ما فتأت وفود السيّاح العرب تتقاطر زرافات و وحدانا على أرض غزة صباح مساء، حتى إنبلجت فجأة شهية مفتوحة عند وفود تواقة جدد . وفود لكم اِفتقدت طعم السياحة في هكذا مناسبات منذ سنين طوال. فلوت هي الأخرى تباعا على عجل ، صوب مدينة القائد "الجعبري"، تسترضع مهابة المراقب المتتبع لأخبار القوم ، و تتسول رضا القابع خلف التلفاز، وهو يسابق الزفرات و يكفكف دموعا صوامت، هنّ من النزيف الداخلي أقرب للتشخيص. و بعد " ربيع" خاصم كل الفصول في طول المدة، أخذ " النعاج" يحومون حول الحمى، و قد سبقتهم إليها زفّات ترحيب إسرائيلية عند ثخوم العريش بصليات حارة، أحرجت الزائر السائح من شدة حفاوة الإستقبال. "عامود السحاب" هذه المرة ، لفظة تلمودية بكر، تفنن حاخامت الصهاينة من اليهود في اِنتقائها ، تيمنا بتلك العاصفة التي أرشدت اليهود إلى فلسطين ، عندما أصيبوا بالتيه في مصر سنين عددا. و منهم من أوجز تعريفها في "عقاب السماء". قدمها الإسرائلي هدية لساكنة غزة مطلع العام الهجري الجديد، على شكل باكورة غارات جوية ترنو القداسة في التخطيط ، و الدقة في التصويب، لقطف رؤوس أينعت حسب قاموس " هاأريتس" اللسان الصحفي النافذ في إسرائيل. كانت غزة و لا زالت ، الوجبة الدسمة التي طالما اِستهوت شهية الساسة في إسرائيل، في حصد مزيد من الأصوات كلما هبت رياح الإنخابات و منذ قيام الدولة. فهي قبلة الكنيسة المقدسة ، و ساحته الدعائية الإنخابية بامتياز، لإثبات أحقية أعضائه العالية في الحكم و كفاأتهم المتفانية في خدمة البلاد و العباد. من أجل ذلك ، كلما أراد زعيم إسرائلي أن يلتحف رضا شعبه ،أوغل في القتل و أمعن بعنجهية مقيتة .هذا ، و تتفاوت مراتب الساسة عندهم في الفوز، حسب درجات القتل و أشكاله . إيهودا باراك ، شمعون بيريز، نتياهو، ليفني ، بن إلي عيزر، إسحاق رابين.. و آخرون . لهم السبق كل السبق، في الغرس و الدرس و الجني، تحت إسم مخططات مشؤومة، الحصاد فيها شيب و شيّاب ، خليط من البشر و كائنات أخرى. وعلى قدر القتل تنل ، فالقتل شرط العمل، و ضمانة الخدمة و الأجل. أما العرب، ف" نعاج" بلا تيْس ، على حد قول من كان بين القطيع. "نعاج"، أ ُرْسلت على مضض لتتفقد فعل الذئب في الخم ليس إلا. نعم ، "نعاج"، و قد تناسى صاحب الوصف تيْسه ، أو بالأحرى تيوس آثرت البيدر على السياحة ، فما كان منها بعد برسيم " الربيع" الغضّ ، إلا أن تقدم " النعاج" في الزيارة بالإنابة. وا فرحة "التيوس" بمقدم الربيع، و وا فرحة الذئب باغترار "النعاج" . تعالى نبدأ من حيث غربت الشمس ، ماذا سيفعل " المستشفى الميداني" بعد "الخطاب السامي" لمن أوغل الذئب في بقر بطنه؟؟؟؟. يا رجل ، حتى الخزي عض الأنامل لهكذا مبادرات . و حتى العار، من شدة وهن النعاج أردف " يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا" . و لقد اِستحي الشيطان أيما اِستحياء يومها، عندما أ ُبْلغ فجأة أن من بين المساعدات " أكفان بيض"، مبادرات جعلت بعض المردة من الشياطين أنفسهم تعتزل الخدمة لمن هو أجدر، و إن كان في الخلق "نعجة". هذا حظ الغزّاويين من "نعاج" تطاولوا على رعاة المغرب الأقحاح المغيببين قسرا. أما من حيث أشرقت ، فلا نرى سوى "نعاجا" غدت إلى الرعاة أقرب . و الحق يقال ، منذ أزيد من عشرين سنة أو يزيد، لم تتحرك " نعجة" و لو بِليّةِ ذيل من بلاد أبي الهول و ما جاورهما هكذا تحرك في غضون ساعات قلائل بعد صليات المعتدي الأثيم، للذود عن رعاة سطروا التاريخ بالدم القاني ، دفاعا عن كل "النعاج" المتهاونة من شراسة ذئب تلمودي غادر، تسعى جاهدة في كبح جماحه بما تيسر في جمع اليد من حجر و قصدير. كانت لزيارة رئيس وزراء مصر الثورة "هشام قنديل" بعد " ربيعنا " دلالات إرتج لها تاريخ " النعاج" بالكامل، تاريخ يعاني الرطوبة في الظل منذ الإنتداب الابريطاني سنة 1922 . و ليس لوقع الزيارة في حد ذاتها، بل إنما في سرعتها وطبيعة خطابها . و الدليل أن الغارات الإسرائيلية تطيرت من الضيف الثقيل، فما كان منها إلى أن بادرت إلى مسح أثر مقدمه بالشبر و الخطوة، حالما غادر أرض المكلمومين من الغزاويين ، فدكت الطائرات المكان حيث صرح بشرعية الدعم للمقاومة تلميحا، و حفظ الماء وجه العرب تصريحا، وسط بعبعة "التيوس" هذه المرة. وعلى غرار من سنّ سنة حسنة، فله أجرها، و أجر من عمل بها إلى يوم القيامة . سرّع السيّاح العرب بمعية الأتراك و ثيرة الزيارات لأرض غزة الجريحة ، لنيل البركة و حصول القبول . هذا ما أسفرت عنه اللقاءات العصماء ،و الإجتماعات الغراء، التي لم تعد مغلقة مذ أن سقط القناع عن جامعة الدول العربية، حيث حضيرة "النعاج" الناهبة للمال العام، و الهادرة للوقت من أعمار العامة، من المغلوب عليهم. نعم ، أزمع السيّاح - وزراء الخارجية و التعاون - على شدّ الرحال إلى غزة ، و أوصوا وشددوا على بعضهم البعض ،على التعجيل في جمع الأمتعة المستلزمة للمنتجع الساخن ، و التدرب أيما تدريب على لوك اللغة الديبلوماسية المناسبة ،التي يبرعون في توزعينها بسخاء بالغ، على شكل سكاكر لكل من اِستطعم في هكذا مناسبات . نعم ، دخلوا غزة من غير أبوابها، تحت حصانة إسرائلية و قبول دولي في مساء الثلاثاء 20 من نونبر 2012. حماسُ الساسة الأتراك لا "حماس" غزة، بدا واضحا هذه المرة. فقد تزايد حراك أبناء العثمانيين في المنطقة غداة الإنحياز "للنعاج" بدل "الأسد" في دمشق . تحركٌ دبلوماسي ملحوظ ، تجلى كالشمس في رابعة النهار، تصدّر جباه الصحف الإلكترونية منها و الورقية على السواء، خاصة بعد زيارة أردوغان لدولة "المُعِز"، حيث داعب المصريين بلسان عربي فصيح، تزاحمه لكنة تركية بينة" إرفع رأسك أنت مصري" ،وهو يعي أن العزة لا تأتي برفع الرؤوس و لا بكسر النفوس، إنما تأتي بالقول الفصل يناطح الفعل الأجلّ ، و إلا فالقائل يغمّس خارج صحن العزة، تحريكا لشهية الجوعان ليس إلا. مصر الثورة ، ثم تونس الشعلة، فعشرة وزراء أو يزيد ، مرفوقين بأمين الجامعة العربية " النبيل العربي" " توجهوا إلى غزة العزة، وسط جعجعة الإعلام و زميلاته من صفحات التواصل الإجتماعي و غيره، ممن له نفاذ الرأي في حركة الشعوب .