اعترف الكيان الصهيوني بالحصول على ضوء أخضر أمريكي لمحرقته الثانية في غزة التي بلغت حصيلتها، أمس، عشرات الشهداء والجرحى عدد كبير منهم من الأطفال والنساء، مع تصعيد لافت واستهداف لمكاتب وسائل الإعلام وللمنازل ومقرات الحكومة الفلسطينية، فيما ترد المقاومة ببسالة، أربكت حساسات العدو الصهيوني، بإطلاق عشرات الصواريخ التي تسقط في “تل أبيب" وما بعد «تل أبيب»، مسببة خسائر فادحة يتكتم على معظمها. وكشف سفير الكيان الإجرامي لدى الولاياتالمتحدة «ميشيل اورين» أن واشنطن أعطت بلاده الضوء الأخضر لشن عمليتها العسكرية الحالية على قطاع غزة. وأخبر «أورين» وسائل إعلام أمريكية أن «الولاياتالمتحدة أعطتنا الدعم الكامل لاتخاذ كل الإجراءات الضرورية لحماية مواطنينا من إرهاب حماس»، حسب تعبيره. وأوضح أن الكيان الصهيوني حصل على «دعم واضح لا لبس فيه من الولاياتالمتحدة»، مشيرا إلى أن هذا الدعم مصدره البيت الأبيض والكونغرس الذي حصلت فيه «إسرائيل» على موافقة كل الأطراف، حسبما أفاد تقرير لصحيفة «نيويورك ديلي نيوز» الأمريكية، أول أمس. وكان أوباما قد أكد الجمعة الماضية في واشنطن أن من حق «إسرائيل» أن تدافع عن نفسها. فيما قالت الخارجية الأمريكية إن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تسعى إلى حث نظيريها في مصر و»إسرائيل» على الإسهام في التخفيف من حدة الموقف «الخطير جدا جدا». «القسام» يتكلم في المقابل، أبدت المقاومة في غزة عنفوانا لافتا وتحديا منقطع النظير وإصرارا عجيبا على مواجهة الآلة الصهيونية المدمرة. ولا تزال معركة «حجارة السجيل» متواصلة، ولا تزال كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكرى لحركة حماس، ومعها أخواتها من الفصائل المقاومة في غزة، تواصل معركة العزة والكرامة ضد العدو الصهيوني المعتدي لليوم السادس على التوالي، وتمطر البلدات الفلسطينيةالمحتلة بوابل من صواريخ العز والإباء التي تحرق الصهاينة وتدبّ الخوف والرعب في قلوبهم. وأعلنت كتائب القسام، مساء أول أمس، أن خمسة ملايين صهيوني أصبحوا في مرمى النار، وذلك بعد استهدافها مدينة تل أبيب بقذائف صاروخية. وشددت «القسام» على أن كل ما تم استهدافه خلال عملية «حجارة السجيل» جزء من بنك الأهداف الموجود لديها، مؤكدة أنها قادرة على الصمود فترات أطول من تلك التي صمدتها خلال (22) يوماً من «حرب الفرقان». وقال المتحدث باسم الكتائب «أبو عبيدة» في كلمة تليفزيونية بثتها قناة «الأقصى» التابعة لحركة حماس في غزة: «الكتائب نفذت منذ بدء التوتر مع إسرائيل قبل أربعة أيام أكثر من 900 هجمة صاروخية». وأضاف أبو عبيدة: «هذه الهجمات استهدفت مواقع إسرائيلية بمعدل أكثر من 10 أضعاف إبان عملية (الرصاص المصبوب) الإسرائيلية على قطاع غزة قبل نحو أربعة أعوام». وأردف أنها تضمنت بنك الأهداف «القسامي» وشمل مواقع عسكرية حساسة من ضمنها أرتال من الدبابات والجنود وحاملات المدرعات وقواعد سلاح الجو الصهيوني وقواعد عسكرية ومهابط للطيران ومواقع داخل المدن المحتلة. قصف منظم.. وبيّن أبو عبيدة أن الكتائب نفذت (1000) هجمة صاروخية ضد مواقع العدو، بمعدل يومي يساوي أكثر من عشرة أضعاف معدل الهجمات إبان معركة الفرقان مطلع عام 2009م كاشفاً أن القصف شمل مواقع عسكرية حساسة، من ضمنها أرتال من الدبابات والجنود وحاملات المدرعات، وقواعد سلاح الجو الصهيوني، وقواعد عسكرية برّية، ومهابط للطيران. وقال: «تضمن بنك الأهداف كذلك مواقع داخل المدن المحتلة تطالها صواريخ المقاومة لأول مرة في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني، كمدينة تل الربيع «أبيب» المحتلة». وتابع: «كانت المفاجأة المدوّية باستهداف مدينتنا وعاصمتنا المحتلةالقدس، بصواريخ طالت