في وقت يتصاعد فيه الحديث عن تغيير وزاري وشيك في المغرب، تواجه حكومة عباس الفاسي أسبوعا ساخنا مع انطلاق سلسلة إضرابات نقابية وعمالية اليوم الثلاثاء؛ "احتجاجا على عدم وفاء الحكومة بالتزاماتها"، على أن تختتم تلك الفعاليات بإضراب شامل يوم 21 مايو الجاري. "" وتوقفت الحياة بأغلب المؤسسات الإدارية التابعة للدولة؛ تلبية لنداء الإضراب الوطني الذي تشارك فيه بشكل منفرد أربع نقابات، هي: الفيدرالية الديمقراطيةللشغل، مقربة من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والمنظمة الديمقراطية للشغل، والاتحاد النقابي للموظفين المنضوي تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، والاتحاد الوطني للشغل المقرب من حزب العدالة والتنمية ذي التوجهات الإسلامية. وإضافة إلى ذلك، تنفذ نقابة الأطباء المنضوية تحت لواء النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام، سلسلة إضرابات بالمستشفيات الكبرى بدأت يوم 6 مايو وتنتهي يوم 21 منه. وتطالب النقابة بضمان ترقية سليمة للأطباء، ورفع أجورهم، وتوفير ظروف عمل ملائمة، مهددة بأنه في حال عدم تلبية مطالبها، فستستأنف الإضراب يوم 2 يونيو المقبل، ليشمل حينها التوقف عن العمل بأقسام الطوارئ. كما قررت اللجنة الوطنية لقطاع الصيد الساحلي الإضراب في جميع المواني، بدءا من يوم الخميس المقبل؛ لحين تجاوب الحكومة مع مطالب المهنيين. وبشأن الإضراب العام الذي دعت إليه الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل يوم 21 مايو الجاري؛ فقد رفض الاتحاد الوطني للشغل المشاركة فيه، معتبرا أن "أوانه لم يحن.. الإضراب الشامل ستكون تداعياته أخطر بكثير من الإضرابات المتفرقة". أما المتحدث باسم جماعة العدل والإحسان فتح الله أرسلان فقال: "إن لأعضاء الجماعة المنتمين للنقابات حرية المبادرة في الإضراب العام من عدمها". أسباب متنوعة وتطالب النقابات المشاركة في الإضراب الحكومة بوقف ارتفاع الأسعار، وزيادة الأجور بنسبة معقولة، ومحاربة الغش والفساد الإداري، وتحسين ظروف عمل الموظفين بالقطاعين العام والخاص. فيما تحدثت الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل عن "خطأ الإجراءات الأحادية التي اتخذتها حكومة الفاسي مطلع مايو الجاري، بإقرار زيادة في الأجور بنسبة 10% فقط، دون التفاوض مع النقابات". ونددت بهذا القرار بشدة، معتبرة إياه "دليل عجز حكومي عن تدبير المفاوضات، وتنكرا للاتفاقات السابقة". وبحسب بيان للكونفيدرالية، حصلت "إسلام أون لاين.نت" على نسخة منه، فإن الإضراب الشامل يوم 21 مايو سيحمل رسالة لحكومة الفاسي لتأخذ بجدية "مطالب الكونفيدرالية الموضوعية والواقعية واقتراحاتها العملية". نجاح ساحق وتوقعت النقابات الأربع المشاركة بإضراب اليوم نجاحا ساحقا للإضراب قد يتجاوز ال80%، فيما تحدث محمد يتيم الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل عن نجاح بنسبة 100% في مناطق متعددة. وشدد يتيم في حديث لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية نشرته اليوم على أن الإضراب موجه لصالح العمال، ولا يستهدف "خلق مزايدات سياسية ضد الحكومة". واعتبر محمد العزوزي الأمين العام للكونفيدرالية الديمقراطية للشغل في تصريحات للصحيفة ذاتها أن "الإضراب سينجح؛ لأن جميع الموظفين يعانون الأمرين مع الزيادات المهولة في الأسعار مقابل جمود غير مفهوم للأجور"، وارتفعت أسعار السلع الأساسية في المغرب بنسبة 50% خلال السنتين الأخيرتين. تغيير حكومي وتأتي موجة الإضرابات الجديدة، فيما يكثر الحديث عن تغيير حكومي مرتقب لامتصاص الغضب الشعبي، وتتوقع بعض المصادر في الرباط تشكيل حكومة جديدة قريبا برئاسة فؤاد عالي الهمة الوزير السابق بحكومة الفاسي. ورجحت هذه المصادر، بحسب صحيفة "هيسبريس" الإلكترونية المغربية، أن يشغل سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب العدالة والتنمية منصب وزير الصحة. بالمقابل، أعلنت نقابة الاتحاد العام للشغالين، المقربة من حزب الاستقلال الذي يقود الحكومة، رفضها المشاركة في الإضرابات، معتبرة إياها "مزايدات سياسية ضد حكومة بذلت الكثير لصالح العمال". تهديد السلم الاجتماعي في غضون ذلك، حذر خبراء مغاربة من أن استمرار الإضرابات وغيرها من المظاهر الاحتجاجية قد تهدد السلم الاجتماعي. ورأى محمد ضريف أستاذ العلوم السياسية في جامعة الدارالبيضاء أنه "إذا استطاعت الحكومة احتواء مطالب النقابات، فستخفف من الاحتقان الاجتماعي، أما إذا حدث العكس فسيكون السلم الاجتماعي مهددا"، بحسب صحيفة "التجديد" المغربية هذا الأسبوع. هذا القلق عكسه أيضا عبد الرحيم العطري خبير علم الاجتماع، بتأكيده في تصريحات للصحيفة نفسها أن "الحركات الاحتجاجية تعبر عن أزمة سياسية وأزمة تدبير". وحذر من أن "المجتمع المغربي يعيش على وقع الاحتقان الاجتماعي"، مشيرا إلى أن "الخرائط الاحتجاجية تغيرت ودخل فاعلون جدد في الحركة الاحتجاجية". وعرفت العاصمة الرباط وحدها 945 وقفة احتجاجية، منها 550 وقفة خاصة بحملة الشواهد العاطلين عن العمل، و106 خاصة بالعاملين في قطاع التعليم، خلال الفترة الممتدة بين مطلع يناير ونهاية أكتوبر 2007، وفقا لإحصاءات وزارة الداخلية.