يعيش المغاربة، خلال هذا الأسبوع، وتحديدا بعد غد الأربعاء، أجواء الإضراب العام، بعد سنوات من السلم الاجتماعي الذي تمخضت عنه مجموعة من الاتفاقيات بين الحكومة والمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية. ودخلت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الداعية إلى هذا الإضراب، في سباق مع الزمن لإنجاح هذا الموعد بتعبئة جميع المنضويين تحت لوائها للمشاركة بكثافة، بعد أن ظلت أبواب الحوار مغلقة مع الحكومة التي أعلنت عن تنفيذ مقتراحاتها بتطبيق زيادات في الأجور، ابتداء من الشهر المقبل، دون الأخذ بمطالب المركزيات أو الاستشارة معها. "" وأبدى تجمع اليسار، إلى جانب هيئات نقابية وجمعوية، مساندته ل "الكدش" في هذه الخطوة الاحتجاجية، فيما رحب الكاتب العام للنقابة نوبير الأموي، في ندوة عقدها أخيرا، بمشاركة جماعة العدل والإحسان الأصولية المحظورة، في حالة قررت ذلك. وتعيش الجهات الحكومية والنقابية والسياسية حالة ترقب في انتظار هذا الإضراب، الذي قد تبنى عليه الكثير من الخطوات المستقبلية إذا ما نجح. وكانت الحكومة ردت بشكل قوي على رفض المركزيات النقابية لنتائج الحوار الاجتماعي، وقررت، بصفة أحادية، تطبيق مقترحاتها، حول الرفع من الدخول وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين. وستكلف هذه المقترحات 26 مليار درهم، 16 مليارا للرفع من دخول جميع موظفي الدولة، وأزيد من 10 ملايير لترجمة التزاماتها الرامية إلى "تحسين القدرة الشرائية للمواطنين، تنضاف إلى 20 مليار درهم المرصودة في القانون المالي 2008، لتغطية نفقات المقاصة المرتقب أن تتجاوز 30 مليار درهم، ليبلغ الغلاف الإجمالي للنهوض بالأوضاع الاجتماعية أزيد من 46 مليار درهم. وتتجلى مطالب النقابات في وقف ارتفاع الأسعار، وزيادة الأجور بنسبة معقولة، ومحاربة الغش والفساد الإداري، وتحسين ظروف عمل الموظفين بالقطاعين العام والخاص. وتحدثت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في بيان سابق لها، عن "خطأ الإجراءات الأحادية التي اتخذتها حكومة الفاسي مطلع مايو الجاري، بإقرار زيادة في الأجور بنسبة 10% فقط، دون التفاوض مع النقابات". ونددت بهذا القرار بشدة، معتبرة إياه "دليل عجز حكومي عن تدبير المفاوضات، وتنكرا للاتفاقات السابقة". وأشارت إلى أن الإضراب العام سيحمل رسالة لحكومة الوزير الأول عباس الفاسي لتأخذ بجدية "مطالب الكونفيدرالية الموضوعية والواقعية واقتراحاتها العملية". في هذه الأثناء، حذر مراقبون مغاربة من أن استمرار الإضرابات وغيرها من المظاهر الاحتجاجية قد يهدد السلم الاجتماعي. وكانت ثيقة أعدتها وزارة التشغيل والتكوين المهني كشفت أن النزاعات الجماعية المصحوبة بإضرابات، سنة 2007، بلغ عددها 182 نزاعا جماعيا، تحولت إلى إضرابات، وهو ما يشكل نسبة 21.71 في المائة، من مجموع نزاعات الشغل، وأكد المصدر ذاته أن هذه النزاعات مست 147 مؤسسة، وبلغ العدد الإجمالي للعمال 35 ألفا و730 أجيرا، فيما وصل عدد العمال المضربين إلى 13 ألفا و988 أجيرا، أي بنسبة مشاركة 14.39 في المائة، في حين بلغ عدد أيام العمل الضائعة حوالي 77 ألفا و277 يوم عمل. ومن بين الانتفاضات التي عرفها المغرب، تلك التي وقعت سنة 1965، عندما فجرت قرارات وزير التعليم آنذاك، يوسف بلعباس، بارود الغضب الشعبي عبر المذكرة الوزارية ليوم 19 فبراير 1965 والتي بموجبها يمنع كل الأطفال والشباب الذين يفوق سنهم 17 سنة من الالتحاق بالسلك الثاني، من التعليم الثانوي وبالتالي حرمانهم من اجتياز امتحان شهادة الباكلوريا. كما سجلت أحداث 1981 نتيجة إعلان الحكومة عن زيادات مهولة في أثمان المواد الأساسية بالنسبة لمعيشة المواطنين، ومواجهة الحركة النقابية العمالية لهذا الإجراء اللاشعبي بإعلان الإضراب يومي 18 و20 حزيران (يونيو)، وإصرار السلطات على تكسير الإضراب العام ليوم 20 من الشهر نفسه بجميع الوسائل، بما فيها إطلاق الرصاص الحي على المضربين والمحتجين. يشار إلى أن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل انسحبت من مجلس المستشارين، نظرا ل "قصوره في القيام بمهامه وأدواره في التشريع ومراقبة الحكومة، وما يطبع أشغاله من بؤس في التعاطي مع القضايا الوطنية التي تحكم مستقبل المغرب، فضلا عن غياب التصور في معالجة الملفات المختلفة".