في ظلّ استمرار النّزاع الدّبلوماسيّ ما بين مدريد والرّباط حول عدد من القضايا الخلافية بما فيها مشكل "الحدود البحرية"، يتوجّس الإسبّان من أيّ خطوة يقدمُ عليها المغرب لتطويرِ قوّاتهِ العسكرية؛ وهو ما ظهر جليّاً عقبَ توقيع المملكة لاتّفاقٍ عسكري "تاريخيّ" مع الولايات المتّحدة. ولا تنظرُ الأوساط الرّسمية في مدريد بعينِ الرّضا إلى التّحديث المستمرّ للآلة العسكرية المغربية وارتباطها بالسّوق الأمريكية؛ وهو ما دفعَ، في وقتٍ سابقٍ، حزباً إسبانيّاً إلى مراسلة المشرعين الأمريكيين لحثهم على وقف صفقات سلاح صادقت عليها واشنطن لصالح المغرب، وهي صواريخ مضادّة للسفن. وتعبّر بعض الأحزاب المتطرّفة في مدريد عن قلقها من احتمال ولوجِ المملكة إلى "نادي" الدّول المصنّعة للسّلاح؛ وهو ما سيشكّل تهديداً لمصالحها الإستراتيجية والحيوية في بحر الأبيض المتوسّط والأطلسيّ. وما بين مدريد والرّباط، ملفّاتٌ كثيرة ما زالت عالقة وتنتظر الواجب "الدّبلوماسيّ" لتجاوزِ بعض النّقاط الخلافية. ويأتي الاتّفاق الأمريكي المغربي في خضمّ هذه الأزمة "الصّامتة"، وإن كانت قد خفّت تداعياتها خلال الشّهور القليلة الماضيّة. ويقرّ الجانب الإسبانيّ بضرورة الحفاظ على العلاقات قويّة مع الرّباط، على اعتبار أنّه يمثّل الحليف رقم واحد في المعاملات الاقتصادية والتّجارية. وعلى الرّغم من الخلافات المستمرّة، فإنّ الجانبين استطاعا تجاوز صفحات الخلاف، بنهجِ لغة الحوار والتّشاور والتّحكيم الدّبلوماسي. وليست هذه المرّة الأولى التي يتوجّس فيها الطّرف الإسبانيّ من أيّ خطوة مغربية في مجال تحديث الصّناعات العسكرية وتأهيلها؛ فقد سبق لبعض الأوساط في مدريد عن عبّرت عن قلقها من اقتناء القوّات المسلّحة الملكية ل 36 طائرة هليكوبتر أباتشي وأكثر من 200 دبابة قتالية من طرازM1 Abrams وطائرة نقل. ويشيرُ خبراء إسبان، في تصريحات لوسائل إعلام إيبيرية، إلى أنّ "التّحديث العسكري المغربي سيفتحُ الباب أمام المملكة لولوج نادي الدّول التي تملكُ طائرات من الجيل الرابع مع رادارات من نوعAESA ، تشبه إلى حد بعيد تلك المركبة على F-35، جوهرة الجيل الخامس من الجيش الأمريكي". ووقّعت الرباطوواشنطن على اتفاق عسكري ممتد على عشر سنوات (2020-2030)، يبْتغي تعزيز الشراكة الدفاعية الإستراتيجية بين البلدين، خاصة في ظل التعاون الثنائي المُثمر طيلة السنوات الأخيرة؛ فقد تحولت المملكة إلى زبون دائم ل"بلاد العم سام" في ما يتعلق بصفقات التسلّح. ووفق منشورات إعلامية لوزارة الدفاع الأمريكية، فإن الاتفاق الثنائي يسعى إلى تعزيز الدور الريادي للمغرب في محاربة الظواهر الإرهابية ب"القارة السمراء"، وإدماجه في المعادلة العسكرية الدولية، وتطوير الشراكة الأمنية الوثيقة بين العاصمتين.