بعد أسابيع من إغلاق معبر الكركرات الحدودي الواقع بالصحراء المغربية من قبل ميليشيات جبهة "البوليساريو" الانفصالية، في تحدّ واضح لقرارات الأممالمتحدة، قرّر المغرب، صباح الجمعة، التحرك لطرد العصابة الانفصالية، في احترام تام للسلطات المخولة له. وخلال هذا التحرك الذي قادته القوات المسلحة الملكية المغربية، تم طرد عناصر انفصالية موالية لجبهة "البوليساريو". كما عملت هذه القوات على وضع حزام أمني، من أجل تأمين تدفق السلع والأفراد عبر المنطقة العازلة للكركرات. ويأتي تدخل القوات المسلحة الملكية بعد قيام عشرات الأشخاص على إغلاق "الكركرات" المنطقة العازلة الواقعة فوق التراب المغربي وتخريب المحور الطرقي الذي يربط المملكة المغربية بالجمهورية الإسلامية الموريتانية وتحريم حق المرور. وعلى غرار باقي المناطق المغربية، ومنذ اللحظات الأولى لإعلان عن التدخل العسكري غير العدواني عبر البيانات الرسمية لوزارة الخارجية والقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، تفاعل الرأي العام المحلي بأقاليم جهة درعة تافيلالت، خصوصا عبر وسائط التواصل الاجتماعي، معبرا عن دعمه الكامل واللامشروط لهذه العملية الشاملة دفاعا عن المصالح العليا للبلاد. كما جرى تسجيل متابعة لحظية لمجريات الأمور بمنطقة الكركرات، ولتفاعل وسائل الإعلام الوطنية والقنوات العالمية الناقلة للخبر. نزيه بركان، ناشط جمعوي من مدينة تنغير، نوّه بتدخل الجيش المغربي لتطهير منطقة الكركرات، معتبرا التدخل العسكري المغربي بأنه "صوت الرجوج الذي حاول المغرب تجنبه لأكثر من أربعة عقود، لا لشيء سوى لكي يتعقل كل مغرر به بخصوص المساس بوحدة الوطن، الذي لم نسمح به قديما وحاليا ومستقبلا"، مضيفا: "ونحن اليوم أمام هذه الهرطقات التي تتوافد علينا يمينا وشمالا من مناصري الطرح الانفصالي لا يسعنا سوى الوقوف وقفة رجل واحد، ومناصرة إخواننا المتواجدين حالا في خط النار"، مبرزا "أن الواقع الآن يقول إن جوابنا لهمجية الانفصاليين سوف يكون ما يرونه لا ما يسمعونه". من جانبه، قال موحى أوحا، الناشط الأمازيغي في جهة درعة تافيلالت، إن الحركة الجمعوية والحقوقية والأمازيغية بهذه الجهة "تلقت خبر تدخل القوات المسلحة الملكية لضمان السير العادي والآمن لحركة العبور المدني والتجاري بمعبر الكركارات الرابط بين المغرب وجمهورية موريتانيا بقدر كبير من الهيبة والتفهم والارتياح"، مؤكدا "وقوف كل مكونات المجتمع خلف القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية ونحييهم من أعماق القلب، لأننا مؤمنون بأن الوطن وسلامته وسيادته فوق كل الحسابات". وأضاف أوحا، في تصريح لهسبريس: "ومن فهمي لفكر الحركة الأمازيغية التي نعتز بمقاومتها لكل التهديدات لسلامة واستقلال الوطن كل الوطن، فإنها تعتبر نفسها الامتداد الذاتي والموضوعي للمقاومة وجيش التحرير، والمصححين لمفهوم الوطنية الحقيقية بجذورها الراسخة في أرض المغرب؛ فسياسيا، يشير المتحدث نفسه، "سنكون سندا لطي الملف وحسمه بكل الوسائل ولو كانت عسكرية رغم ما له من تكلفة على الاقتصاد الوطني وعلى التطلعات الديمقراطية للشعب المغربي في دمقرطة الحياة السياسية والتوزيع العادل للثروات". وبخصوص الشائعات التي تروجها ميليشيات الانفصال، شدد المتحدث ذاته قائلا: "نحن واعون بالحرب النفسية التي يخوضونها، وواثقون بمهنية واحترافية قواتنا المسلحة وشجاعة تكوينها وبسالة أفرادها وضباطها، وواثقون بانتصارهم، فلن يخذلونا على الحدود يوم الواجب في هذا الوقت كما لن نخذلهم هنا بالداخل". من جهته، قال عبد المجيد مزوغ، ناشط حقوقي بإقليم ورزازات، إن التدخل العسكري لصباح الجمعة بمنطقة الكركرات كان ينتظره المغاربة منذ أيام، لحجم الخسائر التي سببتها عصابة "البوليساريو" لإغلاقها معبر الكركرات منذ أسابيع، مشيرا إلى أن التدخل تم في ظروف مهنية كبيرة، دون إحداث خسائر في الأرواح. وأكد الحقوقي ذاته أن عصابة "البوليساريو" تعتبر من أبرز العصابات التي تهدد استقرار الأمن بالمنطقة المغاربية وإفريقيا بشكل عام، مشيرا إلى أن كل مكونات المجتمع المغربي وحتى الدولي ترفض الأفعال الإجرامية التي قامت بها العصابة بمنطقة الكركرات منذ أسابيع متتالية.