الجيش الملكي يخسر بثنائية بركانية    الجديدي وفتحي ينتقلان إلى الوداد    ساو تومي وبرينسيب تؤكد دعمها الثابت للوحدة الترابية للمغرب وتعزيز التعاون الثنائي    تعليق الرحلات البحرية بين طنجة وطريفة بسبب اضطرابات جوية وارتفاع الأمواج    حماس تؤكد مقتل محمد الضيف بعد أشهر من إعلان إسرائيل استهدافه    سبيك : التدخلات الأمنية في محاربة التطرف والإرهاب تخضع لبروتوكول صارم    المغرب: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تكشف عن أول أيام شهر شعبان 1446 ه    الشرقاوي: خلية "الأشقاء الثلاثة" خططت لاستهداف مقرات أمنية ومحلات عمومية    النقابة الوطنية للصحافة ومهن الإعلام بإقليم العرائش تكرم منجزات شخصيات السنة    اغلاق المجال الجوي البلجيكي بسبب عطل تقني    42 ألف شكاية وضعت على طاولة النيابة العامة بطنجة خلال سنة 2024    الولايات المتحدة تبدأ أكبر حملة لترحيل مهاجرين جزائريين غير الشرعيين.. هل يجرؤ النظام الجزائري على الرفض    مشروع الربط المائي بين وادي المخازن ودار خروفة يقترب من الإنجاز لتزويد طنجة ب100 مليون متر مكعب سنويًا    رحيمي ينقذ نادي العين من الخسارة    من المدن إلى المطبخ .. "أكاديمية المملكة" تستعرض مداخل تاريخ المغرب    رئاسة الأغلبية تؤكد التزامها بتنفيذ الإصلاحات وتعزيز التعاون الحكومي    الشركة الجهوية متعددة الخدمات الدار البيضاء-سطات تواصل تنفيذ برنامجها السنوي لتنقية شبكة التطهير السائل    الوداد يضم لاعبا فرنسيا ويستعير آخر من جنوب إفريقيا    زياش إلى الدحيل القطري    برقية تعزية ومواساة من الملك إلى خادم الحرمين الشريفين إثر وفاة الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز آل سعود    ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين: المغرب يعتمد خيارا واضحا لتدبير إنساني للحدود    بايتاس: "التراشق والشيطنة" لا يخدم مكافحة الفساد والاستراتيجية الوطنية حققت 80% من أهدافها    أمر تنفيذي من "ترامب" ضد الطلاب الأجانب الذين احتجوا مناصرة لفلسطين    الوداد يعزز صفوفه بالحارس مهدي بنعبيد    أداء إيجابي ببورصة الدار البيضاء    إطلاق النسخة الأولى من مهرجان "ألوان الشرق" في تاوريرت    بلاغ من طرق السيارة يهم السائقين    الملك يهنئ العاهل فيليبي السادس    قتلى في اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية قرب واشنطن    مقتل "حارق القرآتن الكريم" رميا بالرصاص في السويد    عاجل.. الوزير السابق مبديع يُجري عملية جراحية "خطيرة" والمحكمة تؤجل قضيته    عصام الشرعي مدربا مساعدا لغلاسكو رينجرز الإسكتلندي    قرعة دوري أبطال أوروبا غدا الجمعة.. وصراع ناري محتمل بين الريال والسيتي    ارتفاع مفاجئ وتسجل مستويات قياسية في أسعار البيض    وفاة الكاتب الصحفي والروائي المصري محمد جبريل    ""تويوتا" تتربع على عرش صناعة السيارات العالمية للعام الخامس على التوالي    الشرع يستقبل أمير قطر في دمشق    الاحتياطي الفدرالي الأمريكي يبقي سعر الفائدة دون تغيير    حاجيات الأبناك من السيولة تبلغ 123,9 مليار درهم في 2024    استقرار أسعار الذهب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    المغرب يحقّق أرقامًا قياسية في صادرات عصير البرتقال إلى الاتحاد الأوروبي    مع الشّاعر "أدونيس" فى ذكرىَ ميلاده الخامسة والتسعين    أمطار رعدية غزيرة تجتاح مدينة طنجة وتغرق شوارعها    أمير قطر يصل لدمشق في أول زيارة لزعيم دولة منذ سقوط بشار الأسد    جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام 2025 تكرّم جهود بارزة في نشر المعرفة الإسلامية    مركز الإصلاح يواجه الحصبة بالتلقيح    الفنان المغربي علي أبو علي في ذمة الله    الطيب حمضي ل"رسالة 24″: تفشي الحصبة لن يؤدي إلى حجر صحي أو إغلاق المدارس    أمراض معدية تستنفر التعليم والصحة    المؤسسة الوطنية للمتاحف وصندوق الإيداع والتدبير يوقعان اتفاقيتين استراتيجيتين لتعزيز المشهد الثقافي بالدار البيضاء    المَطْرْقة.. وباء بوحمرون / الحوز / المراحيض العمومية (فيديو)    علاج غريب وغير متوقع لمرض "ألزهايمر"    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    المجلس العلمي المحلي لإقليم الناظور يواصل برامجه التكوينية للحجاج والمعتمرين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إن الغيّابين قد تكاثروا علينا!
