يستطيع المدربون المغاربة، الذين علقوا كل آمالهم على وداديتهم التي بات يقودها عبد الحق ماندوزا، خلفا لعبد الخالق اللوزاني، لتنصرهم، وتدافع عن حق كان أبد الدهر مهضوما، أن يختاروا كل حسب ضغطه الدموي، طريقة مثلى لتصريف الإحباط، وإجلاء الحزن، وإقبار خيبة الأمل، فما وعدت به وداديتهم ذات ليلة من ليالي الشتاء، من أنهم باتوا اليوم قبل الغد رجال المرحلة كان صرحا وهوى· "" عند قراءة المعبر والمسكوت عنه في البلاغ الصادر عن المكتب الجامعي، وقد إجتمع -أمس الأربعاء،- بعد أن أخذ ما يكفي من الوقت للتفكير والتحوير والتفاوض سرا وجهرا، يستطيع المدربون المغاربة أن ينهضوا من غفوة لم تدم طويلا·· فما فاض به البلاغ، وما جاء به التعليق على الإجتماع، يقول صراحة، أن المكتب الجامعي رجع عن قراره، وما أصبح يرى من ضرورة ولا من إكراه المرحلة أن يُنسّب الفريق الوطني إلى مدرب مغربي، وتأكد ما كان يرمي به من أخبار هنا وهناك، من أن المكتب الجامعي، وبخاصة اللجنة الخاصة التي أحدثها لذات الغرض، توصلت إلى أن المرحلة تقتضي وجود مدرب أجنبي، وتقتضي أن يكون هذا المدرب هو الفرنسي روجي لومير، الذي ما كان ممكنا أن تبرز إلى جانبه أسماء أخرى لمدربين فرنسيين، برتغاليين وإسبان، لولا أنه يوجد في حرج من أمره، فهو لم يحصل من الإتحاد التونسي لكرة القدم حتى وإن كان عقده ينتهي شهر يونيو القادم، على ما يدل أن الإرتباط قد إنفصم، ثم إنه للحظة هاته، لم يستسغ المنظور الجديد الذي يصمم به تعاقده مع الجامعة، الذي يجعل منه مدربا للفريق الوطني ومكلفا بتأهيل المدربين· والحقيقة أنه ما كان هناك من شيء يلزم الجامعة أن تتحاور مع ودادية المدربين، في أمر الناخب الوطني الذي ليس بالقطع من اختصاصها، وما من شيء كان يكرهها على أن ترتبط معها بمثياق، يختزل في أنها توافقها الرأي على أن المرحلة تقتضي أن يكون على رأس الفريق الوطني مدرب مغربي· ما من شيء يجعلنا بعد كل هذا نقبل بأن تنكث الجامعة عهدا قطعته على نفسها ووعدت به الودادية، فلا الإعتذار يجدي، لطالما أن ما كان من فض الإتفاق هو تجريح صريح للمدرب المغربي، وأكثر منه لودادية المدربين، التي بات رئيسها السيد عبد الحق ماندوزا أمام خيارين أحلاهما مر، فإما أن يطلب إعتذارا علنيا من الجامعة، لعله يكون له صك غفران، وإما أن يعلن جراء ما حصل عن استقالته، لأنه قصد توريط نفسه وتوريط الودادية في شيء كنت شخصيا قد حذرت منه·· المكتب الجامعي المسؤول قانونا وتفويضا من جمع عام على كرة القدم الوطنية، هو مسؤول من الشأن الكروي ومنا جميعا، من حقه أن يستفتي الآراء، أن يحاور، أن يتقصى، ومن واجبه أيضا أن يتحمل كامل مسؤولياته في كل الذي يقرره ويختاره· ولكن ما من قوة تستطيع أن تقنعني بأن طريقة تدبير الإنتقال على مستوى التأطير التقني للفريق الوطني الأول، كانت طريقة إحترافية، برغم ما نعرف عن إكراهاتها وعن ضغوطاتها·· وقد كانت أفظع صور الهواية في تدبير هذا الإنتقال، هو ليس الإستماع إلى رأي ودادية المدربين، أو محاولة الرجوع عن قطيعة معلنة مع هذه المؤسسة، ولكن هو التوافق بموجب بلاغ مختوم عليه، على أن مدرب الفريق الوطني سيكون مدربا مغربيا·· في النهاية تفطنت الجامعة وقد استفتت حاسة سادسة، لست أدري من أين أتت بها، إلى أن المرحلة تقتضي وجود مدرب أجنبي من عيار روجي لومير، وحكمت لغاية الأسف بما فعلت على الودادية بالهامشية، والأمر بحسب رأيي يتطلب من كافة المدربين مساءلة، ليس هذا الرجوع القهقري، ليس النكث بالوعد، ولكن مساءلة الذين ورطوا الودادية والمدربين في مناقصة خاسرة، حتى لو كان ذلك باسم مصلحة كرة القدم الوطنية.