اختيرت نزهة الصقلي، وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، من بين "الشخصيات المهمة الاثنى عشر، للمساهمة في النهوض بالمساواة بين الجنسين وتحرير المرأة"ويندرج هذا الاختيار، في إطار حملة المساواة، التي أطلقتها الحكومة الدانماركية. وتعتبر نزهة الصقلي المرأة العربية الوحيدة، ضمن الشخصيات، التي أوكلت إليها مهمة إحداث شبكة سيطلق عليها اسم "الأبطال العالميون للهدف الثالث من أهداف الألفية للتنمية"، التي ترمي إلى تأمين التحرير الاقتصادي للمرأة، كما ستكون ممثلة المغرب ضمن الذين سيتسلمون "مشعل البطل العالمي" للشخصيات، التي ستعمل على تسريع تنفيذ الهدف الثالث من أهداف الألفية للتنمية، والتي ستقدم، خلال اجتماع عمل سيعقد في شهر شتنبر المقبل، التزاماتها في هذا الشأن إلى الكاتب العام للأمم المتحدة بنيويورك، الذي سيتسلم المشعل الأخير في هذا اللقاء. ويمثل حاملو هذا المشعل، الذين قد يتجاوز عددهم المائة شخصية، الحكومات والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، والمنظمات الدولية. وكانت الحكومة الدانماركية، التي أقدمت على هذه المبادرة، أطلقت في سابع مارس المنصرم، حملة النهوض بالمساواة بين الجنسين، وتحرير المرأة، أشرفت عليها أولتا تورونز، وزيرة التعاون في التنمية للدانمارك، وستجري إعادة إطلاق هذه الحملة في الندوة الدولية، التي ستنظم تحت شعار "تحديات النوع الاجتماعي"، يوم 17 أبريل الجاري. وفي المغرب، يرتبط اسم نزهة الصقلي بالدفاع عن حقوق المرأة، وشكلت مسيرتها صورة المرأة السياسية، التي لم تطلق العمل السياسي، رغم انغماسها في حقل العمل الجمعوي والحقوقي، وظلت وفية لالتزاماتها السياسية داخل حزبها التقدم والاشتراكية، الذي التحقت به منذ كان يحمل اسم الحزب الشيوعي المغربي، وظلت تعد وجها سياسيا، رغم انخراطها الوازن في الحركة الجمعوية النسائية، إذ كانت من بين مؤسسات الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، كما ساهمت في تأسيس جريدة "نساء المغرب" في أواسط ثمانينيات القرن المنصرم. وتعتبر الصقلي أول امرأة ترأس فريقا برلمانيا في التجربة السياسية المغربية، إذ كانت رئيسة فريق التحالف الاشتراكي، الذي كان يضم أحزاب "التقدم والاشتراكية" و"الاشتراكي الديمقراطي" و"العهد". ظلت نزهة الصقلي تعتبر أن "أهم المعوقات، التي تواجه وصول المرأة للعمل السياسي، تتجسد في التمثلات المجتمعية، التي ترى أن العمل السياسي ليس مجال عمل النساء، وأن الخطاب السياسي خطاب ذكوري شكلا ومضمونا، إضافة إلى أن مهمات وأدوار النساء، غالبا ما تتناقض مع العمل السياسي، يضاف إليه عدم ثقة النساء في قدراتهن، وقلة النماذج النسائية في المجال السياسي". لذلك كانت نزهة شديدة الحرص على تشبثها بانتمائها الحزبي، الذي تقول عنه خديجة الرباحي، رئيسة فرع الدارالبيضاء للجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، إنه "لم يكن يطغى على علاقاتها مع النساء الجمعويات"، ووصفتها الرباحي بأنها من "النسائيات الحزبيات القلائل، اللواتي يستجبن لدعوات جميع الجمعيات، دون الاهتمام بالألوان السياسية، ودون اعتبار لحجم هذه الجمعيات، أو وجودها في مناطق نائية". في مارس 2007، كرمت "خميسة" نزهة الصقلي، الوزيرة، والعضو بالبرلمان المغربي، وعضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، ضمن سبع نساء يعملن في السياسة، وقبل ذلك نالت سنة 2004، جائزة الامتياز العالمية، كإحدى مناصرات حقوق المرأة، وهي الجائزة التي تسلمتها خلال مهرجان الجوائز الإعلامية العالمي للامتياز في الصحافة المعنية بالإسكان، الذي نظم في الرباط. الصقلي، التي تصفها الصديقات ب"الجسورة والمقدامة"، تتحدر من أسرة اشتغل عدد من أعضائها في السياسة، فأختها بديعة، القيادية بالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، كانت إحدى المرأتين اللتين اقتحمتا قبة البرلمان، بعد نجاحها في الانتخابات التشريعية لسنة 1984، وأخوها المهدي، اختار النضال ضمن صفوف اليسار الجذري، في بلاد المهجر. تمتهن نزهة الصقلي مهنة الصيدلة التي يخيل للمرء، وهو يصادفها في عدد من الأنشطة السياسية والجمعوية، أنها تهملها، لكن صيدليتها في حي بوركون، تشهد حضورها المتواصل، كلما منحتها مهامها البرلمانية والسياسية والجمعوية فسحة من الوقت. وتحرص الصقلي على أن تكون الزوجة المثالية، والأم الحنون، وفي المقابل يحرص زوجها محمد بنيس، الترجمان المحلف، على أن ييسر أمامها الطريق لممارسة انشغالاتها في تعقب مشاكل النساء، والقضايا السياسية، دون أن تهمل أمومتها لابنيها علي وحليمة. وما لا يعرفه العديد من متتبعي الشأن السياسي والجمعوي، أن نزهة الصقلي صاحبة نكتة، وذات روح مرحة، ومتفائلة، إذ تخوض في نقاش القضايا الساخنة باندفاع وصلابة، وبروح قتالية، يؤطرها ما هو مبدئي لديها، ثم ما تلبث أن تعود، في جموعها مع زميلاتها وصديقاتها، إلى روحها المرحة، ونكتها التي تتصيد معظمها من الواقع المعيش. ""