ابنك رمضان عُين وزيرا: أثار طلب الاستوزار، الموجه من طرفي –عبر موقعي هسبريس ووجدة ستي- إلى الأمين العام الجديد لحزب الاستقلال ،السيد حميد شباط ,ردود أفعال عديدة ,ومتباينة: في هسبريس بلغت التعليقات ,إلى حد اللحظة,أزيد من عشرين. في وجدة ستي بلغ القراء المفترضون قرابة الألف؛مخلفين- على غير المألوف- أحد عشر تعليقا. في نفس الموقع نشر الأستاذ محمد شركي مقالا تحليليا للطلب. كما نشر الأستاذ محمد لمقدم مقال دعم ومساندة,مبررين. وباللغة الفرنسية نشر الأستاذ بوصابة مقالا تحت عنوان "الدخيل"؛لبعضه صلة بالطلب. في موقع جهة بريس (ازغنغان) نشر الأستاذ علي مقاربة تحليلية للطلب؛ في ركن: رجال من مدينتي) يضاف الى هذا انجذاب العديد من المواقع الى الطلب ونشره. أما الوالد التسعيني فقد اتصل بي من مستفركي ؛وهو حائر ومضطرب ؛لا يعرف ماذا يحدث؛فقد قيل له, هناك في البادية ,حيث يحصل الفهم ,حتى دون القراءة؛ولو ورقية فقط: ان ابنك رمضان عين وزيرا. رغم إسهابي في الشرح أنهى الحديث بقوله: أنت أدرى بما تريد الله يوفق... النقد بالبدائل؟ إذْ هممتُ به، كنت مقتنعا بأنني ربما السباق الى منحى جديد في النقد السياسي المؤسسي؛يمكن أن أسميه "النقد بالبدائل". هذا النقد يعوزنا كثيرا ؛سواء في هذا الشأن أو في باقي شؤوننا العامة. لو ألزِمَتِ الأحزابُ،والفرق النيابية ،بتقديم بدائل مؤسسة ،بدل الاقتصار على هدم الصومعة لاختار الكثيرون حكمة الصمت. إن الأساليب المتبعة في تشكيل الحكومة ؛ باعتبارها مؤسسة تدبيرية عليا، تشتغل الى جانب جلالة الملك ,وتحت سلطته الملكية؛ التي تهيمن – بنص الدستور-على سلطة رئيس الحكومة, لم تخضع أبدا لنقد موضوعي يتجاوز الأشخاص المستوزرين إلى المنهجية المعتمدة. يتم الانتقاص من الوزير الجديد ,أو الثناء عليه ،دون التفات الى المنهجية التي اعتمدت في اصطفائه. لم يكن واردا إطلاقا ,في بروتوكولات المخزن,ومنذ القديم ,أن يعقب أحد على استوزار الملك لشخص ما ؛أو اختياره للصدارة العظمى. يختار من يشاء ،وفق قناعاته ومستنداته .أكيد أن المنهجية تظل حاضرة لكن لا أحد يعرفها ؛و لا يتصور ,مع هذا الجهل- إضافة إلى سمو القرارات الملكية-اتخاذها موضوعا للنقد السياسي المؤسسي. انسحب هذا التقليد المخزني على المناصب السامية في جميع القطاعات؛وحتى حينما لجأت بعض الوزارات الى سن مساطر للتباري ظلت الغلبة للكولسة. مع الدستور الجديد ؛وما خوله من صلاحيات لرئيس الحكومة,كان من المفترض أن يحلحل هذا البروتوكول ،وينقل من مستوى القرارات الملكية السامية، الى مستوى منهجية محددة بدقة, معلنة ،وملزمة لرئيس الحكومة ,المعين من طرف الملك ,بناء على نتائج الانتخابات. لم أطلع على المرسوم المتعلق بالتعيين في المناصب السامية ؛لكن من خلال عنوانه ,وما رشح منه, يتضح أنه يشكل فتحا قانونيا جديدا ؛يَفصِل بين الاختصاصات ,ويحدد منهجية ,معلنة,لم يكن يعرفها أحد سابقا. وأعتقد أنه قبل أن يُقنن عمل الوزراء ,في ما يخص التعيينات السامية,لا بد من تحديد منهجية اختيار الوزراء أنفسهم؛حتى نحصن معمار المؤسسة كله. إن من تم استوزاره,بمنهجية غير واضحة لا ينتظر منه أن يصدر عن وضوح عادل ،وهو يختار أعوانه. معالم منهجية: لقد صدق محمد الشيخ بيد الله وهو ينعت لحظة تشكيل حكومة بنكيران بالسرك.