لم تكن أعوام 59 و73 و81 و 84 من القرن الماضي محطات عادية في تاريخ المغرب، حيث شهد خلالها مظاهرات جماهيرية طالبت بتغيير الظروف السياسية والمعيشية في البلاد، فقتل العشرات في هذه المظاهرات من قبل أجهزة الأمن المختلفة ودفنوا في مقابر جماعية سرية، بعد نحو ربع قرن فتحت هذه المقابر وذلك بناء على أوامر من الملك محمد السادس مدشناً بذلك بداية مرحلة جديدة في حياة المغرب ونفياً لما وقع في عهد والده، وتم تشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة للتحقيق في جرائم المقابر الجماعية وكل الممارسات التي انتقصت من حقوق المواطنين في البلاد.وبعدما أعلن وريث الراحل إدريس بن زكري على الشأن الحقوقي أحمد حرزني أن سنة 2008 ستكون هي الخاتمة لتطبيق توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وطي جل الملفات المستعصية بما فيها ملف المختفين قسرا ومجهولي المصير، أبى مكر التاريخ إلا أن يكشف عورة كل الخطابات التي قيلت في هذا الصدد بعد أن توالت اكتشافات مقابر جماعية داخل ثكنات الوقاية المدنية بمختلف المدن التي شهدت ثورات وانتفاضات الخبز على مر التاريخ المعاصر للمغرب. "" كان آخر هذه المقابر المعلن عنها مقبرة الناظور ، حيث أعلن بلاغ للوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالناظور ،عممته" وكالة المغرب العربي للأنباء "مساء يومه الاثنين 28 ابريل الجاري ،"العثور على بعض الجثث أثناء عملية حفر مستودع للآليات داخل ثكنة الوقاية المدنية بالمدينة. وأوضح وزير الداخلية شكيب بن موسى، في تصريحه للصحافة يوم الثلاثاء29 ابريل ، أنه "في إطار أشغال توسيع ثكنة الوقاية المدنية بمدينة الناظور، عثر يوم الاثنين 28 ابريل على رفاتين ، فتم على الفور إخبار الوكيل العام للملك ، الذي أمر بإجراء بحث معمق في عين المكان .و على إثر ذلك تم إكتشاف 13 رفات إضافية لحد الآن ، مشيرا إلى أن البحث ما يزال جاريا. من جانبه حل بمدينة الناظور أحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان و عاين بعد اجتماع عقده بعمالة الإقليم وبحضور العامل ،المكان الذي وجدت فيه الجثث الكائن خلف وحدة"المخزن المتنقل 38 " و بالضبط بجانب مقر الوقاية المدنية ،ثم توجه بعد ذلك إلى جماعة بوعرك (تاويمة) حيث توجد الثكنة العسكرية، و بعدها انتقل رفقة الوفد المرافق له إلى مستودع الأموات بالمستشفى الإقليمي حيث توجد الجثث 15 التي تم اكتشافها إلى حدود الآن ، و بعد انتهائه من جولته عقد حرزني على الساعة السادسة من مساء نفس اليوم و بمقر غرفة التجارة و الصناعة و الخدمات بالناظور لقاء مع عائلات أربع ضحايا لأحداث يناير 1984 الذين اغتيلوا ، و هو الأمر الذي يؤشر على أن الجثث التي اكتشفت تعود لضحايا سنوات الرصاص حسب مصادر حقوقية من المنطقة. و التي تشكك في صحة المعلومات التي وصلت إليها هيأة الإنصاف والمصالحة سابقا، خلال زيارتها الميدانية للمنطقة، إذ حصرت عدد الضحايا في خمسة عشر شخصا، بناء