عندما أرادت أن تصلح الولاياتالمتحدةالأمريكية المنظومة التعليمية خاصة أمام منافسة الاتحاد السوفيتي أنذاك رفعت شعار : أمة في خطر.وبذلك أدركت عمق المشكل بأن التعليم ليسا قطاعا منعزلا عن حضارة الأمة بل هو الرئة التي تتنفس بها. ومن تم في البدء كانت الكلمة وأول ما نزل على محمد عليه السلام "اقرأ". إذا انطلقنا من هذا التصور يمكن أن نرسم معالم إصلاح التعليم لأنه منظومة متكاملة. وقد أكد الدستور المغربي على حرية الفكر والرأي والإبداع ...والمطلوب من السلطات العمومية تنمية البحث العلمي والتقني على أساس ديمقراطي ومهني مضبوط...كما دعا إلى التشاركية في هذا المجال وتقويم السياسات العمومية لمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي... وقد انطلق الموسم الدراسي 2012/2013 من مقاربة تكاملية بين القطاعي العام والخاص. وتسهيل الحصول على مقعد تعليمي بطرق قانونية ومشروعة مبنية على المواطنة وتكافؤ الفرص والمساواة...وربط كل هذا بالتنمية والمواطنة. ومن أجل هذا تم التفكير أولا في تعميم التعليم بتوفير ميزانية قدرت ب350 مليون درهم دعما للأدوات المدرسية. فإلى أي حد سنضمن الحكامة المالية من أجل ايصال هذه المبالغ إلى مستحقيها في ظل التضامن والعدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص والدينامية الاجتماعية؟؟؟ خاصة وقد بلغت الميزانية المخصصة للدعم الاجتماعي حوالي ملياري درهم. موزعة على الشكل التالي: 350 مليون درهم تهم المحافظ، و620 مليون درهم همت برنامج تيسير، و66 مليون درهم خاصة بالنقل المدرسي، و785 مليون درهم خصصت للإطعام المدرسي... إننا على وشك بلوغ حوالي سبعة مليون من المتمدرسين في بلادنا وهذا مهم جدا لذلك فمن الواجب أن ندمج الجميع في منظومة التربية والتكوين لأنه قضية أمة كما أكدت. إننا بضبطنا لاستراتيجية التعليم سيسهل علينا التخطيط لكل شيء لأنه هو البوصلة الحقيقية التي ترسم معالم خريطة الطريق التنموية والديمقراطية... إن هذه الاستراتيجية تتداخل فيها الفردانية والمؤسساتية والتجربة والتوافق والقيم التربوية والحوار والأجرأة والتقويم..مع استحضار الصعوبات ووضع حلول لها. باعتبار المنظومة المستهدفة عبارة عن نسق يتداخل فيه الثابت والمتحول...ويتم تجاوز هذه الاشكالات برؤية تكاملية في أفق التدافع بدل الصراع. إن الإعداد لهذه الاستراتيجية يتطلب الكفاءة والمهنية والاختصاص...وبعد ذلك ندخل في مبدأ التدرج التنفيذي احتراما للسنن الكونية والاجتماعية. والأهم في هذا كله هو ضبط منهج العمل. لأنه جزء من الاستراتيجية. مع مراعاة الابعاد النفسية والاجتماعية والثقافية والبيئية ... كل هذا سيسهل علينا المراجعة والتقويم قصد تقوية وتنمية الايجابي واستدراك النقص وتجاوز السلبي.. من خلال هذا المنهج سنؤسس للفاعلية والشرعية والمشروعية والهوية لأن القضية مرتبطة بالأمة والسيادة. وكون الدستور دعا إلى التكامل بين التمثيلية والتشاركية فإنه من اللازم إشراك الجميع في هذا البناء خاصة الممارسين مباشرة والمستهدفين منه حتى نكون واقعيين غير حالمين وإن كان الحلم مشروعا إذا كان معقولا لأنه يساعدنا على رسم معالم استباقية. ومن أهم مظاهر النسقية التناغمية. إننا في حاجة إلى تصور مرن ومستوعب للتطور المعرفي والأكاديمي والتحولات التي يعرفها العالم لأن إصلاح منظومة التربية والتكوين ورش مفتوح. وبالتالي يمكن التأكيد على أن الإصلاح علم وفن وتقنية وأخلاق مؤطر بالنسقية المؤسساتية. إننا نأمل أن ينطلق الدخول المدرسي الحالي بتشجيع التمدرس وحسن تدبير الموارد البشرية. والتحسيس بالمسؤولية التربوية والبيداغوجية الملقاة على الجميع.والاهتمام بالعاملين من أجل إحداث تناغم بين الفاعلين في مجال البيئة التعليمية. عبر تطوير ظروف العمل والتقليص من الآليات المؤثرة على البعد السسيواقتصادي والديمغرافي التي تنعكس مباشرة على عملية التمدرس. نخلص مما سبق أن المنظومة التعليمية في حاجة إلى حكامة جيدة في التعامل مع مقتضيات الدستور من أجل تكريس الخدمة العمومية للمعرفة بناء على الإنصاف والمساواة والأخلاق والنزاهة والحياد واحترام القانون والتعددية والاستجابة لحاجيات السوق المهني والتطور الرقمي والانفتاح...وبذلك فالشأن التربوي التعليمي شأن أمة ومن تم فهو الأولوية الثانية بعد الوحدة الوطنية والترابية إن لم نقل هو جوهر وعمق هذه الوحدة.