فعلا عاش رئيس الحكومة لحظات تيه كبير؛وهو يشكل الحكومة (من الفن التشكيلي وليس من التأليف و الجمع والضم). كان يرسم اللوحة صباحا ؛وفي المساء يطيح برؤوس منها؛ثم يتردد في بين أن تكون بثلاثين وجها أو أقل أو أكثر. لعبة الوجوه هذه – وهي من مدرسة بيكاسو- أخذت من وقته الكثير ,على حساب متطلبات القطاعات الحكومية من المؤهلات التدبيرية. كان ,من شدة تيهه ,كمن يريد شراء دواء فيقصد محلبة. أغلب ما كان لديه في حزبه وعاظ مفوهون- مع استثناءات طبعا-لعله لم يفكر أبدا,وهو يسير الحزب, في حكومة ظل يخرجها الى النوربكامل برامجها البديلة. ومن يكن هذا منطلقه لا ينتظر منه ,أن يناقش مع شركائه في الحكومة –وهم أكثر تمرسا منه في ارتجال الاختيار- مسألة الكفاءات المقترحة. ألَح- فقط- على كونه يحبذ ,من باب التوقير,الاشتغال مع من هم أقل منه سنا. هل هذا معيار لتشكيل حكومة للمغاربة؛ في أوج الربيع العربي؟ نفس التيه عاشه رؤساء الأحزاب الذين قرروا المشاركة في الحكومة ؛أو في رسم اللوحة التشكيلية. وقد أبان عباس الفاسي عن دهاء كبير وهو يمرر المناصب الوزارية بين أرجل المتربصين ؛من الاستقلاليين الكبار إلى أن استقر على ما أراح نفسه الفاسية ؛دون اعتبار كبير لمسألة الكفاءة. وهو ,بهذا, وبتبعاته اللاحقة, لم يزد على أن أوصل الكرة الى حيث يقف شباط ،ليهديه الإصابة الكبرى؛تماما كما فعلت الولاياتالمتحدة إذ أهدت العراق لإيران. فعلا " يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين". في غمرة هذا السيرك اختير الوفا وزيرا ؛قبل أن يُحدد له منصب .وهذه قاصمة الظهر الأولى حينما لا تكون هناك منهجية تعتمد في الاستوزار. ينال الشخص ثقة رئيسه السياسي ,دون مستندات معلنة ؛ثم يتم التفاوض على الحقائب (والجميع متفق على تصنيفها – ظلما للمواطنين وللدولة -الى أساسية وثانوية)وبعد هذا تلقي الطائرة الرئاسية بالمظليين ,وتُوافق على ما تختاره الرياح لكل واحد. وسقط الوفا في مربع وزارة التربية... تصوروا معي الآن منهجية جديدة؛ في اطار النقد بالبدائل: يتقدم كل راغب في وزارة ما –والمسألة مفتوحة ولا تتقيد بظروف تشكيل الحكومة فقط- إلى رئيس الحزب ببرنامج مفصل لتدبير القطاع الذي يرغب في تسييره؛حينما تتاح الفرصة للحزب. يختار الرئيس بعض البرامج التي تشكل بديلا مدروسا يرتقي بأداء القطاع. تلتئم لجنة حزبية منفتحة على التخصصات الأكاديمية والخبرات الادارية, التي تشتغل على القطاع ؛لدراسة البرامج المقترحة ,وتنقيحها . يحتفظ الحزب في بنك برامجه بجميع المشاريع التدبيري؛مع تحيينها طبعا من طرف صاحبها. بعد هذا تصبح مسألة اسناد الحقائب –أثناء تشكيل الحكومات- مجرد تفاصيل وتثبيتات لما تم تدارسه واقراره سلفا. لا يُسمح لأحد أن يتجول في أروقة رئاسة الحكومة؛ وليس في جيبه سوى دفتر الحالة المدنية. وأحيانا لا شهادة سوى شهادة لا اله الا الله. ورغم كل هذا الاستعداد الحزبي القبلي يحتفظ رئيس الحكومة المعين بحقه في تشكيل لجنة متخصصة ,في القطاع,تنكب على مشاريع الأحزاب المتنافسة لتحسم في المشروع المناسب . عمل مثل هذه اللجان مقدم على رغبات الأحزاب في الحصول على عدد محدد من الحقائب ؛وعلى قطاعات بعينها دون أخرى. أكيد أن الوفا ما كان ليحلم بالوصول الى وزارة التربية الوطنية في ظل مثل هذه الشبكة الصارمة. وحتى لو نجح في الكتابي كان سيسقط – بشهادة تلميذة مغربية عمرها اثنا عشر ربيعا- في الشفوي. أكيد أن درجات أي اطار من وزارة التربية ستكون أفضل من درجاته. ومثل هذه المنهجية كانت ستدفع به,بداية, صوب القطاع الذي يفهم فيه: قطاع السياحة المراكشية فقط. تصوروا معي الآن أن يتحدث الناس –مواكبين تشكيل الحكومة- حديثهم وهم يستعدون لمباراة سيخوضها أسود الأطلس. تصطفي الذاكرة الجمعية أسماء معينة للاعبين، دون أخرى ؛لتمرسهم وليس لانتماءاتهم.