على طلبات أسر الضحايا، في الوقت الذي تحدثت فيه مصادر إعلامية إسبانية آنذاك عن حوالي 200 شخص سقطوا خلال هذه الأحداث، وجرى التخلص منهم في مقبرة جماعية دون احترام الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية بداية حكاية مقابر الريف المغربي كانت سنة 1959 حين نزل قرابة 20.000 جندي مغربي بمنطقة الحسيمة و دخلوا في مواجهات مع أبناء المنطقة الذين لم تكن تتوفر لديهم سوى بعض البندقيات المهترئة والتي لم تكن قادرة على مواجهة الجيش الملكي الذي استعان بالطائرات الحربية التي وفرتها له القوات الأمريكية و الفرنسية المتواجدة بالمغرب، حيث قنبل بها مختلف مداشر الريف مستخدما قنابل النبالم المحرقة حسب مصادر حقوقية مطلعة ، أما المواجهة الثانية، فقد كانت في يناير 1984، و منطلقاتها اختلفت بشكل كبير عن منطلقات انتفاضة 19581959،فهذه الانتفاضة التي يطلق من بين ما يطلق عليها " انتفاضة الجوع"، في إشارة واضحة إلى أن أهدافها اقتصادية بحتة على عكس انتفاضة 1959 التي أطلق عليها " ثورة الجلاء " و التي رفعت مطالب سياسية شاملة أهمها جلاء القوات الفرنسية و الأسبانية و الأمريكية. وللتأكيد على صدقية ما قيل، تستدل مصادر "المشعل" بمنطوق الخطاب الذي ألقاه الملك الراحل الحسن الثاني يوم الأحد 22 يناير 1984، معترفا بذلك بحجم القوة التي ووجهت بها ثورات المنطقة، حيث قال :" وسكان الشمال يعرفون ولي العهد، و من الأحسن أن لا يعرفوا الحسن الثاني في هذا الباب ". و أرجع شكيب الخياري أحد حقوقيي المنطقة الأسباب المباشرة لقيام الانتفاضة بالمنطقة إلى الأزمة الخطيرة التي عرفها المغرب في تلك الفترة والتي شملت مختلف الميادين، فعدد السكان قدر حينها بحوالي 21 مليون نسمة ، منها 3.300.000 نسمة أي بنسبة 16% تعيش في المدن بينما البقية أي 17.700.000 نسمة أي بنسبة 84%تعيش في البوادي حيث لا يتوفر لديها الحد الأدنى من الخدمات الصحية و التعليمية أما النسبة الباقية المتواجدة بالمدن فهي غارقة في البطالة حيث سجل آنذاك 120.000 حالة طالب جامعي معطل يبحث عن العمل، و من ضمن هذا العدد الإجمالي للسكان فإن 9.400.000 نسمة أي بنسبة 45% تعيش فقرا مدقعا، و مليونان من المغاربة يعيشون في البراريك القصديرية. ويضيف الخياري أن سوء الوضع الاقتصادي الذي تميز بإفلاس المغرب الذي بلغت ديونه الخارجية آنذاك 7.000 مليون دولار أدى إليه سوء التدبير الذي أنتجته سياسة الحسن الثاني التبذيرية و التي تميزت بالإنفاق الضخم على التسليح لأجل حرب الصحراء حيث كلفت مليون دولار يوميا، و كذا انخفاض ثمن الفوسفاط لهذا عرفت أثمنة المواد الأساسية ارتفاعا كبيرا، حيث بلغت 18% بالنسبة للسكر و 67%بالنسبة للزبدة، أما بالنسبة للغاز و الوقود فقد ارتفعت أثمنتهما بنسبة 20%، وبالنسبة لقطاع التعليم، فقد أضيفت رسوم جديدة للتسجيل، تمثلت في دفع 50 درهما بالنسبة للتلاميذ الراغبين في التسجيل بالبكالوريا، و 100 درهم بالنسبة للطلبة