نشر في هسبريس يوم 02 - 08 - 2012

أرفع القبعة لأولئك الرجال والنساء الذين يشتغلون في ظروف صعبة، في القرى والبوادي البعيدة التي توقف فيها ارتقاء الإنسان، أو يشتغلون في المدن المزدحمة يتحملون عنف تلاميذ أجلاف غير مؤدبين و يلجون قاعات مكتظة آيلة للسقوط بإيمان من يدخل محراب العبادة. يؤدون أعمالهم بخشوع كما يؤدون الصلاة. أرفع القبعة، امتنانا، لأساتذة وأستاذات رمت بهم أقدار العمل في قرى نائية بلا ماء ولا كهرباء ولا طرق معبدة، لكنهم يقومون بوظيفتهم بلا تذمر، لا يزورهم مفتش ولا مدير، لا يراقبهم أحد سوى ضمائرهم وإيمانهم بأن صغار هذه البوادي والمداشر من حقهم أن يتعلموا كيف يكتبون الحروف والأرقام. هذا الصنف من رجال التعليم ونسائه لا يهمه أن يتم استحداث خط هاتفي أخضر ولا بنفسجي، لأنهم يؤمنون أن أكبر مفتش هو ذلك التلميذ، ذلك الذي يملك علبة سوداء يسجل فيها كل شيء. فيشتغلون وفق ما يليه عليهم ضميرهم النقي.
ومناسبة هذا الكلام ليس تبخيسا لاستحداث خط هاتفي أخضر لمواكبة الدخول المدرسي المقبل، بل بالعكس تماما ، إن مواكبة الدخول المدرسي يستدعي من الوزير خطوطا كثيرة، لأن الغيّابين قد تكاثروا علينا، فهل نحتاج خطًّا للتبليغ عن مفتشين يتقاضون رواتبهم من أموال دافعي الضرائب وهجروا العمل في المدرسة العمومية ليلتحقوا بالمدارس الخصوصية لتسييرها كي يملكوا الفلل الواسعة والسيارات الفاخرة. وطبعا لا يتم هذا سوى بتنسيق مع رؤسائهم وزملائهم في نيابات وأكاديميات وزارة التربية الوطنية الذين يلزمهم خط أخضر كذلك .
أم خطًّا للتبليغ عن مدراء مدارس تابعة للدولة تحولوا إلى سماسرة ومسيري مشاريع وتركوا المدارس والمؤسسات التي كلفوا بتسييرها ومراقبتها، والمدرسة لا تعني بالنسبة لهم سوى راتبا شهريا وسكنا وظيفيا و امتيازات و''مستحقات '' يطالبون بتحصيلها..
أم خطًّا للتبليغ عن أساتذة و أستاذات تحولوا إلى سماسرة و مسيري مقاهي بل أحيانا بائعي خضر. أم خطًّا للتبليغ عن أساتذة وأستاذات يبررون غيابهم بدراستهم في الجامعة ( ومن حقهم أن يدرسوا طبعا) ومنهم من يتغيب شهرا كاملا بحجة الاستعداد للامتحانات، دون أن يتفرغ لذلك حتى يتم تعويضه بآخر فهو يتقاضى راتبا من أجل مهمة واضحة وهي أن يربي ويُعلّم.