أهدافاً هامة، حيث وجهنا صواريخنا نحو موقع عسكري في ما يسمى ب»غوش عتصيون» جنوبالقدسالمحتلة، هذا إضافة إلى قصف مكثف ومتواصل على مواقع في تجمعات بئر السبع وأسدود وعسقلان وكريات ملاخي، وغيرها من المواقع التي أعلنا عنها في حينه». وكشف أبو عبيدة عن استهداف آلياتٍ وسيارات عسكرية داخل عمق الشريط الحدودي الزائل شرق قطاع غزة، مؤكداً أنه تم استهداف جيب صهيوني كان يسير على الطريق العسكري بعمق ثلاثة كيلو مترات من القطاع، وتمت إصابته بدقة وتدميره، ولم تصل النجدة إليه من قبل العدو سوى بعد نحو ساعة كاملة. وللطائرات نصيب ورفع أبو عبيدة الغموض الذي لفّ قضية استهداف الطائرات الحربية، مؤكداً أنه ولأول مرة في تاريخ المقاومة، قامت كتائب القسام باستهداف الطيران الحربي المعتدي في أجواء قطاع غزة، وقال:» تم ضرب عدة طائرات حربية كانت تحلّق في سماء غزة، نجحت هذه الضربات في إصابة طائرتين حسب تقديراتنا، بينما نجحت إحدى الضربات في إسقاط طائرة حربية من نوع اف 16 في أجواء غرب المنطقة الوسطى من قطاع غزة، حيث سقطت الطائرة في بحر غزة». وشدد أبو عبيدة على أن هذه الجولة من المواجهة وعملية حجارة السجيل لن تكون الأخيرة مع العدو المحتل، واعتبرها فاتحة الطريق نحو تحرير الأرض المحتلة . «القسام» بخير.. وطمأن أبوعبيدة الشعب الفلسطيني والأمة بأن كتائب القسام بخير، والمقاومة بخير، مكذباً ما صرّح به قادة الاحتلال الذين تحدثوا عن تدمير القوة الصاروخية، مشدداً على أن منظومة «القبة الحديدية» التي وصفها ب «الورقية» أصبحت وراء ظهور الكتائب ورجالها. وبين أن كتائب القسام لا تزال تحتفظ بقوتها، ولا زال لديها الكثير من الأوراق والمفاجآت، وأنها تحتفظ بعناصر القوة الكافية لإرهاق العدو وسحق غطرسته. وخاطب أبو عبيدة جماهير الشعب الصهيوني بقوله: «إن قيادتكم هي التي اتخذت قرار قصف تل الربيع والقدسالمحتلة، وهي التي أنزلتكم إلى الملاجئ وفرضت حظر التجوال عليكم»، واصفاً القيادة الصهيونية بالقيادة الكاذبة والجبانة والتي لا تعمل سوى لأهدافها الحزبية والانتخابية، من خلال قرارات متهورة وغير محسوبة النتائج. وتحدى أبوعبيدة القيادة العسكرية والسياسية للاحتلال أن يقوموا بالكشف والإعلان عن حقيقة الأهداف والخسائر التي لحقت بهم وعن المواقع الحقيقية للصواريخ والقذائف، وعن الخسائر الحقيقية في الجنود بدلاً من فرض الحظر الإعلامي لتضليل الرأي العام داخلياً وخارجياً. ودعا الأمة الإسلامية والعربية إلى حشد كل الطاقات والتأهب لنصرة فلسطينوالقدس، وقال: «لا عذر بعد اليوم لقاعد، فالمعركة ليست معركة غزة بل معركة فلسطين، وعلى الأمة أن توصل رسالتها للعدو بشكل يفهمه جيداً، فالعدو الآن في مرحلة اختبار لكم، وأنتم أهلٌ للنجاح في هذا الاختبار». وقال أبو عبيدة: «هذه الجولة من المواجهة وعملية «حجارة السجيل» لن تكون الأخيرة مع العدو الصهيوني»، في إشارة إلى المساعي المبذولة للتوصل إلى تهدئة متبادلة. وأضاف: «هذه المواجهة هي فاتحة الطريق نحو تحرير الأرض المحتلة، ودماء قائدنا أحمد الجعبري (الذي اغتاله الاحتلال الأربعاء الماضي) وجميع شهداء فلسطين ستكون لعنة تطارد الصهاينة في كل مكان». ووجه في ختام كلمته التحية للشعب الفلسطيني الأبي المرابط المعطاء، الذي قدّم وصبر، وآوى ونصر، وضرب مثلاً يحتذيه كل حرٍ في العالم، وصنع المستحيل وأذهل العدو وأدهش العالم. انتصار المقاومة من جهته، أعلن خالد البطش القياديُّ في حركة الجهاد الاسلامي أن جولة الصراع الحالية بين المقاومة والاحتلال الصهينوني، قد حسمت بانتصار كبير للمقاومة. وأكد البطش أن استهداف المقاومة الفلسطينية لمدينة تل أبيب بالصواريخ، أدخلت هذه المنطقة التي تحتوي على أكثر من 75% من المستوطنين