فما فتأ يعلو صخب المواقع ويخفت هرطقة حتى جاد أرباب الساسة "بالسياحة التاريخية" لغزة ، متمثلة في وزراء رفيعي المستوى، ذوي الكم و الكيف في خلط الأوراق. و هذا نص الخبر من موقع الجزيرة بالحرف. ".. وكان الوفد قد وصل غزة عصر اليوم ، وقال مسؤول في حركة حماس إن الوفد يضم أكثر من عشرة وزراء وممثلين عن دول عربية إضافة إلى وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي الذي يزور غزة لأول مرة منذ2007 "... و في إستقبال حاشد بلغ صداه البيت الأبيض، و قد صُوِّر سيناريو مشاهده وكلماته غيبا سلفا في بيت العم سام،قبل أن تقع تمثيليته في القطاع. ليتلقفها الإعلام المتعطش كيلاً ً لذاك القابع خلف التلفاز يكبّر و يسبّح ، و منهم من أخذه النوم من كثرة تردد آيات التعاطف الرقيقة على سمعه، تأتيك بالنوم من الصين حيث كان. خليط من الكائنات الوزارية السائحة ، ظهر خلف الشاشة و في بث حي . أزبد السيّاح ..ما قصروا . أرعدوا .. كالوا الإتهامات .. ما قصروا. صفق الحظور.. ما قصروا. تحمس هنية .. ما قصر. تعاهد السياح بعدم التخلي عن غزة .. ما قصروا .صفق الحظور .. ماقصروا . كبَّر والدي بحماس بجانبي .. ما قصر هو الآخر. صفق الحظور للسياح و لوالدي .. ماقصروا . و هم يصفقون ، في نفس التوقيت بالضبط ،غردت الطائرات الإسرائلية بصليات توالت كالغيث الغزيرعلى ثخوم غزة ، و كأنها تزف تباشير السائح الوازن، و تبارك قرارته على طريقتها المعهودة . والله ، و بالله، و تالله ،.. في ذات الدقيقة و الثانية كان جمع السياح يصفقون بحرارة، و يبالغون في لثم بعضهم البعض، بقبل تنسيك حرارة الجو في الخارج .. و ما قصروا . أليس من العار أن تصَّعّد صواريخ إيرانية ، فارسية الصنع "كفجر 5" وغيره من تلال غزة بدل صاروخ عربي" سنيّ واحد" ممن يهددون العالم ببع إيران و " الهلال الشيعي" و .. و.. ؟؟؟ أو لم يعلم السياح العرب و الأتراك أن ترسانة الغزاويين في المجمل إيرانية؟؟؟ أولم يستمع السياح العرب و الأتراك إلى الكوادر الطبية في مدينة غزة و هم يجرد لهم الإحتياجات العينية التي أضحت أمس حاجة من الماء عندهم ؟؟؟ أما كان على السياح العرب أن يقدموا السلاح و لو مهربا بدل المساعدات الغدائية و الأكفان ؟؟؟ أين عروبة القومجية ؟؟؟ أين الناصريين و الساداتيين؟؟؟ بل أين حماة الديار من شهامة الفرس ؟؟؟ من يدخ فعل القول، بدل قول الفعل في حفيظة الغزّاويين الإيمانية ؟؟؟ هل هي " الأكفان البيض" التي تجود بها الدول العربية لساكنة غزة، أم هي صواريخ " فجر5" الإرانية الصنع و الإمداد؟؟ إياك أن تهجر البحث في جني الحقيقة ، فإذا سلب الإعلام عقلك صرت له عبدا مملوكا ، فالحقيقة بنت البحث في قاموس العلم. و ليس ثمة إعلام محايد بالمرة في " علم الإجتماع السيكولوجي" ، لذا تحقق لتقف على ما تصبو. أليس من الخزي أن يتبجح بعض " النعاج" تلميحا بما قدمه لغزة و ساكينيها من مساعدات، كمهدئات الآلام و ضماضات الجروح أو مسكنات أوشكت صلاحيتها على الإنتهاء ، في حين تصمت السودان عفة وكبرياء لما قامت به من تهريب للسلاح لإخوتنا في غزة و هو الشرع عينه؟؟؟ هل قالت أو ألمحت؟؟؟ ألم تُقصَف السودان بصواريخ إسرائيلية علنا عندما تحسس القوم خيفة ؟؟؟ لما لم يتحرك و لو "خروف" واحد إتخذ العقال شارة بدل القرون، أو "نعجة" حتى ؟؟؟ إلى متى ستنتظر الهدنة من جيش أوجد له شعبا ديدنه الحرب ؟؟؟ ألم تعي " النعاج" بعدُ فعل الذئب منذ أزيد من ستين سنة من الدروس الخصوصية ؟؟؟ وو الله لو نطقت بعض الأسماء للعنت أصحابها ... لكم طبطب السياح العرب قبيل نهاية الزيارة على كتف الجرحى من الغزاويين، مبشرين بهدنة قبيل العاسرة ليلا في ذات يوم.و بعد العاشرة بقليل بعد أن هرول السياح رجوعا للحضيرة العربية ، إستأنفت إسرائيل غاراتها على القطاع بعد رفع الحصانة عن الزائر الكريم، و أعلنت الإذاعة الإسرائلية الثانية عن سرب صواريخ مشاكسة زارت عسقلان و بئر السبع و تل أبيب تباعا ، تلاه تفجير حافلة ركاب في تل الربيع " تل أبيب " عند العاشرة من صباح اليوم الموالي . لتأخذ بذلك الحرب رتابتها المعهودة ،و قد ذهبت ريح المفاوضات الشكلية سدى. هذا ما أسفرعنه بالجملة ، طواف السيّاح بعد ساعات يتيمة في المنتجع المكلوم غزة.. أما صاحب قصة " النعاج و الذئب"، فكان حريا به أن يلتفت يمينا بقليل، ليرى قاعدة عسكرية شامخة كالقصر بها " ذئاب ذووا خبرة مكر " عالية، في كبح جماح " النعاج" إن سمنت، أو تسلل إليها جنون البقر خلسة ، قاعدة أو جدها " تيسه" بالرضا و القبول ، بعد عناق حار جرى بين " التيس" و "العم سام" و لا زال . قاعدة أوجدها العم "سام " لحماية إبنه البكر " إسرائيل" إذا تمردت "النعاج" يوما على "الذئب" . فهل يتنكر العرب للعم سام يوما يترى؟؟ و هم مدرسة الكرم و منبع العرفان . إقرأ بالمختصر المفيد متن الرواية : الكبش قام خطيبا فوق رابية ينعى على الذئب فتك الذئب "بالغنم" فتمتم "الذئب" في أذنيه، أنت على رأس القطيع "أمير" نافذ الكلم فقبل "الكبش" ناب الذئب معتذرا عما رماه به من سالف التهم و قال "للشاء" خوضوا و اِرتعوا معه من لاذ منكمُ بالذئب لاذ "بالحرم" وو الله لسنا ب"نعاج"، بل إستنعج الظالم منا فألكته الذئاب ، فصار يرثي حاله فينا، و نحن خير أمة أخرجت للناس إن فقهت دينها بالحق، و التاريخ بيننا أستاذ شاهد ." وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون". صدق الله العظيم. أستاذ اللغة الإنجليزية ومترجم https://www.facebook.com/mohammedrhaz