رأت بعض المصادر النقابية أن يخضع مشروع قانون تنظيم الحق في الإضراب، الذي أعدته الحكومة وعرضته أخيرا على أنظار النقابات المشاركة معها في الحوار الاجتماعي، لدراسة معمقة تستلزم حوارا وطنيا يجمع كل الفرقاء الاجتماعيين المعنيين بهذا المشروع. وعزت المصادر ما ذهبت إليه من رأي إلى أهمية مشروع القانون التنظيمي للحق في الإضراب وتعدد الفئات المعنية به التي قد تشمل الحرفيين والفلاحين والمشغلين وغيرهم. واقترحت إلى جانب ذلك الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تشكيل "لجينة" لمناقشة الإجراءات المتعلقة بهذه الآلية الاحتجاجية، قبل أن تخرج بعد الاتفاق عليها، مدرجة ضمن مدونة الشغل النهائية، حسبما صرح به عبد القادر أزريع، عضو قيادي بالكونفدرالية، ل"التجديد" أمس (الثلاثاء)، مؤكدا أنه على صعيد مضمون المشروع فالنقابات ستناقش الإجراءات المتعلقة بتنظيم حق الإضراب داخل المقاولة الإنتاجية دون المساس بالمكتسبات الضامنة للحق في التعبير عبر الاحتجاج. أما جامع المعتصم، عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، فنفى أن يكون الاتحاد "توصل بشكل رسمي بأي مشروع يهم تنظيم حق الإضراب"، لكنه أشار في الوقت ذاته أن نقابته "لا تعارض مبدئيا أي قانون ينظم ممارسة الحق في الإضراب، وستقف بالمقابل ضد أي إجراء يهم التضييق على هذا الحق". ويمنع مشروع قانون تنظيم الحق في الإضراب على المشغل اتخاذ أي إجراء كيفما كانت طبيعته لإفشال الإضراب، أو أن يعوض الأجراء المضربين بأجراء جدد لا تربطهم بالمؤسسة أي علاقة تعاقدية قبل تاريخ إعلان الإضراب. كما يمنع المشروع من جهة ثانية، معاقبة أي شخص بسبب مشاركته في إضراب مشروع، مثلما منع أي "احتلال لأماكن العمل إذا كان من شأنه أن يمس بحرية العمل أو يؤدي إلى أعمال عنف أو إلى إتلاف أو تدمير آلات أو أدوات أو معدات". وينص المشروع الجديد أيضا على أن الإضراب يجب أن يقرر من طرف النقابة أو النقابات "الأكثر تمثيلا للأجراء" داخل المؤسسة أو من طرف جميع الأجراء، ويتخذ قرار الإضراب بالاقتراع السري وبأغلبية الأصوات المعبر عنها خلال جمع عام، ويعلن عن القرار قبل عشرة أيام من موعد خوضه. بيد أن هذه المدة لا يتم التقيد بها من طرف المضربين في حالة استئناف الإضراب، بعد توقيفه خلال مدة التفاوض حول الملف المطلبي، إذا أخل المشغل بالالتزامات المتفق عليها أو إذا فشل ذلك التفاوض. كما أن الإعلان عن إضراب جديد دفاعا عن مطالب كانت موضوع اتفاق أولي بين المضربين والمشغل ممنوع قبل انقضاء 365 يوما كاملة من تاريخ إنهاء الإضراب الأول، وذلك في حال ما لم يخل المشغل بالتزاماته الواردة في الاتفاق. ثم إذا ما وقع اختلاف في تأويل الاتفاق المبرم بشأن الملف المطلبي خلال المدة المذكورة سلفا، فإن الفرقاء يتجهون لتطبيق مسطرة الصلح والتحكيم المتعلقة بهذا الشكل من النزاع. ويطرح موضوع الإضراب مشاكل عدة مازالت محط خلاف شديد، ومنها إقدام المشغل على اقتطاع أجور المضربين خلال أيام الإضراب، مثلما حصل للذين خاضوا الإضراب الأخير في قطاع التعليم الذي دعت إليه كل من الجامعة الوطنية لموظفي التعليم (الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب) والنقابة الوطنية للتعليم (كدش)، الأمر الذي أثار حفيظة المضربين واعتبروا قرار الاقتطاع تضييقا على حقهم الدستوري، داعين في الآن ذاته إلى وقفات احتجاجية ضد هذا القرار، ومنها الوقفة التي سيخوضها فرع الجامعة الوطنية لموظفي التعليم بالراشيدية اليوم (الأربعاء) داخل النيابة التعليمية بالإقليم، وهو اليوم نفسه الذي سيزور فيه الإقليم وزير التربية الوطنية والشباب. يونس البضيوي