في محاولة لإعطاء بعض الأمثلة عن السمات المشتركة لدى المغاربة، توصل الباحث (ل.برينو) إلى أن لدى المغاربة "حساسية ومشاعر تزداد حدتها بسهولة كبيرة. وهم بذلك متطرفون في كل شيء، إنهم مندفعون". وتفسر هذه السمة الطاغية على النفسية المغربية وجود تناقضات كبيرة بين الكرم والبخل، والشجاعة والخوف، والنشاط والخمول. "المغربي يبالغ دوما سواء كان ذلك من ناحية أو من أخرى،وعندما يطفح عنده شعور أو رغبة، فإنه لا يلقي بالا ولا يكثرت بما سوى ذلك". ويسوق "ل. برينو" العديد من الأمثلة التي تجسد اندفاع المغاربة بالقول: "يصل التلاميذ إلى المدرسة، يريدون معرفة كل شيء، وتعلم كل شيء، مقررهم الدراسي ليس مثقلا بالدروس، الأيام قصيرة جدا، والعطل طويلة جدا. تحمسهم للدراسة لا يدوم أكثر من شهر أو شهرين، ثم يختفي التلاميذ"، ومثال آخر: "بمجرد سماع خبر مثير، سواء كان مصدوقا أم لا، نجد ساحات السوق تمتلئ أو تفرغ من الناس بدون سبب، وتقفل المحلات أبوابها، وتصرف السلع بثمن بخس، ويرفض التعامل بالأوراق النقدية، ويتم ابتياع كميات كبيرة من السلع: كل ذلك مبالغ فيه سواء كان خوفا أو حماسة". وتمت دراسة هذه السمة الاندفاعية والتطرفية على مستوى أحاسيس ينظر إليها على أنها تمثل منطلقات النفسية المغربية. وأول منطلق هو الحب العذري بكل أشكاله، وسيما الغرور والرغبة في الظهور. المغربي "يريد أن تكون ليلة دخلة ابنته ليلة متألقة، وتتزين زوجته بأثقل حليها وأكثرها عددا [...] وأن يكون بغلها أسمن البغال كلها. العفة ليست ما يسيطر على المغاربة، لكن ما يمنحها التميز هو الطريقة المتطرفة التي نكشفها بها". لذلك فالحب العذري المبالغ فيه يتحول إلى نوع من الحساسية. والمغربي حساس ويمكن أن يثار قلقه بكل سهولة. وهو أيضا حساس للاستفزاز كما للمغازلة. أما في ما يتعلق بالتواضع "فهو في جل الأحيان نابع من حاجته إليه وليس واحدا من مبادئه الأخلاقية". "والمغربي، سواء كان في الجبل أو السهل، قرويا كان أم مدنيا، يسعى وراء السعادة المادية والمتعة مهما كلفه ذلك". المغربي متدين بإفراط، فهو يعيش طيلة الوقت في عالم تسيطر عليه قوى ميتافيزيقية، والجن، والحسد والبركة. جميع أفعاله دينية. والبدوي يصحب أعماله بمجموعة من الشعائر حتى يكسب القوى الخفية إلى صفه، والتاجر يفتح محله وهو يردد ألفاظا تعبدية. المغربي يبحث عن السمو والارتقاء، وسرعان ما يجد نفسه في التصوف بفضل تواجد العديد من الزوايا )ل. برينو 1923) فما الذي يمكن فهمه من هذا التشخيص النفسي؟ حب المغربي عذري وهادئ، متعفف وحساس، يسعى وراء رغباته وقد يصبح متحررا من كل القيود. المغربي فرداني، له حس غير معتدل للمال. إنه شهواني، متدين بإفراط. في الحقيقة ورغم أن لائحة المساوئ قد تطول أكثر من لائحة المحاسن، فإن الأمر يتعلق بطبيعة نفسية متناقضة أسهب (ل. برينو) في الحديث عنها. ولكون المغربي متطرفا، فهو ينقلب من سمة حسنة إلى نقيضها: من النشاط إلى الخمول، من البساطة إلى التكبر، من النظام إلى الفوضى، من الحس الجماعي إلى الفردانية، من الكرم إلى الشهوانية، ومن مطلق الترفع إلى منتهى الطمع. ما يميز العقلية المغربية عن نظيرتها الفرنسية ليس تلك السمات البسيكولوجية، التي ليست حكرا على أي شعب إذا ما تم التطرق إليها على حدة، بل هو "التناسق والتكوين المختلفان". والمسألة تتعلق تحديدا بالتوازن والتناظم: فالغرائز عندنا، وهي نفس الغرائز عند المغاربة، تتحرك في نفس الآن وتحاول أن تتناغم على ضوء ما يمليه العقل، أما بالنسبة للسكان الأصليين، فالغرائز تسيطر على الوعي بكامله وتعمل بالتناوب على فسح المجال لذاتية مثيرة وسريعة». وإذا ما افترضنا أن (أ) يقوم مقام المحاسن، وأن (ب) يقوم مقام المساوئ، فإن المغربي ليس أيا منهما، بل هو (أ) بإفراط و(ب( بإفراط. المغربي ليس كريما ولا شهوانيا، بل هو كريم بإفراط وشهواني بإفراط. إن الإفراط والمبالغة سمتان تميزان نفسية المغربي. ""