لا أحد يجادل، في كون فعل القراءة، فعل يرتبط بكل القيم الثقافية والإبداعية والفنية والإنسانية الجميلة. إن العودة إلى تاريخ البشرية، خصوصا الأمم التي تقدمت، نجد أن نهضتها قد قامت على فعل القراءة، من هذا المنطلق يتضح لنا أن فعل القراءة في المجتمعات البشرية هو الفعل الذي به نقيس كل محاولة نهضوية، من اجل التقدم . فما هي وضعية القراءة في المغرب ؟ و ما موقع الكتاب في منظومتنا التربوية والاجتماعية والسياسية ...؟ حينما نتأمل وضعية القراءة في المغرب نجد أن كل المكونات الإدارية والتربوية و العلمية، سواء على المستوى الوطني أو على المستوى الخارجي ...كلها تتفق على الرتب المتدنية التي يحتلها المغرب، مما يستدعي ضرورة البحث عن كل الحلول الممكنة من أجل البحث عن مكانة متقدمة لسؤال القراءة،و مما يرتبط به من تجليات تربوية و ثقافية و علمية.... إن المتأمل في الميثاق الوطني للتربية و التكوين وما تفرع عنه من مذكرات و توصيات، بالإضافة إلى ما تسعى إليه بعض المكونات الحكومية الأخرى كوزارة الثقافة..... كل هذه المرجعيات نجدها تسعى نظريا إلى تطوير سؤال القراءة وترويح الكتاب كأداة تثقيفية وتكوينية، لكن على مستوى الممارسة الميدانية،نجد أن العديد من الصعوبات تطرح مما جعلنا نحتل رتب غير مشرفة، بل يستدعي هذا، تحقيق مجموعة من الإجراءات الأولية، لوقف هذا النزيف الثقافي الذي نعيشه بشكل أصبح يطرح عدة أسئلة، بل إن هذا النزيف هو ما استغله الآخر لكي يوسع بيننا و بينه المسافات المرتبطة بالتقدم، ومن موقع آخر ثم استغلال هذه الوضعية المتدنية لسؤال القراءة والكتاب، من طرف بعض الجهات لترويح أفكار متطرفة، الهدف منها هو النيل من كل قيمنا الاجتماعية و الدينية المتسامحة... إن سؤال القراءة سؤال مركزي، لكن نادرا ما لا يطرح من طرف من يفترض فيهم، تأطيرهم لهذا المواطن، لأن انشغالاتهم، مرتبطة بهواجس أخرى. فإلى أي حد يمكن القول إن معيار الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والروحي .... مرهون بطبيعة الاهتمام بسؤال القراءة وما يرتبطبه..؟ لقد جربنا العديد من المقاربات السياسية، ولم تقدم لنا الحلول الناجعة الكافية، ليبقى الفعل الثقافي هو المدخل الحقيقي لإنقاذنا من هذا الوضع الكارثي الذي نعيشه. فما عدد الكتب المطبوعة ببلادنا ؟ و من يقرأ ؟ وكيف يقرأ ؟ وأين يقرأ ؟ وعمن يقرأ ؟ ..... إنها الأسئلة الجوهرية التي ينبغي طرحها و البحث من خلالها عن حلول ذات صبغة علمية وتربوية، حتى لا نسقط في المقاربات البسيطة والمؤقتة والتي ربما كانت سببا آخر في تأزيم وضعية القراءة ببلادنا. الدكتور الحبيب ناصري باحث [email protected] ""