الجامعيين. و أوضح الخياري أن إقليمالناظور أضيفت إليه أزمة أخرى، متمثلة في كون اقتصاد هذا الإقليم مرتبط أساسا بالتهريب الذي يمر عبر مليلية، و الذي تستفيد منه جل العائلات الريفية بالناظور، إلى أن النظام فرض في سنة 1983 على الراغبين في دخول مليلية دفع مبلغ 100درهم بالنسبة للراجلين و 500 درهم بالنسبة لأصحاب السيارات، ثم حدث تغيير سنة 1984حيث تم تعميم مبلغ 100 درهم، و هو ما أدى إلى تطور سوء الوضع الاقتصادي بالإقليم. و بحكم أن الجهة الوحيدة التي أعلنت عن أرقام تهم عدد الضحايا الذين سقطوا بعد هذه الأحداث هي الدولة، حيث جاء في تصريح للوزير الأول يوم الأربعاء 25 يناير 1984، محددا عدد القتلى على المستوى الوطني في 29 و عدد الجرحى في 114، و ذلك كما يلي: في الناظور : 16 قتيلا، و 37 جريحا من بينهم 5 من رجال الأمن. في تطوان : بلغ عدد الضحايا 9 قتلى، و 72 جريحا من بينهم 20 من رجال الأمن. في الحسيمة: 4 قتلى، و 4 جرحى من بينهم رجل أمن واحد. لكن هذا لم يمنع الجرائد الإسبانية من الاجتهاد في تقدير العدد من خلال مصادرها، و من ذلك ما أوردته جريدة " El Telegrama de Melilla" في عددها الصادر يوم 21 يناير 1984 من أن " عدد القتلى بالناظور يمكن أن يتجاوز 40 "، و أوردت جريدة "El periódico de Catalunya " في عددها الصادر يوم 26 يناير 1984، أن الحصيلة على المستوى الوطني يمكن أن تبلغ 400 قتيل، فمهما تعددت التقديرات و تباعدت في الجرائد الإسبانية، فما هو مؤكد لحد الآن أنه في تلك الفترة قد توفر النصاب الضروري لدفن الجثث في مقبرة جماعية، وهو الأمر الذي يؤكده العديد من الشهود و يحددون تواجدها بالضبط في الثكنة العسكرية لتاويمة بالناظور، و هو ما يعني أن عدد القتلى بالتأكيد يتجاوز 16 قتيل على عكس ما صرحت به السلطات. حديقة جنان السبيل التي تحولت فجأة إلى مقبرة عندما اندلعت اضطرابات في فاس ذات شتنبر من سنة 1990 إثر الدعوة إلى إضراب عام من قبل المنظمة النقابية القوية آنذاك، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والتي تضامنت معها جل النقابات رغم أنها لم تعلن ذلك صراحة ،عقب ارتفاع الأسعار وتدهور الأوضاع الاجتماعية للمواطنين ،و أسفر القمع الذي جوبه به المتظاهرون عن سقوط خمسة قتلى وفق المصادر الرسمية ، و49 وفق مصادر حقوقية . وحوكم 550 شخصا وأدين العديد منهم إثر تلك الأحداث .ورغم أن هيئة الإنصاف والمصالحة التي حققت في انتهاكات حقوق الإنسان الخطيرة التي ارتكبت خلال ما يعرف بسنوات الرصاص (19601999) في المغرب، أعلنت أنها عثرت على رفات 106 من الأشخاص قتلوا خلال قمع الحركة الاحتجاجية بمدينة فاس في شتنبر 1990 .