شهدت أشغال مجلس إدارة الصندوق الوطني للضّمان الاجتماعي انسحابا احتجاجيّا لممثّلين نقابيّين، مع مطالبة "الحكومة ورئيس مجلس الإدارة باحترام القرارات الديمقراطيّة لمجلس الإدارة والتعاطي الإيجابيّ مع قضايا الطّبقة العامِلة". وانسحَب ممثّلان للكونفدرالية الديمقراطية للشّغل بالصّندوق الوطني للضّمان الاجتماعيّ، قبل أن تلتحق نقابات أخرى هي الاتحاد المغربي للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والاتحاد الوطني للشغل، وفق ممثلِ للكونفدرالية بالمجلس الإداري للصندوق. ويرى ممثّلَا الكونفدرالية بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أنّ الحكومة قد "تسلّطت على قرارات المجلس، وعطّلت العديد منها، ولا سيما القرارات المتعلّقة بالزيادة في المعاشات بقيمة 5 في المائة، والرّفع من نسبة التّعويض عن الملفّات الطبية، والقَطع مع إيداع مدّخرات الصّندوق في صندوق الإيداع والتدبير، ومنح الصفة الضّبطيّة للمراقِبين بالصندوق، وتحديد مصير مصحّات الصندوق وغيرها من القرارات". ويوضّح بلاغ للمنسَحِبَين أنّ ما دفع إليه هو "رفض الحكومة، وخاصة وزارة المالية ورئاسة الحكومة، تغيير أسلوب تعامُلِها مع قرارات المجلس، والإفراط في استعمال الوصاية، والحَجر على القرارات المهمّة، التي تخدم مصالح الطّبقة العاملة والمقاولة المغربيّة، وتساهم في ضمان التّوازنات الماليّة واستدامة الخدمات في التّغطية الاجتماعيّة". ويقول عبد الفتاح البغدادي، ممثل الكونفدرالية الديمقراطية للشّغل في المجلس الإداري للصندوق الوطنيّ للضمان الاجتماعي، إنّ قرارات تحسين المعاشات، التي رفضتها الحكومة، أُخِذت "داخل المجلس الإداري، في مجلس رئيسه وزير الشغل، بتفويض عن رئيس الحكومة مما يعني أنّه ممثل عنه، في حين يقول وزير المالية ورئيس الحكومة إنّ هذا غير ممكن، وهذه القرارات ملغية"؛ ممّا يعني "وجود عدم انسجام في اتخاذ القرار". ويزيد البغدادي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: "انسحبنا كنقابة، والتحقت بنا نقابات أخرى، وانسحبنا كمتصرفّين؛ فالمجلس الإداري ثلاثي التركيبة يضم ممثلي الأجراء وأرباب العمل والدولة، وهذه الأخيرة لا تساهم بالمداخيل، بل يساهم الأجراء بجزء و"الباطرونا" بجزأين، في حين يعطي الظهير المنظم للصندوق ما يشبه "حق الفيتو" (حق النّقض) لوزارة المالية ورئاسة الحكومة، وهو ما يطرح مسألة الوصاية". ويضيف المتحدّث: "مفهومنا في الكونفدرالية عن هذه الوصاية أنّ مِن الجيد أن تكون الوزارة الوصية لتساعد الصندوق في الاتجاه الإيجابي، في حين إنّ هذه الوصايةَ حجرٌ؛ فنقرر ويرفضون تمرير القرارات". ويسترسل البغدادي شارحا: "أخذنا قرارات جريئة بالزيادة في المعاشات بخمسة في المائة، مع حدّ أدنى هو مائة درهم، بعد دراسة ومعرفة بالتوازنات، وبعدما أتينا باتفاق مسبق مع "الباطرونا" للزيادة في الإسهامات في سنة 2024 في حالة العجز؛ وهو ما ألغته وزارة المالية علما أن معاشات الصندوق لم يتم تحسينها منذ يناير 2007، أي منذ 14 سنة". ومن مشاكل الوصاية، بالنسبة للمصرّح، هو ما طرح بعد اتفاق مع الباطرونا حول تحسين مجموعة من الخدمات، مع اتفاق على الزيادة في الانخراطات في حال العجز؛ "وهو ما رفض، دون إخبارنا كمتصرفين، بل قرأناه في الجرائد كباقي الناس، بالإضافة إلى أنّ هذا هو الصندوق الوحيد المفروض علينا، مع وضع مدخراته كاملة في صندوق الإيداع والتدبير الذي يفرض نسبة 3.1، أو ما يزيد عن هذه النسبة بقليل، في حين يمكن أن نصل إلى 4.85، في صناديق أخرى عن ما يناهز 55 مليار درهم". هذا إضافة إلى أن "مدخراتنا بنسبة ثلاثة في المائة ندفع عليها ضريبة على منتوجات السوق المالية، بينما الصندوق غير ربحي ولا يجب أن ندفع ضريبة عنه". ويشدّد ممثل الكونفدرالية الديمقراطية للشّغل في المجلس الإداري للصندوق الوطنيّ للضمان الاجتماعي على أنّ "ليس من حق الحكومة ممارسة الحَجر على قرارات المجلس الإداري، فهو مستقل بقراراته"، ويزيد: "على الأقل إذا كانت هناك تحفظات، من المفروض تنظيم اجتماع نتوافق فيه، لا أن نعرف الأمور عبر الجرائد". ثم يجمل المتحدّث تصريحه لهسبريس قائلا: "الغريب هو أنّ هذا يأتي في إطار حديث رئيس الدولة عن الحماية الاجتماعية للجميع، وأشكِّك في أن الحكومة بهذا الشّكل وبهذا العمل يمكنها إنجاح هذا المشروع".