الناس يبحثون عن أقدام ذهبية تحقق البهجة الوطنية, وليس عن وجوه بيضاء جميلة. يختلف الناس حول هذه الأسماء ,حسب تحليلهم للوضع ,ومستوى الخصم ...ويتلهفون لمعرفة ما يقرره المدرب لأنه يعلم ما لا يعلمون..ويوم الامتحان يعز المرء أم يهان ؛كما كان والدي يردد على مسامعي دائما. هذا مع الكرة فكيف الأمر مع الحكومة ؛وهي ترهن مستقبل المغاربة لسنوات. الرسالة رسالات: لمعرفة صديقي محمد شركي بي لم يلتفت الى الطلب على أنه تصويب مني, صوب المنصب أو الشهرة بل أدرك –ولتمرسه أيضا – أن الأمر أعمق من هذا . انه الخطر الذي يتهدد منظومتنا التربوية التي تعامل معها رئيس الحكومة – وهو الأستاذ- بكل تسرع ؛وهو يسابق الزمن ليثبت للملك أنه اجتاز الامتحان التشكيلي بنجاح. يمكنه دائما أن يكذبني بأن يظهر للملأ المستندات التي جعلته يختار الوفا لقطاع لا يفقه فيه عدا مسميات تلوح بعيدة في ذاكرته "كباقي الوشم في ظاهر اليد".كما يقول الشاعر عن أطلال "خولة". لم يكن الرجل حاضرا في أية محطة من محطات إصلاح المنظومة التربوية؛وبوسع وزير الخارجية السيد العثماني أن يثبت, بالوثائق ,أنه كان خارج التراب الوطني ,في عشرية الميثاق ,ورباعية الاستعجال . ما كنت فيهم اذ....وما كنت فيهم اذ.....وما كنت فيهم اذ............... فمن أين لك أن تتجاسر على تسلق جبل ؛بكل منزلقاته وأنت حافي القدمين؟ يجب أن يفهم الجميع لماذا يخنق هذا الرجل أنفاس مخاطبيه ؛مهما كانت رتبهم؟ لأنه ,ببساطة,لا يعرف الإجابات . ينقض على السؤال وهو نية في خلد صاحبه ،ليخنقه بكلمة جسورة ووقحة. ثم يستبد بالكلام ,ويقهقه كما لم يقهقه وزير قط. ولد الدار الكبيرة قلبه ابيض؛كما قال مراكشي وهو ما ر ,مسرعا, ببائع "دلاح" غرر به :بنت الدار لكبيرة...فهم المتحلقون المعنى فانفضوا من حول البائع. هي رسالة لبنكيران ومن يرقى مرقاه مستقبلا. ورسالة لشباط: لأنه بنى فوزه بالأمانة العامة لحزب الاستقلال على بدائل منطقية ,ومقنعة جدا ,وهو يمارس نضال القرب؛رغم كل ما يقال عن الطاقة التي تشتغل بها آلته الانتخابية الرهيبة. أيها الرجل ؛أنت الذي اكتويت بالنيران الصديقة والعدوة ؛وعرفت خبايا "الكولسة" الفاسية ؛والاستقلالية عامة ؛ورفعت شعار التصحيح ؛هل ستعرف كيف تختار, للقطاعات الموكولة الى حزبك , النجباء الأكفاء ؛حتى من خارج حزبك ان أعوزك؟ أنت أمين عام لحزب علال الفاسي ؛وأب ,وربما جد؛ فهل تقبل أن تعود اليك فلذة كبدك وهي تبكي من سوء أراده بها رجل ؛ولو لفظا فقط؟ وإذا كان هذا الرجل وزيرا ؛ويصر على وقاحته ,لأنه غير أزهري فماذا تفعل؟ لنترك الشكل الى الجوهر: هل تقبل أن يصبح في بلديتك رجل يخرج جميع ملفاتها ,ويفحصها في ثواني ؛ثم يلقي بها عبر النافذة ؛تذروا أوراقها الرياح ؛أنت الذي سهرت عليها الليالي مع لجانك وكل أغلفتك المالية؟ كيف تقبل من وزير أن يستهزئ بكل المنظومة التربوية التي خصص لها جلالة الملك خطاب العرش ؛متوسما الفعالية في كل أطرها ,حتى ينهضوا بها وفق روح جديدة؟ ما أسرع ما أصبحتم تنسون حتى الخطب الملكية ؛فكيف ينتظر منكم أن تبنوا استراتيجيات في مستوى الطموح الملكي؟ لقد أثنى الملك على نضال القرب لديك ؛فكن قريبا من قضايا التعليم ونسائه ورجاله. يجب أن يكون الوزير جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة: أعجبني كثيرا تعليق على طلبي ورد فيه: كنا ننتظر إصلاح المنظومة التربوية فإذا بنا نطالب بإصلاح الوزير. الرسالة هنا موجهة إلى كل الجهات النافذة التي تدرس خيار التعديل الحكومي : ان أكسجين الربيع المغربي الذي ساهمنا فيه جميعا - وعلى رأس أفنانه وتغريداته,خطاب التاسع من مارس وما تلاه من محطات- لا يجب ان ينتهي ريعا بيد البعض يلوثونه بما شاؤوا من قرارات وكلام . يجب ان يصل الى رئة الوطن ليبعث الحياة جذلى في كل تمفصلاته ؛بما فيها الحقائب الوزارية. لقد ساهم العديد من الكتاب في تحقيق العبور الآمن ؛حبا في الوطن واستقراره ؛فإذا كنتم لا تنتبهون الى أرباب الأقلام ,وأنتم تشكرون بعضكم البعض,فعلى الأقل لا تسفهوا تقييماتهم وتوقعاتهم السابقة ؛وأنتم تختارون للتربية رجلا لم يفلح حتى في تعلم اللغة الديبلوماسية ؛وقد أمضى في مدرستها السنين ذوات العدد. يارئيس الحكومة انك لن تقنعنا بخطاب العفاريت والتماسيح وأنت تختار بعضها لتدبير الدولة .لن تقبل منك هذه الازدواجية ؛فأسكِتْها من فضلك ؛كما اسْكتَّ صقور حزبك؛ أو كدت. اذا كانت العصا السحرية لا تتأتى للوزير ؛ففي مقدوره أن يكون جزءا من حل معضلة الإصلاح ،لا أن يعقدها أكثر. دخول القراء على الخط: طبعا انتبه البعض إلى أن أحسن مدخل لقراءة الطلب هو ما ورد في آخره ؛من المطالبة بالشيء والمطالبة بحق التنازل عنه. في المؤتمر الرابع عشر لحزب الاستقلال ناضل مولاي أمحمد الخليفة من أجل حقه في الترشح للأمانة العامة ,في مواجهة عباس الفاسي؛وهو وزير أول.بعد أن مُكن من هذا الحق تنازل عنه عن طواعية. ( يومها,وهذه قناعتي,ولد شباط الطامح الى الأمانة العامة؛مكسرا هذه التوافقات التي قتلت الحزب.) أعتز بكل قارئ اعتبر طلبي عاديا لأن هذا القارئ ,بالنسبة لي, مشروع مكتمل للمواطن المقتنع بأن مناصب الدولة ملك للمؤهلات وليس للبروتوكولات المخزنية التي ألغاها الدستور الجديد. ومن الطبيعي – باعتبار ارث مخزني ضارب في القدم ,ونظرة الى هالة الوزارة وليس الى مضمونها الاداري والتربوي,- أن يهاجم البعض طلبي ,ويعتبرني دون مستواها. نعم أنا دون مستواها ,وغير طامح ,أصلا,حتى الى ما دونها؛لكنني أطلب فقط من هؤلاء أن يبنوا الثقة في نفوسهم كمواطنين يمكن أن يصلوا الى ما لايحلمون به. كل شيء ممكن. كفى من تكريس الدونية ؛فلن يفلح بلد هذا ديدنه ؛فكيف بهذا البلد اذا كان هذا المغرب الرائع الذي يلتصق ,الى حد الخجل-كما قلت سلبقا- بسيقان أوروبا؟ ولعل لشباط الكثير مما يقوله لهؤلاء اللائيين. الى أن يتم البث في طلب رجال التعليم ,وحقهم في من يحفظ كرامتهم ,سأظل بالمرصاد للوزير الوفا الى أن يتعلم آداب جامع القرويين ,ومناهج البحث التربوي ,وهندسات التدبير الإداري الحديث ؛وينزل الخطاب الديداكتيكي الملكي بالاقتراب من التلاميذ ؛مرشدا ومربيا ؛وليس من التلميذات فقط ؛يحرضهن على الرجال.. [email protected]