اعترافات حيمية، تختلط فيها الفرحة بالحزن، بحسب طبيعة الشخوص والشهادات والأحوال، هي أهم مضامين كتاب حديث الإصدار في المجال التداولي الأمريكي، ويحمل عنوان: "الحب إن شاء الله.. اعترافات أمريكيات مسلمات" (صدر الكتاب عن دار النشر سوفت سكل، كاليفورنيا، ط 1، 2012). Love InshAllah: The Secret Love Lives of American Muslim Women، الكتاب من تأليف مشترك، بقلم نورا مازنافي (محامية الحقوق المدنية) وعائشة ماتو (مستشارة تنمية دولية)، وكلتاهما أمريكية المولد لمهاجرين مسلمين. ولأننا نعيش على إيقاع "الزمن الرقمي"، أو زمن "النت" والمواقع الاجتماعية وعوالم الاتصال الافتراضي، ولأنه يصعب انتظار بوح المرأة المسلمة بمواقفها من مسائل حميمية، لا يتم تداولها على الأرجح، إلا في فضاءات نسائية شبه مغلقة، وبالكاد، فقد جاءت محتويات الكتاب، في أغلبها، مقتبسة تحديدا من اعترافات نساء مسلمات من مختف أنحاء الولاياتالمتحدةالأمريكية، من خلال تتبع ما استجد في موقع الشبكة الاجتماعية "الفايسبوك" و"التويتر" على الخصوص، مع تأكيد أهل التأليف بأن المعنيات بهذه الشهادات، ينحدرن من مختلف الأعراق الإسلامية، من منطقة الشرق الأوسط مثلا، إلى بلدان آسيا، مرورا عبر دول شرق إفريقيا. ومن "مُميزات" الكتاب، جرأة العديد من الشهادات على الخوض في قضايا الحب والهوية الإسلامية والعلاقات بين الجنسين، مع الاقتراب في أكثر من شهادة، من حقل "ألغام/طابو"، كما هو جلّي مثلا في شهادة أنجيلا كولينز تيليس (تبلغ من العمر 36 عاما)، والتي انخرطت في علاقة غير شرعية مع برازيلي مسيحي المعتقد، قبل أن تتطور الأمور إيجابا عندما اعتنق هذا الأخير الإسلام عن قناعة، ليتزوجا وينجبا الأطفال. يكمن التحدي الرئيسي الذي يكاد يكون قاسما مشتركا بين شهادات الكتاب في ما يلي: "كيف تٌوفق المرأة الأمريكية المسلمة، بين مقتضيات الإيمان وحسابات العواطف، في مجتمع متعدد الأعراق والديانات"، أو في مجتمع كوسموبولوتي بامتياز، بتعبير الراحل إدوارد سعيد، واصفا على الخصوص واقع مدينة نيويورك. وإذا كانت بعض الشهادات الواردة في الكتاب تعتبر أنها "تجسيد لنوع من المصالحة بين الهوية الإسلامية وطبيعة التقاليد السوسيو ثقافية المعقدة والمميزة للمجال التداولي الأمريكي"، فإن شهادات أخرى في المقابل، تعتبر أن تمرير هذه الشهادات يندرج بالدرجة الأولى في "تقوية أوصال العلاقة مع الخالق" عز وجل، لا أقل ولا أكثر. والطريف في ثنايا هذه الشهادات، سواء كانت تسلط الأضواء "الساطعة" على دور العائلة والأصدقاء في تأسيس لعلاقات زوجية نوعية، أو سرد مفارقات المواعيد الناجحة أو الفاشلة، تلك التي خُطّط لها مع "فتى الأحلام"، فإن مُجمل هذه الشهادات، تستحضر العناية الإلهية، إلى درجة جعلت منها (الشهادات) تصُبّ في نهر "النهايات السعيدة" (Happy end)، ولكن على الطريقة الأمريكية. والكتاب في مجمله، يضم سردا دقيقا ومثيرا لتجربة 24 شابة أمريكية مسلمة، حيث الانتقال الهوياتي الصعب من حالات مُحجبات نحو حالات مضادة، أخذا بعين الاعتبار طبيعة التيارات "الفكرانية" (الإيديولوجية) السائدة هناك في المجال التداولي الأمريكي. التدقيق/التقييم التالي، يوجز بامتياز أحد أهم "مقاصد" صدور هذا العمل: "بفضل التربية والمزيد من الاستقلالية، أصبحت المسلمات، أينما وجدن، قادرات على النضال من أجل إحداث نوع من التوازن بين التقاليد الاجتماعية وبين خياراتهم الشخصية، بما في ذلك الخيارات اللصيقة بقدوم فترة الحب". ومهما بلغت حدة أو طبيعة الملاحظات النقدية التي يمكن أن تصدر اتجاه هذا العمل (لنتذكر أنه "كل يُؤخذ من كلامه ويُرد" إلا المصطفى (صلى الله عليه وسلم)، كما جاء في الأثر الإسلامي تحديدا، عن الإمام مالك)، فإن العمل يستحق كثير إشادة وتنويه، إذا قمنا بمقارنته مثلا، مع طبيعة ما صدر عن أقلام نسائية مسلمة، مقيمة هناك في المجال التداولي الغربي، لولا أنها تبنت خيار "جلد الذات" وتصفية حسابات عقدية ومذهبية مع القيم الإسلامية، ونجد في خانة هذه الأسماء، لائحة من الأقلام النسائية، من الناشطة السورية وفاء سلطان، إلى الناشطة الإثيوبية إيان هيرسي (العضو السابق في البرلمان الهولندي)، وغيرهن من الأسماء اللواتي اعتدن تمرير شهادات "حسن سيرة وسلوك" للغير، من أجل سواد عيون أموال ذلك الغير، ولو تم ذلك على حساب مقتضيات تديّن الذات الإسلامية، ومن هنا أهمية وأحقية التنويه بكتاب "الحب إن شاء الله .. اعترافات أمريكيات مسلمات" لنورا مازنافي وعائشة ماتو. يُحسبُ للكتاب الترويج للقيم الإسلامية في معرض تناول قضايا مجتمعية راهنة وطارئة، هناك في مجال تداولي أمريكي، في عز القلاقل المفاهيمية والسياسية وبالتالي الميدانية التي أفرزتها اعتداءات نيويورك وواشنطن سيئة الذكر، ومعلوم أن هذه الحقبة، ساهمت في إنتاج المزيد من رموز تيار "عرب البيت الأبيض"، بتعبير الناشط الباكستاني/ البريطاني الشهير، طارق علي، ويقصد ثلة من الأسماء العربية والإسلامية، مقيمة في الغرب، وتجتهد في تمرير قراءات تروق لصناع القرار هناك، من قبيل فؤاد عجمي في أمريكا وبسام الطيبي في ألمانيا ومحمد السيفاوي في فرنسا، وغيرهم كثير، وواضح أن كتاب "الحب إن شاء الله"، أبعد من أن يُحسب على تيار "نساء البيت الأبيض". كلمة أخيرة، لأهمية الكتاب على ما يبدو بالنسبة للناشرين على الأقل فقد تم تخصيص موقع إلكتروني تفاعلي مع الشهادات الواردة في حقه، ورابطه الإلكتروني كالتالي: www.loveinshallah.com