دأبا على نهج الآباء والأجداد من الرعيل الأول من أفراد الجالية المغربية الذين هاجروا لأسباب ظرفية وشخصية من موطنهم الأصلي، والذين بصموا مسيرتهم بمداد من الفخر واستطاعوا بفضل دماثة خلقهم أن يتأقلموا في بيئة لا تمت بصلة لواقعهم الثقافي والحضاري، وفرضوا أنفسهم كمكون له خصوصياته تحت غطاء هيأة محكمة التنظيم (الوداديات) كانت لسان حالهم للذود عن حقوقهم والدفاع عن قضاياهم الوطنية، وعلى رأسها قضية الوحدة الوطنية، يستمر الجيل الصاعد من الجالية المغربية في مواصلة الركب مع الانخراط أكثر في هيئات تهدف إلى تحقيق المساعي نفسها ولو بنظرة حماسية وأكثر شمولية اعتبارا لتكوينهم العلمي ووضعهم الاجتماعي. وفي هذا السياق وانطلاقا من الروابط المتينة بوطنهم الأم، لا يدع هؤلاء أي فرصة تمس قضيتهم الوطنية دون التصدي لها وكشف حقيقة المشكل للرأي العام في بلدان الإقامة وتذكير السلطات المعنية في هذه البلدان بالمؤامرات اليائسة والبئيسة التي ينسج خيوطها أعداء المغرب للنيل من وحدته الوطنية، وذلك في إطار ما يعرف بالدبلوماسية متعددة المسارات. ووعيا منهم بالأساليب الحقيرة التي يلجأ إليها الانفصاليون في كل مناسبة، خاصة إبان اقتراب انعقاد اجتماعات مجلس الأمن لدراسة تطورات الوضع في الصحراء المغربية وتمديد مهمة المينورسو في مراقبة استتباب الأمن في المنطقة، والاستفزازات والخروقات المفضوحة التي يمارسونها من أجل التأثير على قرارات الأممالمتحدة، والتي تتكرر بشكل مقلق؛ إذ بلغ عدد هذه الانتهاكات خلال السنة المنصرمة فقط 57 حالة، حسب ما صرح به الخبير العسكري الأمريكي الأميرال جون مولر، وأمام تواتر وتسارع الأحداث الفوضوية التي تلجأ إليها شرذمة الانفصاليين الذين يخدمون أجندة أولياء نعمتهم جنيرالات البلد الجار الذين لا يتوانوا في عرقلة المسيرة التنموية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس من خلال استراتيجية شمولية ومحكمة بوأت المملكة المراتب الأولى على المستوى القاري ومشرفة على المستوى الدولي، وقيام البوليساريو نيابة عن حكام الجزائر بعدة مناوشات في المنطقة العازلة على مستوى معبر الكركرات مستغلة في ذلك انشغال المجتمع الدولي بجائحة كورونا، وذلك لربح الوقت من أجل الحصول على المزيد من الأسلحة، خارقة في ذلك بنود اتفاق السلام المبرم مع المغرب برعاية الأممالمتحدة، (أمام كل هذا) رفع المجلس الفيديرالي المغربي الألماني، في شخص رئيسه علي السعماري، أصالة عن نفسه ونيابة عن أعضاء المكتب، عريضة إلى البوندساغ الألماني (البرلمان) تضمنت الخروقات التي تشهدها المنطقة العازلة في جنوب الصحراء المغربية التي أصبحت مسرحا لاستفزازات البوليساريو في خرق سافر للقانون الدولي وضدا عن قرارات الأممالمتحدة. كما تضمنت العريضة الوضع المزري والظروف القاسية التي يعاني منها المحتجزون الصحراويون، خاصة في هذه الظرفية بالذات التي تركزت فيها الأنظار على جائحة كورونا وتداعياتها. وهو ما أثار، في سابقة من نوعها، انتباه الصحافة الألمانية التي أبدت قلقها إزاء مآل الوضع في تندوف ومعاناة ساكنة مخيمات العار. فضلا عن ذلك، أشارت المذكرة إلى القمع الممنهج الذي يتعرض له ضحايا البوليساريو، كمنعهم من حق التنقل والتعبير والتطبيب والتعليم، وما إلى ذلك من الحقوق الأساسية المنصوص عليها في المواثيق الدولية. ولم يفوت موجهو العريضة الفرصة دون التأكيد على الجرأة السياسية والدبلوماسية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، المتمثلة في المبادرة الهادفة إلى منح المغاربة في الصحراء حكما ذاتيا. هذه المبادرة التي حظيت بمباركة غالبية المجتمع الدولي، وعلى رأسه الأممالمتحدة التي اعتبرتها ذات مصداقية وكفيلة بأن تكون الحل الأنسب والأمثل لهذ النزاع الذي عمر ما ينيف عن 44 سنة. وقد لمحت المذكرة إلى أن كل هذه المناورات تخطط لها الطغمة العسكرية التي تحاول أن تبقي الوضع في المنطقة في حالة جمود وركود ولا سلم، لإحكام هيمنتها على الشعب الجزائري الشقيق الذي سئم من احتكارها للسلطة والاستلاء على خيرات البلاد الغنية والمتنوعة، ولقمع الأصوات التي تنادي بأبسط الحقوق والحريات الأساسية. هذه الشرذمة تدعي عبثا أنها تتصرف كذلك بوازع الدفاع عن الشعوب المقهورة، في حين ليس بينها وبين ما تدعيه من مزاعم إلا الخير والإحسان، كما يقول المثل العربي. وفي هذا الصدد، نشرت الجريدة الألمانية "فرنكفورت الجماينر" مقالا في 31 أكتوبر 2020 فضحت فيه الخرق السافر لحكام الجزائر لأبسط حقوق الإنسان، وذلك بعد طردهم لمجموعة من المهاجرين الأفارقة في ظروف قاسية ولا إنسانية.