أم خطًّا للتبليغ عن أساتذة و أستاذات يطوفون في الملتقيات الأدبية أو الاجتماعات النقابية أو التجمعات الحزبية بينما تلاميذهم الذين من أجلهم يتقاضون أجورهم يطوفون في الأزقة ويخيطون الدروب في انتظار عودة الأستاذ المسافر في مهمة جمة.
أم خطًّا للتبليغ عن أساتذة يتقاضون راتبهم من وزارة التربية الوطنية بينما يشتغلون في الصحافة، يتنقلون من لقاء إلى حدث إلى مبارة كروية ولا يتبقى لهم من وقت التغطيات الصحفية ما يقدمون فيه شيئا لتلاميذهم. أم خطا للتبليغ عن مدارس في العالم القروي، لا تلتزم بلائحة العطل التي تبعثها الورزارة، بل تبدأ فيها العطل المدرسية عندما يفكر الأستاذ في السفر و تنتهي عندما يرغب في العودة.
أم خطًّا للتبليغ عن أساتذة يدفعون شواهد طبية مزيفة ل'' تبرير '' التغيب، وليس بهم مرض. ويتم قبول تلك الشواهد الطبية دون فحص مضاد من قبل النيابات أو الأكاديميات للتأكد من صحة الإدعاء فالجميع يعرف سهولة الحصول على شهادة طبية في مجتمع فاسد كمجتمعنا. لقد سبق لإحدى الأكاديميات أن جمعت عدد أيام تغيب أساتذتها فوجدت العدد يساوي قرنا وزيادة.
أم خطًّا للتبليغ عن أساتذة يعتبرون مؤسساتهم العمومية مجرد مكان للإستراحة من تعب العمل المضني في المدارس الخاصة والساعات الإضافية، ويكيلون بمكيالين. لا يتغيبون عن ساعات المدرسة الخصوصية و يذهبون للعمل متى يشاءون لمؤسساتهم التابعة للدولة لأنهم يعرفون أنها مجرد فْنْدْقْ. وقد كانت إحدى الأستاذات تشتغل في القطاعين، تعرضت لحادثة سير فحدد لها الطبيب مدة العجز في 21 يوم، بعد مرور 4 أيام التحقت بعملها في المدرسة الخصوصية والتزمت بما حدده الطبيب فقط فيما يتعلق بالعمل في الثانوية التابعة للدولة. لأن الآباء في القطاع الخاص سيطالبون بتعويضها بأستاذ آخر ولن يسمحوا بضياع أبنائهم.
إن هذه الفئات التي ذكرتها لا يستطيع أحد أن ينكر مسؤوليتها فيما آلت إليه أوضاع التعليم، يوجدون بيننا ويمشون في الأسواق وكلما جادلهم أحد لا يملكون ردا سوى ذلك الجواب المغربي الشهير : وَاشْ ما شفْتي غير أنا؟ مَاشْفتِيش نتا هَادوك لّي لْفُوق؟
إن المدخل الأول لإيجاد حل للخلل التعليمي بالمغرب ليس هو المقررات ولا الخطط ولا البيداغوجيات، سيأتي هذا فيما بعد، بل هو الأسرة و الأستاذ ( ة ).
الأسرة بتوعيتها لتواكب عمل المدرسة واستعادة ثقتها في المؤسسة التعليمية العمومية، وتأدية دورها المُكَمّل لدور المدرسة لأن هناك أسر تهدم كل ما تبنيه المدرسة.
ثم رجل التعليم من حيث تمتيعه بكافة حقوقه المادية والمعنوية مقابل القيام بواجبه التربوي المنوط به. فهامش كبير من ميزانية التعليم يتم تبذيره في سفريات و تعويضات عن خدمات وهمية لأطر لم يقدموا شيئا للتلميذ بينما الأستاذ الفاعل الأساسي في العملية التربوية والذي يشتغل في ظروف مناخية وصحية واجتماعية صعبة يجب تمتيعه بكافة حقوقه وتعويضاته. وبالمقابل التزام الجميع بتأدية الواجب كما هو مسطر دون إخلال ومحاربة الأشباح و أنصاف الأشباح في الأكاديميات والنيابات والمدارس وسائر المؤسسات من الأشخاص الذين لا يقومون بأي جهد يجعل راتبهم الشهري حلالا عليهم. مع مراقبة صارمة تشمل الجميع من بواب المدرسة إلى وزير التربية الوطنية.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.