معلوم أن نجم أفلام الحركة والحروب شوازنيغر قد سبق وأن رشح نفسه لرئاسة ولاية ما أو منصب ما في الولاياتالمتحدة.ولا شك أنه قد سخرت له وسائل الإعلام الموالية حملة تليق بالنجم العالمي الذي لا يقف في وجهه عدو، ويحسب له ألف حساب . وكما سبق لأبطال سينما كريغن، وأبطال الكرة كبيلي،وروائيين كفارغاس يوسا وماركيز،وحتى نجوم الإثارة، أن رشحوا أنفسهم لتولي مهام بلدية أو رئاسية، فالأمر يختلف بالنسبة للرجل الضخم.فالرجل لا يرحم أعداءه في أفلامه ويسحقهم سحقا،كما أنه مارس سنة السير على هدى من سبقوه من أسياده لزيارة إسرائيل كخطوة أولية وضرورية لإضفاء الشرعية وكسب التأييد.لكنه بهذا السلوك بات يشكل مرجعية ثقافية وفكرية تمجد قيم العنف والتسلية المجانية على حساب الفكر والفرجة المثيرة للتساؤل والتفكير. بل أكثر من هذا، لقد أصبح الرجل دعامة سيكولوجية للجنود ورؤسائهم حين يلجؤون لمشاهدة دمويته كلما تعلق الأمر بتهيئة النفوس لغزو ما ،وإلحاق الدمار بالشعوب الأخرى.ويمكن القول أن ترشيح الرجل،وفوزه لا يشكل موقفا فنيا يبدي إعجابه بنجومه وأساطيره السينمائية، بقدر ما هو توجه نحو إختيار قوة الجسد وشراسة التصفية على قوة الحق وقناعة الذهن. وفي هذا المجال ومن باب المقارنة الفانطاستيكية،ماذا كنا سنفعل لو كان علينا التصويت لإختيارمرشح يقود دولة ما بين الكاتب إدوارد سعيد رحمة الله عليه وبين المقاتل الهالك وكلاهما يتمتع بالجنسية الأمريكية؟ أتصور أنه مع هيمنة مشاهد العنف والنزوح نحو الفتك والقتل العمد، فإن جل ساكنة الأرض سوف تنحاز للبطل وتخذل الكاتب. لأن الأول يحتل واجهات الشاشات والمجلات ويعيش نجمه على إستعراض القوة ورواج الإشهار والشركات ،بينما الأخير يعمل في الكتمان ومن موقفه الوجودي لا يسعه إلا أن يندد بمقومات الشهرة الزائفة التي تتأسس عليها عنتريات غريمه. والدليل على ذلك، ما قاله إدوارد في آخر حواراته،أنه كلما فكر في شارون تتجدد لديه الرغبة في القتل.لكن يبدو أن المفكر الفلسطيني لم يقو على تحمل شعور بهذه النزعة الدموية ففضل تسليم نفسه لباريه.