كنا متأكدين تمام اليقين بأننا لن نشاهدكم واقفين الى جانب زملائكم القضاة أمام محكمة النقض صبيحة يوم السادس من أكتوبر من العام الجاري، وكنا نعتقد بأن قلوبكم على الأقل ستكون متعاطفة – وهذا أضعف الإيمان - مع الخطوة غير المسبوقة التي أقدم عليها زملائكم في سبيل النضال من أجل تدعيم أسس استقلال السلطة القضائية، لكن مع ذلك كان اعتقادنا بأنكم استفدتم من أخطائكم المتعاقبة، باختياركم في كل مناسبة مفصلية التموقع الخاطئ حتى صرتم ضد التيار، وللتذكير - لعل الذكرى تنفع – موقفكم إبان الاعداد لتعديل الدستور ومواقفكم من عضوية غير القضاة وموقفكم من الاستقلالية، وهي المواقف التي جعلتكم ليس فقط في مواجهة القضاة، بل وحتى المجتمع بكل مؤسساته وأطيافه، يوم أرغدتم وأزبدتم وهددتم بخوض عدة أشكال من اجل أن لا يمثل غير القضاة في المجلس الأعلى للسلطة القضائية – يومها لم يكن بوارد في بالكم لا واجب التحفظ ولا غيره، قبل ان تدركوا في اليوم الموالي حجم الأمواج العاتية التي تواجهون وأنتم تتموقعون ضد التيار، عشية عرض مشروع الدستور للتصويت، فهرولتم الى ترقيع موقف اللحظات الاخيرة لتدارك هول الصدمة، أما موقفكم من استقلالية القضاء فلا سبيل لتفصيله الآن واكتفي بإحالتكم على ما قاله الاستاذ الطوزي عضو اللجنة المكلفة بإعداد الدستور عن مفهوم الاستقلالية التي كنتم تدافعون عنها غداة الاعداد للدستور. وبحكم زمالة المهنة التي تجمعنا كنا نعتقد دائما بأن ظروف العمل التي نتقاسمها ستحيي فيكم أواصر التضامن مع زملائكم واعتقدنا بأنكم إذا لم تلبوا نداء يوم العشرين من غشت في يوم رمضاني لذكرى ثورة الملك والشعب فإنكم اذا لم تباركوا هذا الحدث العظيم فستلتزمون الصمت على الأقل، لكن مرة أخرى تقفون ضد أول تنزيل واقعي للدستور الجديد وتستبقون الحدث بتصريح في نفس الجريدة التي تهاجمون من خلالها من وقفوا امام محكمة النقض بحوار هو اقرب الى التهديد والوعيد، و تقفون ضد حق زملائكم في التعبير والتأطير الجمعوي، وعموما ضد التيار. ولم تخلفوا الموعد يوم الخامس من ماي فوقفتم مرة اخرى في اتجاه مناقض للسيل الجارف من افواج القضاة الذين هبوا من اقصى المحاكم وأدناها وكنتم كالعادة في الموقع غير الصحيح المنافي لانتمائكم المهني، وحفرتم مرة اخرى هوة عميقة مع زملائكم وكنتم ضد التيار. أيها الزملاء، إن كنتم تعتبرونا كذلك، كنا في غنى عن إنشاء جمعية نادي قضاة المغرب لو وجدنا في وداديتكم الحضن الدافئ المدافع عن كرامة القضاة ومصالحهم الاجتماعية والمادية والمهنية، لكن لم نجن من "تحفظكم" سوى أن بقي الحال هو الحال لعقود طويلة، فما كان أمامنا من خيار سوى أن نجد لأنفسنا مفاهيم جديدة تختلف عن مفاهيمكم فكان لنا مفهوم جديد للتحفظ يستمد فلسفته من الدستور الجديد ومن روحه ومن القيم والتجارب القضائية العالمية، وإذا كنتم لم تستوعبوا بعد حجم التغيير الذي أحدثه الدستور الجديد، الذي يبدو أنكم تضعون أنفسكم ضد روحه وتنزيله ديمقراطيا خصوصا في الشق المتعلق بالتنظيم الجمعوي وحرية التعبير.. فعلى الاقل دعونا نفكر ودعونا نعبر. أما عن الاستقلالية فإننا نعتقد بأن من لا يملك رأيا مستقلا لذاته، ومن ينتظر ايحاءات من هنا وهناك حتى يتماهى معها، وينتظر الاشارات المباشرة وغير المباشرة للتحرك لا يمكن أن يملك مفهوما صحيحا للاستقلالية ولا يمكن أن يكون مستقلا في كل الأحوال. ومن غير الحاجة للتذكير بأن جلالة الملك أكد في كل مناسبة على ضرورة الاهتمام بالجانب المادي والمالي للقضاة، لذلك فلا داعي لتستغلوا كل تحرك للقضاة "لتبشير" القضاة بقرب تسوية الأوضاع المادية للقضاة، والتي بالمناسبة لن تتم بإشارات من ديوان وزير العدل ولا بإيحاءات منه، نحن نعلم جيدا بأن تسوية هذا الملف يحتاج الى ارادة سياسية للحكومة الحالية لتنفيذ خطابات جلالة الملك وذلك يحتاج لإعداد مشاريع مراسيم - وليس اشارات - تأخذ مسارها التشريعي وتأخذ طريقها للتنفيذ، و لا داعي إذا لتحميل " الحراك" الحالي مسؤولية هذا التلكؤ، مادام هذا الحراك لم يبدأ إلا في 15 ماي 2012 في حين كان الخطاب الملكي الداعي لتحسين الاوضاع الاجتماعية للقضاة بتاريخ: 20/08/2009 هذا دون الحديث عما قبل ذلك، فيا ترى أي مشجب ستعلقون عليه عدم تسوية الاوضاع المالية للقضاة لما قبل الحراك، ان كان هو المعطل تجاوزا؟. هذا الكلام موجه للأصول اما الفروع والحواشي فلا تملك هوية منفصلة فهي بذلك تابعة وملتصقة بالأصول فيمكن لها ان تطلع على الرد من خلال الاصول. بقي فقط أن نشير بان بذلة القضاء اخرجناها لتلتقط اشعة الشمس وتبتعد من رطوبة المكاتب بالمحاكم، ونعيد لها وقارها وشرفها، حتى تكون فعلا وعاء ولباسا لقضاء مستقل قوي نزيه عادل وسريع وشفاف.. ولهذا خرجت ولهذا خرجنا فلا تجعلوا أنفسكم ضد التيار... *رئيس المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بوجدة