وأكدت الهيئة التي عينها محمد السادس في 2003 في بيان لها أنها حددت الأماكن التي دفن بها 106 شخص، موضحة أن 99 من أولئك الضحايا دفنوا في مقبرة باب الكيسة ودفن الباقون في مقبرة أبو بكر بن عربي بفاس، دون أن تتمكن من التعرف على هوياتهم. فقد فضحت أشغال تهيئة حديقة جنان السبيل بفاس في العاشر من مارس الماضي كل البيانات و المعطيات التي قدمت من قبل بعد أن عثر العمال أثناء قيامهم بأشغال الحفر لتجديد شبكة دورة الماء بالنافورة الرئيسية للحديقة بوجود هياكل عظمية شبه تامة لثلاثة أشخاص على بعد نحو ثلاثين سنتمترا تحت سطح الأرض، مما أرغمهم على إيقاف الأشغال فورا، ورجحت الفعاليات الحقوقية أن يعود رفات العظام البشرية المدفونة وسط الحديقة لضحايا الإضراب العام لسنة 1990. ورغم مرور ما يزيد عن شهرين لحلول لجنة طبية وعلمية إلى عين المكان من أجل المعاينة الأولية للهياكل العظمية، فإنه لم يصدر عنها ولا خبر ولم تكشف لحد الآن أية معلومات عن الهياكل العظمية التي أحيلت على المختبر الوطني بالرباط لإخضاعها للتحليل بواسطة الحامض النووي لتحديد العمر الإفتراضي لهذه الهياكل ،حسب لحسن موتيق عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف و الذي أكد (انظر الاستجواب أسفله) أن الجمعيات الحقوقية لا تتوفر على معطيات بهذا الخصوص . مقبرة ثكنة الحي المحمدي التي رفضت الهيئة اعتبارها مقبرة جماعية يجمع الحقوقيون أن السلطات قامت بقمع الانتفاضات الشعبية باستخدام الذخيرة الحية في سنوات 1965و1981 و1984 و1990 في أحداث أسفرت عن مقتل 325 شخصا حسب ما جاء في التقرير الذي رفعته هيئة الإنصاف والمصالحة إلى الملك بعد إنهاء مهامها في آخر نونبر2005 ،لكن حقوقيين مستقلين يرجحون أن العدد يفوق هذا الرقم بكثير استنادا إلى لوائح العائلات التي تطالب بمصير ذويها الذين فقدوا خلال هذه الأحداث. وكانت هيئة الإنصاف والمصالحة قد كشفت في العاشر من دجنبر 2006 أيضا عن رفات 142 شخصا قتلوا في الأحداث الاجتماعية التي شهدتها الدارالبيضاء على هامش إضراب وطني عام احتجاجا على الزيادة في أسعار عدد من السلع الغذائية في20 يونيو 1981، مدفونين بثكنة الوقاية المدنية بالحي المحمدي ، وذلك بحضور النيابة العامة للشرطة القضائية ومصلحة الطب الشرعي وممثلي السلطات المحلية، وبإشراف من رئيس هيئة الإنصاف والمصالحة الراحل إدريس بن زكري . وكانت انتفاضة20 يونيو 1981 قد عرفت سقوط العشرات من القتلى برصاص قوات الأمن والجيش الذي تدخلت دباباته لفرض حضر للتجول بالمدينة .كما واكب تلك الأحداث اعتقال قياديي حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وعلى رأسهم الراحل عبد الرحيم بوعبيد، الكاتب الأول للحزب آنذاك، ومحمد اليازغي وزير الدولة حاليا، بالإضافة إلى قيادة نقابة الكونفدرالية الديموقراطية للشغل. وتجدر الإشارة أن هيئة الإنصاف والمصالحة قد رفضت آنذاك اعتبارها مقبرة جماعية وقالت إنهم (الضحايا) دفنوا بطريقة عادية ، كما أعادت دفنهم في مقابر فردية، الشيء الذي كان قد أثار إحتجاج عائلات الضحايا حينها. و أوضحت مصادر حقوقية ل "المشعل"أن هناك مقابر جماعية بالدارالبيضاء وضواحيها لكن الدولة ترفض الكشف عنها ولازال جلها طي الكتمان كمقبرة بوسكورة . تبريرات الحسن الثاني لشراسة