ربط خطيب الجمعة في مسجد "اليوسفي" بالدار البيضاء، حيث أدى اليوم الملك محمد السادس صلاة الجمعة، بين عناية الملك بالفلاحة وشؤون الزراعة والحرص على توفير العيش الرغد لأفراد شعبه، وبين عمارة الأرض التي حث عليها الله تعالى غير ما مرة في القرآن الكريم. وشرح الخطيب بأن ملك البلاد "يسهر على أن يحقق لأمته الشرطين الأساسيين للعبادة والسعادة٬ وهما شرط الأمن من الخوف وشرط الأمن من الجوع، مصداقا لقوله تعالى في سورة قريش: "فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف". وشدد الخطيب أمام الملك، الذي كان مرفوقا بشخصيات رسمية ومدنية، على أن استخلاف الله الإنسان في الأرض يستوجب على الخليفة طاعة من استخلفه والإخلاص له في العبادة٬ بحيث لا يشرك به شيئا والصدق في كل ما يقوم به من عمل ويبذله من جهد لعمارة الأرض التي استخلف فيها٬ مستحضرا دائما العواقب الوخيمة للجحود والكفر بالنعم". ولفت خطيب الجمعة إلى أنه "لا يحق للإنسان أن يجعل مما حباه الله من خيرات وأسبغ عليه من نعم ظاهرة وباطنة٬ وسيلة للمعصية أو الاستئثار أو الاحتكار، لأن البشر كلهم عيال الله، وأن أحب خلق الله إلى الله أنفعهم لعياله". وقدم الخطيب درسا وعظيا حول محورية الأرض في الدين ومدى أهميتها في الشريعة الإسلامية، باعتبارها "مصدرا لنشأة الإنسان، ومصدرا لقوته ورزقه، ومدفنا له بعد انقضاء أجله، ومبعثا له يوم يقوم الناس لرب العالمين، ولذلك تكررت كلمة "الأرض" في القرآن الكريم ثلاثمائة وثلاثة وستين مرة . ونظرا لأهمية الأرض في حياة الإنسان، يضيف الخطيب، قام القرآن الكريم بلفت انتباه المسلمين إلى ضرورة البحث عن موارد الرزق، وفي مقدمتها استصلاح الأرض وزراعتها وتعهدها بكل الوسائل المتاحة تربة ونباتا وأشجارا٬ والاعتناء بينابيع المياه وتطهيرها وترشيد استعمالها وتربية المواشي للانتفاع بألبانها ولحومها وأصوافها وأوبارها". وبالمقابل نبّه خطيب الجمعة إلى حرمة إفساد البيئة وإتلافها، لأن ذلك يتنافى مع مراد الله تعالى القائل "فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين" بحيث يستوي في ذلك أن يتم الإفساد بالاستعمال العبثي الذي ليس وراءه منفعة حقيقية للإنسان، أو باستنزاف موارد الأرض الذي يفضي إلى عجز البيئة عن التعويض الذاتي لما يقع إتلافه٬ وسواء تم بالاستهلاك المباشر أو التخريب أو الإسراف في الاستعمال بغير ضرورة ولأغراض غير الحاجات الأساسية للنوع البشري.