ما الذي يحدث في مجتمعنا ؟ هل فقد المغاربة الصواب رجالا و نساء ؟ هل استحوذ علينا جميعا عالم غامض من اللاوعي كما وصفه فرويد؟ إن قراءة الصحف والاستماع إلى كلام الناس يدفع للتساؤل إلى أين يتجه مجتمعنا؟ هل سنعود أدراجنا إلى القرون الماضية ؟ هل نسمح لمختل جنسي و سجين أوهامه أن يعلن على الملإ فتاواه التي تمس كرامة المرأة المغربية وتختزل دورها في الأنثى الهائجة؟ هل من الحكمة الاستمرار في ترويج كلام رجل فاقد التوازن و خطير؟ و ما الجدوى من تأجيج المشاعر و التصرفات الكامنة في مجتمعنا المسيئة للنساء؟ هل نحن في حاجة كل هذا؟ ألا ينبغي على العكس من ذلك التصدي لهذا الصنف من فتاوي العار و التركيز على العقبات الحقيقية التي تواجه التنمية في بلدنا مثل التعليم المريض، والافتقار إلى الكفاءات، وسوء الحكامة في ممارسة الوظائف العمومية، فضلا عن غياب الديمقراطية بالمعنى الصحيح للكلمة؟ ألا ينبغي إعادة إدماج فضيلة الشك و التساؤل في برامج التدريس والانفتاح على الثقافات المختلفة؟ هل كانت فتاوي المسخ و العار ستلاقي صدى كبيرا في مجتمع متشبع بالحداثة و الانفتاح و الحرية ؟ لا شك أنها كانت لن تثير إلا شيئا من الشفقة على المعتل الذي نطق بها! نحن اليوم نجني ما زرعته السياسات الحكومية في التعليم على مدى عقود مضت، حيث ركزت على تعليم الدين انطلاقا من نصوصه و إغفال روحه، فأنبتت المدرسة جيشا من المفتين و إرهابيي الفكر بجميع أنواعهم. أيها الحداثيون استيقظوا ! لا يمكنكم البقاء في أبراج العاج تتأسفون على اضمحلال المجتمع. يجب تنظيم "جهاد" حداثي ايضا، لكي نستعمل بدورنا مصطلحا من القاموس الديني. من واجبنا السعي لضمان احترام الفرد واحترام الاختلاف. من واجبنا النضال من أجل احترام كرامة المرأة وجعل مجتمعنا أكثر مساواة ومحصنا ضد الظلامية. من واجبنا النضال لكي تصبح الكفاءة شرطا لتحمل المسؤوليات العامة، و تصبح الكفاءة والجدارة معترفا بهما لأجل مقاومة المحسوبية وسوء الحكامة. وعلينا أيضا النضال من أجل تدريس المساواة و حقوق الإنسان المعترف بها عالمياً منذ الأقسام الأولى من الدراسة. أيها الحداثيون استيقظوا. *خبيرة في القانون و مناضلة حقوق الإنسان