القمع الذي جوبهت به انتفاضات الخبز إبان يونيو من العام 1984 عرفت أكبر المدن المغربية)الدارالبيضاء ، مراكش، تطوان ، الناظور ، الحسيمة ...) أحداثا دموية في إطار الانتفاضات الشعبية التي عمت مختلف المدن المغربية كرد على الارتفاع الذي عرفته أسعار المواد الاستهلاكية، وخلفت العشرات من الجرحى والقتلى في صفوف المنتفضين حسب معلومات أدلى بها حقوقيون عايشوا الأحداث، والذين أوضحوا أن الراحل الحسن الثاني قد أرجع أسباب اندلاع الانتفاضات إلى أطراف خارجية، حيث قال في خطابه الشهير عقب اندلاع الانتفاضات، محاولا أن يزيح عن نفسه مسؤولية العدد الكبير من الضحايا الذين سقطوا :" إنني لست من رؤساء الدول الذين يقولون عندما تقع عندهم أية مشكلة إن الخارج هو المسؤول عنها، فهم يتسترون وراء الخارج، لا. فأنا سأعطيك مثالا، لما كنت سنة 1981 على أهبة السفر إلى نيروبي وقعت أحداث الدارالبيضاء، فهل سمعتني أقول أنها مؤامرة و مؤامرة متعددة الأطراف ؟ و لكنني اليوم أقول إنها مؤامرة و مؤامرة متعددة الأطراف ". ولخص الحسن الثاني الأطراف التي حركت المتظاهرين في ما يلي : 1الماركسيين اللينينيين : و يقصد بهم " منظمة إلى الأمام "، والذين يرغبون في فشل قمة المؤتمر الإسلامي لأن أفغانستان حاضرة، حيث ستشرح للمؤتمرين الحالة التي يوجد عليها " الحكم الغاصب في أفغانستان " كما قال الحسن الثاني في خطابه. و قد اتهمها لأنها وزعت بمراكش يوم الجمعة 6 يناير 1984 على نطاق واسع، منشورا مما جاء فيه :" ليكن في علمنا أن الوضعية الراهنة المريرة ليست نتيجة لحرب الصحراء التي يشنها النظام الملكي المهزوم على الشعب الصحراوي البطل، و التي ذهب ضحيتها الآلاف من أبنائنا، و ليست نتيجة الجفاف كما يدعي الحسن السفاك، بل راجع إلى نهب خيراتنا من طرف الأمريكان و الأعداء ". 2.المخابرات الصهيونية : أرادت إفشال المؤتمر تخوفا من القوة التي يمكن أن تكون للدول الإسلامية المؤتمرة بعد انضمام مصر إليها. 3إيران : لأنها قاطعت المؤتمر الإسلامي و ترغب في فشله، و قد صرح الخميني إبانها قائلا :" في هذه الأيام المصيرية التي يمر بها العالم الإسلامي حيث يعيش مخاضا صعبا يجتمع أناس يدعون تمثيل الشعوب الإسلامية و يطلقون على جمعهم هذا المؤتمر الإسلامي، و الأجدر أن يسمى قمة التآمر والجهل، هؤلاء هم الحكام المتسلطون على رقاب شعوبنا الإسلامية، والذين لا يكاد ينجوا واحد منهم من ارتباطه بعمالته لأحد الشيطانين الأكبرين أمريكا و روسيا ". و أوضح شكيب الخياري الحقوقي الريفي أن الحسن الثاني قد اتهم هذه الأطراف، ليس إيمانا منه بأنها هي المتسبب الحقيقي في الانتفاضة، و لكن لكي يقدم تبريرا للدول المشاركة في المؤتمر الإسلامي و باقي دول العالم، لأن الانتفاضة تم تفجيرها و هو في قاعة المؤتمر، و قد قام في خطابه بالتصريح بما يناقض تبريره هذا و ذلك حين قال :" الزيادات لن تكون، " و من ثم فالحسن الثاني أوقف الزيادات لأنها كانت فعلا هي المشكلة." وفي