انتقلت القوّات المسلّحة الملكية إلى الفعل الميداني في الصّحراء المغربية، بعد التّطورات التي شهدتها منطقة "الكركرات" العازلة، واعتزام موالين لجبهة البوليساريو نقلَ عتاد وخيامٍ بالقرب من المعبر الحدودي، حيث حلّ الجنرال دكور دارمي عبد الفتاح الوراق، المفتّش العام للقوّات المسلحة، أمس الخميس، بالمنطقة الجنوبية وبالضّبط بالجدار الأمني. وقد حلّ المسؤول العسكري بالجدار الأمني، مرفوقا بعدد من المسؤولين العسكريين بالمنطقة وآخرين تابعين للقيادة العليا، للاطلاع عن كثب على الوضع هناك، في وقتٍ تشهدُ منطقة الكركارات الحدودية تطوّرات ميدانية، عقبَ تحرّك "البوليساريو" لفرضِ اعتصامٍ بالخيام وسط المعبر، في خطوة تهدف إلى تكرار سيناريو مخيم "أكديم إيزيك". وتخيّم التّطورات الميدانية في منطقة الكركرات على المشهد السّياسي والبرلماني المغربي، خاصة أنّها تأتي في سياق قرب انعقاد الجمعية العامة بالأممالمتحدة، وخصوصا مع اقتراب موعد التصويت على تقرير مجلس الأمن بخصوص بعثة "المينورسو". وتواصل جبهة "البوليساريو" الانفصالية التّحضير لمخططها بالمعبر الحدودي، إذ أظهر شريط تنقل عشرات الصحراويين بسيارات رباعية الدفع في اتجاه معبر الكركرات؛ وهو ما يندر بتطورات ميدانية ورد فعل مغربي قد يكون حازماً هذه المرة تجاه الاستفزازات المتكررة. تحرّك ميداني يؤكّد محمد شقير، الخبير في الشّؤون العسكرية والأمنية، أنّ "تنقّل الجنرال دوكور دارمي إلى المنطقة العازلة يأتي في سياق يحكمه تحرّك على مستوى الأممالمتحدة (الجمعية العامة) وتدخّل الرّئيسين الجزائري والجنوب الإفريقي، اللذين تناولا موضوع الصّحراء"، مبرزاً أنّ "هذه الزّيارة تتزامن مع تحركات ميدانية على مستوى منطقة الكركرات". وأضاف شقير، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنّ "الجبهة تلوّح إلى إمكانية العودة إلى حمل السّلاح خاصة في ظلّ الفراغ الأممي في الصّحراء، حيث لم يتم تعيين مبعوث خاص إلى حدود اللحظة"، مبرزاً أنّ "الأمر يتعلّق بزيارة أعلى مسؤول في الجيش بعد الملك محمد السّادس، القائد الأعلى للقوات ورئيس أركان الحرب". وشدّد شقير على أنّ "هذه الزّيارة تعطي دعماً معنويا للقوّات المغربية المرابطة إلى جانب الجدار الأمني"، مبرزا أنّ "السّلطات العليا في البلاد تولي أهمية كبرى لموضوع الصّحراء، وتريد إرسال رسالة سياسية بأنّها تتحكم في الوضع ومستعدّة لأيّ تحرك في الصّحراء". من جانبه، اعتبر خطري الشرقي، الباحث في قضايا الصّحراء، أنّ "الزيارة الميدانية للجنرال المفتّش العام للقوات المسلحة للاطلاع على تفاصيل جاهزية القوات المسلحة، وهو إجراء روتيني دأب القادة العسكريون على القيام به"، مستدركاً قوله: "لكن الذي ميز هذه الزيارة في هذا الوقت هو تنامي التداعيات المرتبطة بالمنطقة العازلة والمعبر الحدودي الكراكرات وقيام الجزائر بمناورات عديدة مؤخرا وتصاعد حدة خطاب القادة الجزائريين اتجاه المغرب". وأوضح خطري، في تصريح لجريدة هسبريس، أنّ "الأمر مرتبط بتدابير تطبيق الاستراتيجية الوطنية للدفاع، والتي بدأت بوادرها تتضح أكثر مع إعادة تحديث العدة والعتاد وإقامة صناعات عسكرية وعقد صفقات مع دول عديدة". وأبرز أنّ الزّيارة الحالية "رسالة واضحة المعالم حول أن المغرب مستعد لجميع السيناريوهات التي قد تكون مستبعدة؛ ولكن مع الوضع القائم في منطقة الساحل والصحراء، خصوصاً في ليبيا ومالي وأزمة الداخلية الجزائرية، أصبح لزاما القيام بتدابير لتقويض جميع التهديدات، سواء التقليدية أو غير التقليدية والتي بإمكانها تقويض استقرار المغرب". وقال المحلل ذاته إنّ "يمكن تقديم قراءتين لهذه الزيارة؛ الأولى طبيعية عبر الوقوف على جميع عناصر جاهزية القوات المسلحة، والثانية تحذيرية واستشرافية موجهة لاحتواء إلى من يحاول المساس بأمن المغربّ وتبعث رسائل واضحة مرتكزة على الدفاع عن وحدة المملكة المغربية واستقرارها".