الصهاينة على خط النار كأيّ مستعمرة ومدينة أخرى، وأدى إلى تغيير قواعد العمل في المنطقة كلها. واعتبر القيادي في حركة الجهاد، التي تعتبر لاعبا أساسيا في هذا الصراع، أن استهدافَ تل أبيب بصواريخ المقاومة، يعد نصرا كبيرا لها، وهو الأمر الذي حسم هذه الجولة من الصراع، بانتصار مدو للمقاومة في قطاع غزة، وفقا لما ذكرته «وكالة فلسطين اليوم»، المقربة من حركة الجهاد الإسلامي. ورأى أنه إذا أقدم الاحتلال الصهيوني على اجتياح قطاع غزة بريا، ولم تتدخل الأمّة العربية والإسلامية والعالم لوقفه ستكون نتائجه كارثية أيضاً على قوات الاحتلال بسبب جهوزية المقاومة والمجاهدين في فلسطين للتصدّي له. نافياً الحديث عن أيّ هدنة مع العدو حتى الآن. الهدنة وشروطها وكان الرئيس المصري محمد مرسي قد أعلن عن وجود اتصالات تجريها القاهرة مع الحكومة الصهيونية والفلسطينيين بشأن الوضع في قطاع غزة، وقال إن هناك «مؤشرات» على إمكانية التوصل قريبا إلى وقف لإطلاق النار بين الطرفين. وتحدث مرسي في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي يزور القاهرة ضمن نشاط دبلوماسي مكثف عن «مساع مع كل دول العالم لكي يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار من كلا الجانبين». وأضاف «هناك مساع حثيثة عبر قنوات التواصل مع الجانب الفلسطيني وأيضا الجانب الإسرائيلي». وقال أيضا «لا توجد ضمانات في هذا الإطار». وحذر مرسي من «عواقب وخيمة» في حالة تنفيذ «إسرائيل» لهجوم بري على قطاع غزة، قائلا «إذا حدث اجتياح بري كما يقولون فإن ذلك ينذر بعواقب وخيمة في المنطقة». وبدوره، قال أردوغان إن تركيا ترغب في أن ترى وقفا لإطلاق النار، مشيرا إلى أن «القوى العالمية لا تتدخل لوقف الهجمات الإسرائيلية». وأضاف «الطرف الذي يملك القوة الطاغية واضح». جاء ذلك وسط تكهنات أشارت إليها «رويترز» بأن مسؤولا صهيونيا قد يتوجه إلى القاهرة لتوقيع اتفاق هدنة. وقد ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية نقلا عن مسؤول كبير في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) طلب عدم كشف اسمه أن الحركة لن تقبل أي هدنة من دون ضمانات، مشيرا إلى أن مصر لم تعد قادرة على إعطاء هذه الضمانات. وقال إن حماس توصلت عبر الوساطة المصرية إلى تفاهم على هدنة يوم الاثنين الماضي، لكن تم خرقها خلال 48 ساعة باغتيال القائد العسكري لكتائب عز الدين القسام أحمد الجعبري. وذكر يوسف رزقة المستشار السياسي لرئيس حكومة حماس أن العديد من الوساطات تتحرك بشكل مكثف منذ بدء العدوان. وأشار إلى أن مصر وجهات عربية إلى جانب مسؤولين في الأممالمتحدة تتدخل جدياً لوضع حد للتصعيد الصهيوني. وقال المسؤول الفلسطيني: إنه لا يمكن الحديث عن تهدئة جديدة مع “إسرائيل" من دون توفير ضمانات قوية وملزمة ل“إسرائيل". غير أن رزقة قال إن الجانب الفلسطيني طلب ضمانات قوية عند الحديث عن أي تهدئة جديدة “فالوسطاء عليهم إنجاح عملية التهدئة بوقف العدوان ووقف الاغتيالات وإقناعنا بأن ما يجري في غزة لن يتكرر مجدداً". وألمح إلى أن الضمانات التي يطلبها الجانب الفلسطيني ربما يجب أن تكون مكتوبة ف"غزة لا ينبغي أن تكون لعبة في يد “إسرائيل" ومن حق غزة أن تطلب ضمانات لهذه التهدئة وأقلها وقف الاغتيالات نهائياً". وفي هذا السياق، عقد في القاهرة، أول أمس، اجتماع بين مدير الاستخبارات المصرية اللواء محمد رأفت شحاتة ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل والوفد المرافق له. وقالت مصادر قريبة من الاجتماع إن حماس أكدت للجانب المصري اشتراطها أن تكون أي هدنة مع الاحتلال الصهيوني متبادلة ومتزامنة، وأن تقترن بتعهدات صهيونية بعدم تكرار الاغتيالات والاعتداءات على الشعب الفلسطيني.