اتصال ل "المشعل" بأحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، أوضح أنه ليس لديه جديد بخصوص المقبرة التي تم اكتشافها بالناظور، وأن كل المعطيات متوفرة في البيانات التي أصدرها المجلس، مضيفا " أنه سيزودنا بمعطيات جديدة إذا توفرت لديه". شكيب الخياري / رئيس جمعية الريف لحقوق الإنسان لم نكن على علم بهذه المقبرة ولدينا قرائن على تواجد مقبرة جماعية بتاويمة أكد شكيب الخياري أن المقبرة التي أعلن مؤخرا عن اكتشافها لم تكن معروفة ، لكون جل الشهادات تفيد أن المقبرة الجماعية بتاويمة تضم العشرات من الضحايا، و من ضمنها شهادة مسؤول بالمستشفى الإقليميبالناظور الذي أسر لأعضاء الجمعية و بحضور أحد الإعلاميين المعروفين على أن الكثير من الشاحنات كانت تأتي وقتذاك إلى المستشفى ابتداء من الثانية بعد منتصف الليل لتأخذ جثث القتلى باتجاه الثكنة العسكرية بتاويمة، و أوضح الخياري أنهم في الجمعية استخلصوا هذه النتيجة من خلال الشهادات الحية التي أفادهم بها عدد كبير من ضحايا الأحداث و ذوي الحقوق إلى جانب بعض المقربين من المسؤولين المحليين آنذاك.مضيفا أنهم يتوفرون على شهادات وقرائن كثيرة بخصوص هذه المقبرة الجماعية و أنهم الآن بصدد تعميق البحث بشأنها حيث يقومون الآن بالاتصال بعدد من الأشخاص الذين تربطهم علاقات خاصة بعدد من المشاركين في عمليات الحفر قصد إقناعهم بالإدلاء بشهاداتهم. كيف تلقيتم كجمعيات حقوقية خبر اكتشاف مقبرة جماعية جديدة بالمنطقة بعد أن أنهت هيئة الإنصاف والمصالحة أشغالها منذ مدة ؟ في الواقع منذ بداية اشتغالنا على ملف أحداث انتفاضة 1984 و ذلك منذ ما يفوق ثلاث سنوات بل قبل تأسيسنا الفعلي للجمعية، و نحن نسمع عن وجود مقبرة جماعية بالناظور تعود لتلك الأحداث و بالضبط بمحاذاة الثكنة العسكرية بتاويمة، و هو ما استخلصناه من خلال الشهادات الحية التي أفادنا بها عدد كبير من ضحايا الأحداث و ذوي الحقوق إلى جانب بعض المقربين من المسؤولين المحليين آنذاك. هل لديكم دلائل على كون هذه المنطقة تضم مقبرة جماعية ؟ العديد من هذه الشهادات يفيد أن المقبرة الجماعية بتاويمة تضم العشرات من الضحايا، و من ضمنها شهادة مسؤول بالمستشفى الإقليميبالناظور الذي أسر لنا بحضور أحد الإعلاميين المعروفين، على أن الكثير من الشاحنات كانت تأتي وقتذاك إلى المستشفى ابتداءا من الثانية بعد منتصف الليل لتأخذ جثث القتلى باتجاه الثكنة العسكرية بتاويمة، كما أن هناك حادثا غريبا حصل في تلك الفترة مازالت حوله الكثير من علامات الاستفهام، و يتعلق الأمر بأحد أعيان المنطقة ويدعى بويلغمان و الذي كان مقاولا معروفا، حيث كان ليلة الخميس 19 يناير 1984 متواجدا بمدينة مليلية قبل أن يتصل به أحد عماله ليخبره بأن السلطات المحلية قد أخذت إحدى حفاراته إلى الثكنة العسكرية بتاويمة، لينطلق في الحين بسيارته من مليلية صوب الثكنة، وبمجرد وصوله اصطدمت به شاحنة الجيش حيث لقي حتفه على التو. كثيرة هي الشهادات و القرائن التي نتوفر عليها بخصوص هذه المقبرة الجماعية، ونحن الآن بصدد تعميق البحث بشأنها حيث نقوم الآن بالاتصال بعدد من الأشخاص الذين تربطهم علاقات خاصة بعدد من المشاركين في عمليات الحفر قصد إقناعهم بالإدلاء بشهاداتهم. ماذا عن المقبرة الأخيرة المكتشفة، ألم تكونوا على علم بها ؟ بخصوص المقبرة التي تم اكتشافها مؤخرا بثكنة الوقاية المدنية بالناظور فقد كانت بعض الروايات القليلة جدا تتحدث عنها و التي عرضت علينا في وقت سابق، لكننا و كغيرنا لم نمنح لها الأهمية التي نتعامل بها مع مقبرة تاويمة، و على أية حال فإنه يصعب الآن اتخاذ أي موقف حيال الرواية الرسمية سواء إيجابيا أو سلبيا، ليبقى مع ذلك المجال مفتوحا للكثير من التأويلات والتساؤلات إلى غاية أن تتضح الأمور بشكل جلي مع مرور الوقت، خصوصا و أن الدولة ترفض الكشف عن خريطة المقابر الجماعية بالمنطقة على الأقل تلك التي تعود لأحداث 1984 والتي يسهل تحديدها عبر استنطاق المسؤولين الأمنيين في تلك الفترة و كذا عبر الإطلاع على التقارير الاستخباراتية المنجزة حينئذ. و المهم بالنسبة لنا حتى الآن هو انتظار حصول ذوي الحقوق على نتائج التحاليل الخاصة بالحمض النووي و كذا نتائج التحاليل المضادة التي نعتقد أنه من الضروري القيام بها ليتم قطع الشك باليقين. لحسن موتيق /عضو المكتب التنفيذي للمنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف هناك مقابر جماعية لم تكشف بعد يرى موتيق أن نتائج البحث والتحري التي توصلت إليها هيئة الإنصاف والمصالحة بخصوص المقابر الجماعية وملف المختفين ومجهولي المصير، لم تكن في مستوى انتظارات عائلات المختفين والجمعيات الحقوقية لأنها متحكم فيها، لأن هذا الملف كان يطبعه الكثير من التردد والاحتراز من طرف أكثر من جهاز داخل الدولة، لأنهم كانوا يتوخون عدم إحراج النظام في عهد الحسن الثاني ورجالاته، لهذا من الطبيعي حسب موتيق أن يقوم حرس المعبد أو الحرس القديم الذين يزالون في محيط الحكم يعلنون نتائج تتماهي مع بعض الخطب الرسمية لولي نعمتهم.و أوضح موتيق أن الهيكلة التي عرفها هذا الجهاز كانت في عهد الوزير القوي السابق إدريس البصري، حيث وضع على رأسها رجال ثقته، ساهم في جعل هذه الثكنات مقابر جماعية لكنه استدرك أن هناك قرائن أخرى تدل على أن ثكنات القوات المساعدة والجيش قد استعملت هي الأخرى كمقابر جماعية : تازمامارت، العيون، السمارة.. تابعتم موضوع المقبرة التي أعلن عليها مؤخرا في الناظور، ما هو جديد هذا الملف؟ وهل هذا الكشف يؤكد ما ذهبت إليه الجمعيات الحقوقية التي شككت في نتائج هيئة الإنصاف والمصالحة الخاصة بالمفقودين والمختطفين بمنطقة الريف؟ يجب التأكيد على أن نتائج البحث والتحري التي توصلت إليها هيئة الإنصاف والمصالحة بخصوص المقابر الجماعية وملف المختفين ومجهولي المصير، لم تكن في مستوى انتظارات عائلات المختفين والجمعيات الحقوقية، لأن التعامل مع هذا الملف كان يطبعه الكثير من التردد والاحتراز من طرف أكثر من جهاز داخل الدولة، لقد نبهنا إلى هذا الخصاص، خاصة المقابر الجماعية، في لقائنا كمكتب تنفيذي لمنتدى الحقيقة والإنصاف مع رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان في شهر يوليوز 2007، وطالبنا خلال هذا اللقاء من لجنة المتابعة داخل المجلس الاستشاري، أن تتجه صوب جهتي الناظور وبعض المناطق الصحراوية وخاصة المسيد واجديرية، ضواحي مدينتي العيونوالسمارة. هل لديكم جديد بخصوص المقبرة التي اكتشفت في فاس مؤخرا؟ رغم إشعارنا للنيابة العامة ومطالبتنا إياها بفتح تحقيق في الموضوع لم نتوصل لحد الساعة إلى أي جديد. بماذا تفسرون تواجد جل المقابر المكتشفة داخل ثكنات الوقاية المدنية؟ حسب المعطيات المتوفرة لحد الآن والمتعلقة بالانتفاضات الاجتماعية الكبرى لسنتي 1981 و 1984، جل الضحايا تم دفنهم في ثكنات الوقاية المدنية نظرا للهيكلة التي عرفها هذا الجهاز في عهد الوزير القوي السابق إدريس البصري، حيث وضع على رأسها رجال ثقته لكن هناك قرائن تدل على أن أجهزة القوات المساعدة والجيش استعملت ثكناتهم كمقابر جماعية : تازمامارت، العيون، السمارة... لماذا توقفت عمليات الحفر في هذه المقبرة؟ مع الأسف ورغم حساسية وأهمية الموضوع لا نتوفر على معطيات قادرة على تنوير الرأي العام بصفة عامة والفاعلين الحقوقيين بصفة خاصة. أعلنت السلطات أن عدد الجثث لا تتجاوز 16، وهو الأمر الذي ربطه البعض بتصريح الحسن الثاني من قبل بأن عدد الضحايا لا يتجاوز 16، ما رأيك؟ الحقيقة التي توصلت إليها هيئة الإنصاف والمصالحة لم تكن إلا جزئية ومتحكم فيها تتوخى عدم إحراج النظام في عهد الحسن الثاني ورجالاته، ومن الطبيعي أن يقوم حرس المعبد أو الحرس القديم بالتماهي مع بعض الخطب الرسمية لولي نعمتهم. هل لديك معطيات بخصوص المقابر التي اكتشفت من قبل في عموم المغرب؟ لازالت العائلة الحقوقية تنتظر نتائج تحاليل الحمض النووي (ADN) التي قامت بها الجهات المختصة رغم مرور زمن ليس بالقصير على أخذ العينات لإجراء التحاليل، ولازالت العائلات تنتظر أن تسليم الرفات إليها للقيام بالشعائر الضرورية في مثل هذه المناسبات الحزينة. هل بإمكانك أن تزودنا ببعض المعطيات التي توصل إليها منتدى الحقيقة والإنصاف في ما يخص المختفين وكذا الأماكن التي يعتقد أن بها مقابر جماعية؟ وجبت الإشارة في هذا الصدد إلى أن الرقم الوارد في تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة، هو 742 مختفيا، لم يعرف بعد من هو ضمن هذه اللائحة ومن هو خارجها لكي نقوم بالمقارنة بين لائحة المجلس الاستشاري التي لازلنا ننتظرها وبين اللوائح التي تتوفر عليها المنظمات الحقوقية المغربية منها والدولية، هذا بخصوص موضوع الاختفاء القسري، وهو مرتبط ارتباطا وثيقا بالمقابر الجماعية، بكل من بوسكورة النقطة الثانية والثالثة (PF3)، تازمازارت، تطوانوالناظور، إضافة إلى المسيد بضواحي طانطان وأجديرية وضواحي مدينتي العيونوالسمارة.