لم تتغير ، البكارة ما زالت تحظى بنفس القدسية التي كانت تحظى بها في عصر أجدادنا ، ولها مكانتها الخاصة حتى داخل العقليات الأكثر انفتاحا ! أن تكون الفتاة عذراء لا يعني ذلك مطلقا أنها لم تمارس الجنس في حياتها ، فهناك طرق متنوعة يمكن أن تلجأ إليها الفتاة للاستمتاع بحياتها الجنسية دون أن يمس "شرفها" أي مكروه ! ولكن الناس لا يهتمون بهذا الأمر مطلقا ، المهم في نهاية المطاف هو الحصول على قطرات من الدم كي يتيقن الجميع من أن العريس فحل ، والعروسة عفيفة طاهرة ، واخا تكون نعسات مع مية واحد ! في أعماق العقلية العربية هناك عقدة معقدة جدا تجاه البكارة ، حتى أننا أصبحنا اليوم نسمع أن هناك من يستطيع دفع العشرات من الملايين مقابل النوم مع فتاة عذراء . وفي التحقيق الذي نشرته مجلة "نيشان" قبل أسابيع عن دعارة الهاي كلاص ، صرحت عدة فتيات يمتهن الدعارة بأنهن حققن أحلام حياتهن من خلال بيع البكارة . يكفي أن تقدم الفتاة بكارتها لأحد أثرياء الخليج ، وستحصل على شقة وسيارة وكثير من الهدايا الثمينة . دابا عاد فهمت علاش كايكولوا بأن البكارة هي أغلى ما تملكه الفتاة ! المصيبة أن هذه البكارة تسبب في أحيان كثيرة في وضع نهاية مأساوية لكثير من الأعراس . ما زلنا نسمع عن حالات طلاق مستعجلة تحدث عندما يدخل العروس على عروسته ويجد أنها لا تملك بكارة ، ولأن البكارة لديها كل هذه الأهمية في عقول الناس ، فإن العريس يفقد صوابه ويطلب فسخ عقد الزواج في أسرع وقت . وبما أن الطب يقول لنا بأن هناك فتيات يتوفرن على نوع من البكارة التي لا يمكن أن تتمزق إلا بمشرط الطبيب ، فلا بد أن يضبط الإنسان أعصابه ويتصرف بعقلانية . هذا إذا كان من النوع المهووس بإراقة الدماء في ليلة الدخلة ! إذا لم ينزل الدم فلا يجب عليك أن تعتقد بأن أحدا ما سبقك ومر من هنا ! بل عليك أن تتريث وتتحدث إلى عروستك في الموضوع ، مع الأخذ بعين الاعتبار أنك ستسمع ما لا يرضيك من أفواه الناس ، وعلى رأسهم والديك العزيزين ! ولعل أهم جملة ستسمعها هي أنك ماشي راجل ! ولكن هذا لا يهم ، فحياتك الحميمة هي ملك مشترك بينك وبين زوجتك فقط ، وغرفة النوم هي مملكتكما التي لا يحق لأحد أن يطلع على الأسرار التي تدور فيها . وقبل أن أضع نقطة النهاية لهذا الموضوع ، أطرح هذا السؤال المهم على القراء : ماذا سيكون رد فعلك يا عزيزي إذا وجدت أن عروستك ما عندهاش الكارانطي ؟! [email protected]